في غالبية دول العالم تعتبر مؤسسات المجتمع المدني خاصة المهنية منها، القوة الناعمة التي تساعد الحكومة في العديد من الملفات سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي، ذلك ان حراك هذه المؤسسات لا يرتبط بسلسلة الإجراءات او البيروقراطية التي اعتادت عليها الأجهزة الحكومية، انطلاقا من منظومة العمل الإداري او المالي الذي تقوم عليه، والذي يتطلب ان يمر بعدد من المراحل وصولا إلى التطبيق والتنفيذ، خلافا لهذه المؤسسات التي بطبيعة الحال يسهل وصولها وكذلك إبداء وجهات نظرها والرد على من يحاول بث بعض المغالطات التي تسئ او تحاول النيل من الوطن والمجتمع، فحراكها وان كان مقيدا بالتوجهات العامة التي تحكمها أنظمة وقوانين الدولة، إلا أنه اكثر مرونة ومصداقية عند المنظمات الدولية التي تراقب عددا من المؤشرات وفي مقدمتها الحريات وحقوق الإنسان. اننا لا نجافي الحقيقة إذا قلنا ان هناك العديد من المؤسسات لا تعي حتى الآن دور مؤسسات المجتمع، بل ربما الغالبية من المسؤولين لا علم لديهم بأن هناك مؤسسات من هذا النوع، والبعض الأخر يعلمها ولكن لا يعلم بالأدوار التي تقوم بها، إلا ان كل ذلك لا يمثل اثرا كبيرا امام من يعلمها ويعلم دورها وأهدافها، ومع ذلك يحاول ان يعرقل ذلك بطرق مختلفة ويلبسها عباءة العمل بالنظام الاداري والمالي الذي يحكم المؤسسات الحكومية، من خلال التدخل المستمر في حراكها والحد من أنشطتها وبرامجها التي في الأساس وضعت وفق منهجية لخدمة اعضائها، فضلا عن فرض الوصاية والتهديد باستخدام بعض الأدوات القانونية غير الواضحة، في حال ارادت تلك المؤسسات المضي في الاستجابة للقيام بالأنشطة التي تخدم الأعضاء التي تتعارض مع فكر المسؤول في الجهة المعنية بالإشراف عليها. وفي ظل هذا الاحتواء السلبي والتدخل المستمر والرقابة المشددة، فانه يخشى على مؤسسات المجتمع المدني خاصة المهنية منها، التراجع في ترجمة اهدافها واداء رسالتها وفقا للرؤية التي انشئت من اجلها لمساعدة الحكومة ليس فيما تتحفظ بالتصريح عنه فقط، وانما في تنفيذ انشطة وبرامج داعمة للجهد الحكومي، فالمتطوع الذي سخر وقته وجهده لخدمة مجتمعه من خلال هذه النافذة، لا نستبعد ان يصل إلى درجة ترك هذا العمل وبالتالي يخسر المجتمع احد اذرعه المهمة، فلنترك الجمعيات او مؤسسات المجتمع المدني لمدنيتها ومهنيتها، والدفع بها لتحقيق المزيد من النجاحات والتواجد المستمر على الصعيد المحلي والدولي.
طالب بن سيف الضباري