الثلاثاء 24 يونيو 2025 م - 28 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

شراع: مبررات كافية من المحارب ترامب

شراع: مبررات كافية من المحارب ترامب
الأحد - 22 يونيو 2025 05:34 م

خميس بن حبيب التوبي

20

يُدشِّن العدوان الأميركي المباشر على الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة فجْرَ أمس الأحد ذروةَ لعبةِ الحرب الَّتي يَقُودُها المحاربان «نتن ياهو» رئيس حكومة الاحتلال الصُّهيوني ودونالد ترامب رئيس الولايات المُتَّحدة، بعد أن سبَقَتْه رمايات صهيونيَّة تمهيديَّة مُتعدِّدة في بروفة أوَّليَّة كانتْ بإيعاز من المحارب ترامب بهدف تليين الجغرافيا الأمنيَّة والسِّياسيَّة والعسكريَّة داخل الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة، وجعلها رخوةً تسمح تاليًا بدخول المحارب الأميركي مباشرة لتغيير النِّظام وفْقَ المُخطَّط الصُّهيوـ أميركي الغربي لِتَغييرِ خريطة الإقليم أو ما يُسمُّونه الشَّرق الأوسط، بتهشيم القوى الإقليميَّة المتبقِّية الَّتي لا تزال تُمثِّل تهديدًا حقيقيًّا ليس لكيان الاحتلال الصُّهيوني وَحْدَه، وإنَّما لبقاء الولايات المُتَّحدة القطب الأوحد في العالَم، والاستعمار الغربيِّ عمومًا، وهو تهشيم تُصبح فيه شعوب الإقليم عبيدًا لهذه القوَّة الاستعماريَّة الإمبرياليَّة الغاشمة وأداتها كيان الاحتلال الصُّهيوني. إنَّ الدُّخول المباشر للمحارب ترامب يؤكِّد كُلَّ ما قِيل عن الدَّوْر الأميركي الحقيقي في العدوان الصُّهيوني على إيران، ولكنَّه في الوقت ذاته يرسم خطًّا فاصلًا بَيْنَ الوقائع على الأرض والتَّهوُّر العسكري والسِّياسي الَّذي تَسير عَلَيْه منظومة التَّهوُّر الصُّهيو ـ أميركي يتجاوز المسكوت عَنْه إيرانيًّا؛ لِيقُودَ إلى نتائج ومؤشِّرات عدَّة: أوَّلها: مِثلَما أعطَى العدوان الصُّهيوني على الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة تفويضًا شَعبيًّا للقيادة في الجمهوريَّة الإسلاميَّة للتَّصدِّي للعدوان وإلحاق الأذى والألَم بالعدوِّ الصُّهيوني، والانتقام للقادة العسكريِّين والعُلماء النَّوويِّين الَّذين اغتالَتْهم آلةُ الإرهاب الصُّهيونيَّة، يُعطي العدوان الأميركي المباشر على المنشآت النَّوويَّة في فوردو ونطنز وأصفهان المُبرِّرات الكافية للسَّير قُدُمًا لطهران نَحْوَ امتلاك السِّلاح النَّووي؛ لأنَّها غدَتْ تَعْلَمُ يقينًا أنَّ هذا العدوان لن يقفَ عِندَ هذا الحدِّ، وإنَّما هو مجرَّد بداية حتَّى إسقاط النِّظام وتمزيق إيران والإتيان بنظامٍ موالٍ كما جرَى في الدوَل العربيَّة المستهدَفة بالعمل العسكري الصُّهيوـ أميركي الغربي المباشر منذُ بداية الألفيَّة وحتَّى اليوم. وعَلَيْه لن يوقفَ هذا المُخطَّط سوى إعلان طهران امتلاكها السِّلاح النَّووي لِرَدعِ المُعتدِين. ومن الوارد أنَّ طهران كانتْ تبحثُ عن ما يُعطيها المُبرِّر للسَّير نَحْوَ ذلك. ثانيها: إنَّ الولايات المُتَّحدة بقيادة محاربها ترامب تؤكِّد مُجدَّدًا أنَّها لا تُقِيم أيَّ وزنٍ أو ذرَّة اعتبار لهذا الإقليم الَّذي تنهبُ ثرواته وأمواله ومصادره من الطَّاقة الَّتي تُدير تروس مصانع السِّلاح وتروس الاقتصاد الأميركي، وكأنَّ واقع الحال أنَّ ما تنهبه بالسِّلم أو العسكرة من أموال دوَل الإقليم وثرواتها تُموِّل به حروبها على دوَل الإقليم ذاته. وكما هو معلوم أنَّ خطر التَّسرُّب الإشعاعي أوَّل مَن سيتضرَّر به هو شُعوب الإقليم، فضلًا عن ردَّات الفعل الانتقاميَّة الإيرانيَّة الَّتي ترى مشروعيَّة ردِّها على مصادر العدوان وأماكن انطلاقه. ثالثها: إنَّ أيَّ تراجع من قِبل الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة في تصدِّيها للعدوان، وردِّ الاعتبار والانتقام لِمَا أصابها من أذًى، سيُعِيدَ إنتاج الحالة ذاتها للمقاوَمة الإسلاميَّة في لبنان، والَّتي قَبِلَتْ باتِّفاق إطلاق النَّار، مقابل إطلاق يد العدوِّ الصُّهيوني الَّذي يستبيح صباح مساء السِّيادة اللبنانيَّة، ويُهدِّد رموز المقاوَمة وسلاحها؛ لذلك التزام إيران بأُسلوب الحزم والتَّحدِّي على غرار أُسلوب جماعة أنصار الله في اليمن من شأنه أنْ يجعلَ الأعداء يُعِيدُونَ حساباتهم، وإرغامهم على استجداء التَّفاوض، فضلًا عن أنَّ الإمكانات العسكريَّة الإيرانيَّة لا تُقارَن بإمكانات أنصار الله. رابعها: من المُهمِّ والعاجل جدًّا أنْ تعملَ طهران على تطهير الأرض الإيرانيَّة من العملاء والخونة والجواسيس، ومنْعِ الأعداء من إعادة بناء خلايا نائمة من هذا النَّوع؛ لِمَا سيُمكِنها (عمليَّة التَّطهير) من التَّفرُّغ الكامل لمواجهة أعدائها. خامسها: هذا الانتهاك الصُّهيوـ أميركي الغربي للسِّيادة الإيرانيَّة ليس استثناءً أو مقتصرًا على إيران، وإنَّما مُخطَّط كبير سيمتدُّ لِيطولَ باكستان ومصر والجزائر وتركيا. كما أنَّ النَّجاح في تفكيك بنية النِّظام والبنية العسكريَّة والصَّاروخيَّة للجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة سيعني تهديدًا مباشرًا وخطيرًا لجمهوريَّة الصِّين الشَّعبيَّة وروسيا الاتحاديَّة؛ لن يكُونُ لَهما بعد ذلك موطئ قَدَمٍ في هذا الإقليم. سادسها: إنَّ المزاعم الَّتي ساقَها الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المُتَّحدة وبريطانيا تجاه العراق والأدوار المشبوهة للجان التَّفتيش هي ذاتها اليوم تتكرر حيال إيران؛ لِتَبريرِ العدوان وانتهاك ميثاق الأُمم المُتَّحدة. من حقِّ المحارب ترامب أنْ يُفاخِرَ بعملِه العدواني، وبمحاربِيه الَّذين نفَّذوا عمليَّة الاستهداف للمنشآت النَّوويَّة الإيرانيَّة، بَيْدَ أنَّ التَّاريخ قدَّمَ لنَا الكثير من المحطَّات العدوانيَّة الَّتي تباهَى بها المحاربون الأميركان في جهات الأرض الأربع ضدَّ الشُّعوب الطَّامحة إلى الحُريَّة والاستقلال والسِّيادة والتَّنمية الشَّاملة، وخاتمة هذا التَّفاخر والتَّباهي البكاء المرير، فـ»مَن يضحك أوَّلًا يبكي آخرًا».. وهذا ما نأمله اليوم.

خميس بن حبيب التوبي

[email protected]