الأربعاء 02 يوليو 2025 م - 6 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

أضواء كاشفة: نحو التوسع الاقتصادي وريادة الأعمال

أضواء كاشفة: نحو التوسع الاقتصادي وريادة الأعمال
الثلاثاء - 01 يوليو 2025 05:38 م

ناصر بن سالم اليحمدي

يُعَدُّ برنامج الامتياز التِّجاري الَّذي تتبنَّاه الدَّولة منذُ عام 2023 ـ حينما دشَّنت غرفة تجارة وصناعة عُمان نسخته الأولى ـ إحدى الأدوات الفاعلة لتعزيزِ النُّمو الاقتصادي ودعم ريادة الأعمال.. كونه يتيح لروَّاد الأعمال والمستثمرِين العُمانيِّين فرصة للتَّوَسُّع داخليًّا وخارجيًّا.. ويكفي أنَّه حتَّى الآن تمكَّن هذا البرنامج من التَّوقيع على (110) اتفاقيَّات منح امتياز تجاري في (16) دَولة حَوْلَ العالَم.. وهو ما يدلُّ على نجاحه في تحقيق أهدافه. ومؤخرًا أطلقتْ غرفة تجارة وصناعة عُمان النُّسخة الرَّابعة من برنامج الامتياز التِّجاري بهدف تطوير (25) علامة تجاريَّة عُمانيَّة من خلال تقديم الدَّعم المناسِب لأصحاب هذه العلامات التجاريَّة.. فكما صرَّح المسؤولون في الغرفة سيتمُّ تقديم حزمة متكاملة من الخدمات تشمل التَّدريب والاستشارات والزِّيارات الميدانيَّة بما يَضْمن جاهزيَّة هذه المشروعات للانتقال إلى نموذج الامتياز التِّجاري. لقد أثبتَ نظام الامتياز التِّجاري نجاحه في العديد من القِطاعات على المستوى العالَمي، وبإذن الله سيثبت نجاحه أيضًا على المستوى العُماني.. فالمنتج العُماني لا يقلُّ جودة عن مثيله في أيِّ دَولة أخرى وبإمكانه المنافسة بقوَّة في كافَّة الأسواق؛ لأنَّه يمتاز بالدقَّة والجودة والكفاءة والخدمة الممتازة.. وإذا نظرنا للمطاعم والمقاهي والخدمات اللوجستيَّة وغيرها ممَّا تُقدِّمها الشَّركات العالَميَّة بنظام الفرانشايز أو الامتياز التِّجاري نجد أنَّها نجحتْ في التَّوَسُّع دُونَ الحاجة إلى تحمُّل التَّكاليف الكاملة لهذا التَّوَسُّع.. وهذا ما سيجنيه المستثمرون العُمانيون حيثُ بإمكانهم اقتحام السُّوق بثقة، وتحقيق الانتشار السَّريع لعلامتهم التجاريَّة وزيادة حصَّتهم في السُّوق باقتدار. إنَّ برنامج الامتياز التِّجاري يُعَدُّ ركيزةً أساسيَّة لتحقيقِ التَّنويع الاقتصادي وتمكين روَّاد الأعمال وخلق فرص استثماريَّة جديدة لهم إلى جانب تحفيز الابتكار وتوفير بيئة تساعد على تحقيق النُّمو المستدام في القِطاعات المختلفة، ونقل الخبرة من الشَّركات الكبيرة إلى المستثمرين الصِّغار وبناء شبكة واسعة من الفروع والموزِّعين تحت مظلَّة العلامة التجاريَّة الَّتي تحمل اسم سلطنة عُمان في كُلِّ مكان داخليًّا وخارجيًّا.. وهذا ما تسعَى له الدَّولة ويتماشى مع الرُّؤية المستقبليَّة «عُمان 2040». لا شكَّ أنَّ برنامج الامتياز التِّجاري فرصة ذهبيَّة يَجِبُ أن يستفيدَ مِنْها روَّاد الأعمال لتوسيع أعمالهم وتعريف العالَم أجمع بمنتجاتهم.. ونحن على ثقة بأنَّهم يستطيعون خلق علامات تجاريَّة قادرة على المنافسة في الأسواق الخليجيَّة والعربيَّة والإقليميَّة والعالَميَّة.. وهذا بالتَّأكيد سينعكس بالإيجاب على مكانة الاقتصاد العُماني، ويضع اسم السَّلطنة على خريطة الامتياز التِّجاري الدّولي وسنرَى شعار «صنع في عُمان» في كُلِّ مكان. في عصر يتسارع فيه التَّطوُّر التكنولوجي بوتيرة غير مسبوقة برز الذَّكاء الاصطناعي كواحد من أهم الإنجازات العلميَّة الَّتي تُعِيد تشكيل العالَم من حَوْلِنا.. فقد أصبح جزءًا لا يتجزأ من العديد من جوانب الحياة اليوميَّة بدءًا من الهواتف الذكيَّة ومساعدي الصَّوت، ووصولًا إلى أنظمة التَّشخيص الطبِّي وتحليل البيانات الضَّخمة وصناعة القرار في مؤسَّسات كبرى.. ومع هذا الانتشار المتزايد تبرز الحاجة الملحَّة لمناقشة الجانب الأخلاقي لاستخدام الذَّكاء الاصطناعي من منطلق الحرص على حقوق الإنسان وحماية المُجتمعات من التَّمييز أو الإقصاء أو الانتهاك. ومؤخرًا تمَّ عَقد منتدى اليونسكو الدّولي لأخلاقيَّات الذَّكاء الاصطناعي 2025 بالعاصمة التايلانديَّة بانكوك والَّذي شاركتْ به سلطنة عُمان بهدف بحثِ أُطر الحوكمة الأخلاقيَّة للتقنيَّات المتقدمة.. وقد تقدَّم الباحث أيوب بن محمد البلوشي المحاضر بجامعة التقنيَّة والعلوم التطبيقيَّة بورقة بحثيَّة تمَّ اختيارها من ضِمن أفضل أوراق العمل المشاركة في أعمال المنتدى ونالت جائزة تكريميَّة من المنظِّمين برعاية جامعة بوراڤا التايلنديَّة؛ وذلك لِمَا تميَّزتْ به من أصالة علميَّة ورؤية بحثيَّة تُسهم في تعزيز ممارسات الذَّكاء الاصطناعي الأخلاقيَّة. إنَّ الإقبال على استخدام تقنيَّات الذَّكاء الاصطناعي أنسى الكثيرين ضرورة احترام الخصوصيَّة، والالتزام بالمبادئ الأخلاقيَّة والقانونيَّة الَّتي ينبغي اتِّباعها أثناء استخدامه.. ومع التَّوَسُّع المتسارع في استخدام الذَّكاء الاصطناعي نخشى ألَّا يكُونَ هناك استخدام أخلاقي ومسؤول لذلك لا بُدَّ من وضع أُطر تنظيميَّة وتشريعيَّة توازِن بَيْنَ الابتكار والحماية.. كما يَجِبُ إشراك خبراء من مجالات مُتعدِّدة تشمل التقنيَّة والقانون والفلسفة وحقوق الإنسان في صياغة السِّياسات المرتبطة بهذه التكنولوجيا. إنَّ الذَّكاء الاصطناعي ليس مجرَّد أداة تقنيَّة.. بل قوَّة فاعلة يُمكِن أن تؤثِّرَ إيجابًا أو سلبًا في المُجتمعات وفْقًا لطَّريقة استخدامها.. ومن هنا فإنَّ التَّحدي الأكبر ليس في تطوير هذه التكنولوجيا، بل في تسخيرها لخدمة البَشَريَّة بما يُحقق قِيَم العدالة والكرامة والحُريَّة.. فبناء مستقبل آمِن ومستدام في ظلِّ الثَّورة الرقميَّة يبدأ من تأسيس قواعد أخلاقيَّة راسخة تحكم علاقتنا بالتقنيَّات الَّتي نصنعها.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني