الجمعة 06 يونيو 2025 م - 10 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

«يوم عرفة».. أعظم أيام العشر من ذي الحجة

الثلاثاء - 03 يونيو 2025 05:56 م

ما زلنا نعيش العشر الأوائل من ذي الحجة، حيث تشرق أنوارها وتبهج ضيائها وتعم بعظيم الصالحات خيراتها فيها شحذ الهم وإيقاظ الضمائر والمسارعة إلى مختلف الأعمال الصالحة. ولا شك أن في هذه الأيام العشر يبشر الله عباده بتجارة رابحة لا تقضيها مكاسب الدنيا على الإطلاق، فقد فضل الله أوقاتها بكرامات وعطايا عن مختلف الأوقات، ففيها يعيش المسلم بين مختلف الطاعات والعبادات ولا تكون هذه المكارم إلا في هذه العشر من ذي الحجة.. يتنافس فيها المتنافسون ويجتهد فيها المشمرون بالتقرب بأعظم العبادات والطاعات.. قال الله تعالى:(وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر 1 ـ 2)، وقال تعالى:(وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) (البقرة ـ 203)، ومما يدل على عظيم بركاتها وفضلها ما يروى عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال:(ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) (أخرجه البخاري)، وقال تعالى:(لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) (الحج ـ 28). فلا بد للمسلم من استغلال واغتنام الأوقات بالأقوال والأعمال الصالحة وكثرة التكبير والتهليل والتحميد، حيث أن الطاعات لها شأن عظيم للقرب من الله تعالى والمعاصي لها من الأسباب للبعد عن الله، فالحذر من الوقوع في مهالك المعاصي والذنوب في هذه الأيام وغيرها من الأيام، كما لا بد من تجديد التوبة الصادقة التي تعينه على العمل الصالح وعلى الانقياد إلى دروب الهداية، قال تعالى:(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا، وَإِذًا لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا، وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطًا مُسْتَقِيمًا) (النساء 66 ـ 69)، والعائد والتائب إلى الله تعالى يحرص كل الحرص أن تكون جميع أعماله الصالحة بإخلاص وفق ما أراد الله سبحانه وتعالى وجاءت به السنة النبوية الشريفة، يقول تعالى:(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). ومن أعظم الأيام في هذه العشر يوم (عرفة)، هذا اليوم الذي يباهي ملائكته بأهل عرفة، فقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم):(إن الله عزوجل يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شُعثًا غُبرًا)، ولا شك أن في يوم عرفة تتألف النفوس في مكانٍ واحد وبلبسٍ واحد وعلى صعيدٍ واحد.. مشهد عظيم مبارك تخشع فيه القلوب، وتنسكب عبارات التوبة والإنابة والتذلل والخشوع لرب والسماوات والأرض. إنّ في يوم عرفة تصغر الدنيا وتضعف في حياة الإنسان أمام تلبية كل حاج (لبيك اللهم لبيك).. فما أجله وأعظمه من حب وتضحية لله الرحمن الرحيم. وفي يوم عرفة.. من كل بقاع الدنيا يأتي كل مسلم فيرفع أكف الضراعة والإنابة.. يدعو الله أن يغفر له ذنوبه وخطاياه، وأن يكون من عتقائه من النار.. حقًّا إنّ يوم عرفة يوم الخيرات والبركات.. يوم السمو الروحاني.. يوم ترفع فيه الدرجات وتعتق فيه الرقاب وغفران الذنوب والآثام.. في هذا اليوم جوارح المسلم كلها تعلقت خضوعًا وتضرعًّا وخشية وبكاء إلى المولى ـ جلّت قدرته ـ فهو يوم لا يشابه يومًا من أيام الدنيا.. الكل انشغل باتصاله برب الأرض والسماوات، هو لقاء عظيم ومهيب يشبه يومًا من أيام القيامة.. عندما يقف الجميع وقفة الحساب والعقاب.. وإلى أين المصير إلى الجنة أو إلى النار.

إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري

كاتب عماني