الأحد 22 يونيو 2025 م - 26 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

أصداف: ما بعد الصدمة «مختلف»

أصداف: ما بعد الصدمة «مختلف»
الأحد - 22 يونيو 2025 05:28 م

وليد الزبيدي

يُطلق بطل فيلم (brothers) العائد من الحرب في أفغانستان صرخة تختصر الكثير من ما زخر به هذا العمل الدرامي الأميركي، تساءل (هل يُمكِنني العيش مرَّة أخرى)؟ لماذا تختلف أعراض ما بعد الصَّدمة في هذا الفيلم عن الكثير من الأحداث الَّتي تناولتها أفلام الحرب في العراق وأفغانستان؟ شاهَدْنا الكثير من تلك الأفلام الَّتي يعاني فيها الجنود والمجنَّدات من أهوال الحرب، وقوَّة الانفجارات الَّتي تُخلِّفها هجمات المقاوِمين الَّذين يتصدّون للقوَّات الأميركيَّة، سواء كان في أفغانستان أو العراق، مع الإشارة إلى أنَّ هوليوود قد ركَّزتْ أكثر على الميدان العراقي، ويُعاني هؤلاء تلك الأعراض بعد عودتهم إلى الدِّيار؛ بسبب قتلهم لطفلة أو عوائل خلال المداهمات أو في نقاط التَّفتيش الَّتي تنتشر فيها قطعاتهم في الطُّرقات، «وتصوِّر» هوليوود هؤلاء «من زاوية إنسانيَّة» لتسويقِ الشَّخصيَّة الأميركيَّة بما يتناقض تمامًا مع سُلوكيَّاتهم البشعة مع العراقيِّين والأفغان. في قصَّة فيلم «الإخوة» يختلف الأمْر عن قصص الأفلام الأخرى، ما يتسبَّب بدمار عائلة النَّقيب في قوَّات المارينز، فبعد توديع زوجته وطفلتَيْه الجميلتَيْنِ، يغادر ملتحقًا بوحدته العسكريَّة في أفغانستان، وبَيْنَ الجبال الوعرة تشنُّ المقاوَمة الأفغانيَّة هجومًا على المروحيَّة الَّتي تقلُّ ضباطًا وجنودًا أميركيِّين، ما يتسبب بإسقاط المروحيَّة، ويقع النَّقيب وزميله أسرى بِيَدِ الرِّجال الأفغان، وكما هو معتاد عِندَ إبلاغ عوائل القتلى في الحرب يقرع الباب مبعوث وزارة الدِّفاع الأميركيَّة ومعه أحَد القساوسة، وقَبل أن ينطقا بشيء تدرك زوجة النَّقيب أنَّ هذيْنِ يحملان الخبر المشؤوم. على الطَّرف الآخر يتعامل الأفغان مع الأسيرَيْنِ الأميركيَّيْنِ، في حين اعتقد الجيش الأميركي أنَّهما قُتلا ولم يتمكَّنا من العثور على جثَّتيهما. بعد التَّحقيقات معهما يكتشفان أنَّ زميل النَّقيب ليس بذي فائدة، ونتيجة للحقد الهائل في دواخل الأفغان نتيجةً لجرائم الجيش الأميركي بحقِّ الرِّجال والشُّيوخ والأطفال والنِّساء، يأمرون النَّقيب بقتل زميله الأميركي بقضيب حديدي، ولم يجدِ النَّقيب مخرجًا للبقاء على قَيْدَ الحياة على أملٍ ضعيف جدًّا بالعودة إلى زوجته وطفلتَيْه، فيُهشِّم رأسه بعد أن ينهالَ عَلَيْه بضربات عنيفة متتالية، وبَيْنَما هو محتجز داخل حفرة عميقة تصل طائرات أميركيَّة في جولات دائمة، ويُطلق الحرَّاس النَّار على الطَّائرة فتردُّ عَلَيْهم وتقتلهم، ويتمكن النَّقيب من الفرار والوصول إلى أقرب دَوْريَّة عسكريَّة أميركيَّة، يصل الخبر إلى أهله ويفرحون بعودته إِلَيْهم بعد أن كان في عداد الموتى. يعقد مؤتمرًا صحفيًّا باعتباره «بطلًا قوميًّا ومحاربًا شجاعًا» تستقبله عائلته بفرحة غامرة، عسى أن يبدأَ حياة جديدة بَيْنَ زوجته وطفلتَيْه وأهلِه. ولأنَّه قتل أميركيًّا وهشَّم رأسه، فإنَّ هذا الكابوس يعيش بداخله ولا يستطيع البوح به ويتفاعل بصورة عميقة ومتصاعدة، هنا تأكيد على موضوع الفيلم، لأنَّه قتل «أميركيًّا» في حين قَتْلُهم لمئات الآلاف من النَّاس في أفغانستان والعراق يزيدهم فرحًا وغبطة. يتسبب ذلك بتدمير شخصيَّته ما ينتج عَنْه تفكُّك أُسري وكراهية طفلتَيْه له. ثمَّ يُطلق صرخته (هل يُمكِنني العيش مرَّة أخرى)؟

وليد الزبيدي

كاتب عراقي

[email protected]