الأربعاء 02 يوليو 2025 م - 6 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

فن الدبلوماسية .. إتيكيت وكاريزما المرأة

فن الدبلوماسية .. إتيكيت وكاريزما المرأة
الثلاثاء - 01 يوليو 2025 05:41 م

د. سعدون بن حسين الحمداني

10

أكَّدتِ المدرسة الدبلوماسيَّة الإسلاميَّة ورسولنا الكريم على مكانة المرأة في المُجتمع ولم يحدِّد (عَلَيْه أفضل الصَّلاة والسَّلام) بأنَّها نِصف المُجتمع وإنَّما من خلال التَّحليل والدِّراسة التَّاريخيَّة لحياة رسولنا الكريم فقد أعطى لها مكانة جوهريَّة في المُجتمع وهو أعلى بكثير من بعض العادات والأعراف القبليَّة المتعصِّبة والَّذي يجعلها في زاوية لا ترى حتَّى نور الحياة، فكان الخطُّ الثَّاني لغزوات الرَّسول من النِّساء للأعمال اللوجستيَّة والطّبابة وحتَّى قَبل وفاته في حجَّة الوداع قال: (استوصوا بالنِّساء خيرًا) أوصى بهنَّ لجوهرهنَّ الأساس في الحياة. وفي عصر الخليفة عمر بن الخطَّاب (رَضِيَ الله عَنْه) كلَّف امرأة للإشراف على السُّوق والبيع والشِّراء، وهي الشفاء بنت عبدالله العدويَّة، وكانتْ أوَّل امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ الإسلام. تركِّز المدارس الدبلوماسيَّة المُتخصِّصة في علوم الإدارة الحديثة ومفاهيم البروتوكول والإتيكيت إلى كيفيَّة صناعة أو صقل مهارات المرأة وتجعلها قياديَّة نموذجيَّة في بَيْتِها قَبل دوامها بالجهات الحكوميَّة أو القِطاع الخاصِّ والمختلط بكُلِّ صفات الإيجابيَّة والَّتي لها مردودات كبيرة على شخصيَّتها الَّتي تعمل فيها، وهذا لا يأتي إلَّا بدخول معترك الحياة الأكاديميَّة المُتخصِّصة بالمهارات الدبلوماسيَّة والخبرة المحنّكة والَّتي تأتي بالدَّرجة الأساس من الرَّغبة في استلام مهام ومسؤوليَّات في غاية الأهميَّة، وقد دمجتِ المعاهد والمدارس الدبلوماسيَّة صفات المرأة القياديَّة بضرورة المرور بمثَّلث الحياة وهو (فنُّ الدبلوماسيَّة، الإتيكيت، والبروتوكول) لأنَّ من المستحيل أن تتبوأَ أيُّ امرأة منصبًا رفيع المستوى أو حتَّى رئيس قِسم وهي ليسَتْ لدَيْها معلومات على فنِّ الإتيكيت والبروتوكول، والخطأ الشَّائع للجميع بأنَّ الإتيكيت شيء بسيط لا تحتاجه المناصب الوظيفيَّة ناسين أو متناسِين بأنَّ فنَّ الإتيكيت في الدوَل الأوروبيَّة، وخصوصًا الغربيَّة، يُعَدُّ الحجر الأساس للمرأة لِتتبوأَ مناصبَ ومهامَّ في غاية الأهميَّة بسبب معلوماتها الثريَّة بفنِّ الإتيكيت الحكومي والاجتماعي والبروتوكول، كما بدأتْ تضع الحجر الأساس في العائلة والتَّربية الصَّحيحة والأصيلة وتغذيتها بالمعلومات الرَّصينة والحكيمة بعيدًا عن حُب الأنا والتَّكبُّر، وبدأتْ تركِّز على المثَّلث الآخر الدَّاعم لشخصيَّتها في أعلاه وهو:(الكفاءة، الإدارة، القيادة). المدرسة الدبلوماسيَّة اليابانيَّة والألمانيَّة واقتبستها المدرسة الإنجليزيَّة تؤكِّد أنَّ العمل هو تحصيل حاصل منذُ جلوسك على طاولة المكتب، وبدأتْ بعض الجامعات البريطانيَّة تطوِّر هذا المفهوم، وجعلت زوايا المثَّلث (إنجاز، إبداع، كفاءة) هي من سِمات كاريزما المرأة القياديَّة في إنتاجيَّة العمل اليومي مهما كان نَوْعه، وركَّزتْ بأنَّ على المرأة أن تنسَى أو تضعَ جانبًا مشاكلها أو حياتها الشَّخصيَّة اليوميَّة وهي تتوجَّه إلى العمل، وتبدأ بجدولة ساعات العمل لغرضِ الإنتاج والإبداع، وعَلَيْها تقييم عملها من حيثُ الجودة والكفاءة، ويُعَدُّ هذا اليوم هو بمثابة سلَّم الصُّعود لليوم الثَّاني ووصولًا إلى سِمات القيادة الرَّشيقة. من أهمِّ سِمات شخصيَّة المرأة القياديَّة: الابتعاد عن الاحتكاك اللَّفظي مع الآخرين، الابتعاد عن الأنا ودكتاتوريَّة القرار، الابتعاد عن حُبِّك للمنصب، الابتعاد عن الانطواء بالمكتب، الابتعاد عن الغرور والتَّكلُّم عن المنجزات الشَّخصيَّة، الابتعاد عن المبالغة في الكلام، الابتعاد عن التَّباهي بالممتلكات الشَّخصيَّة كالملابس والذَّهب والإكسسوارات والحقيبة والسَّاعة.. وغيرها، الابتعاد عن التَّكلُّم بصوتٍ عالٍ، الابتعاد عن تقريب أو تفضيل أحَد الموظَّفِين عن البقيَّة، الابتعاد عن توبيخ أحَد الموظَّفِين أمام الجميع، الابتعاد عن الاستفسار عن جدول الأعمال اليومي من المنسّقة أو مدير المكتب، الابتعاد عن استخدام المكياج الصَّارخ، الابتعاد عن الملابس الضيِّقة وذات الألوان الشعاعيَّة غير المناسبة، تجنُّب عدم الالتزام بساعات العمل، تجنُّب المشاعر والأحاسيس المبالغ فيها أثناء العمل، تجنُّب المزاح والجلوس مع الموظَّفِين بفترات طويلة. كما تؤكِّد المدارس الدبلوماسيَّة المُتخصِّصة بفنِّ البروتوكول والإتيكيت أنَّ المرأة هي مرآة عاكسة لِدَولتها وحكومتها وشخصيَّتها وعائلتها وتربيتها؛ لذلك عَلَيْها الاهتمام بالنّقاط الآتية: عدم تناول العلكة في الفَمِ لأيِّ سببٍ كان، عدم وضع الأرجُل الواحدة فوق الأخرى، مراجعة محتويات حقيبة المؤتمر من حيثُ أوراق وأجندة البرنامج، حاذري من لبس الكعب العالي، وخصوصًا في قاعات غير المفروشة بالسجَّاد، حاذري من لبس العباءة الطَّويلة جدًّا والَّتي قد تتعثر أثناء صعود السَّلالم أو المشي السَّريع، إتيكيت تبادل البطاقة الشَّخصيَّة بالفعاليَّات الرَّسميَّة والاجتماعيَّة، الالتزام الكامل بإتيكيت الطَّعام وتسلسله عدم الثَّرثرة أو الكلام الجانبي مع البقيَّة.

د. سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت