الخميس 15 مايو 2025 م - 17 ذو القعدة 1446 هـ
أخبار عاجلة

شعائر الحج واجتماع الناس من بقاع الأرض «1»

الأربعاء - 14 مايو 2025 01:30 م

إن الحَجَّ فى الأصل هو: القَصْدُ، وفى العرف: قصد مكة للنسك، وهو من أجَلِّ العبادات، وأحبها إلى الله تعالى، وأكثرها ثوابًا، وينبغي لمن أراد الحج أن يبدأ بالتوبة إلى الله، وأن يَرُدَّ المظالم، وأن يقضىَ الديون التي عليه، وأن يُعِدَّ النفقة لمن تلزمه نفقته حتى يرجع، وعليه أن يردَّ ما عنده من الودائع إن وُجِدَتْ.

وللمال أهمية كبيرة في تلك الفريضة، فعليه أن يستصحب المال الحلال، فإن القربات لا يُقْدَمُ عليها بالمال الحرام، وإن كان الإسلام يرفض المال الحرامَ عمومًا، فعليه أن يستصحب من المال ما يكفيه ذهابًا، ورجوعًا، من غير تقتير، فالسعة فى الزاد تفرغ الفكر، والقلب للعبادة، والدعاء أما التقتير فيجعل صاحبه دائمَ التفكير فى التدبير، كما أن السعة تجعله يترفق بالفقراء.

إن شعائر الحج تتسم باجتماع الناس من كافة بقاع الأرض، ومع الازدحام، والتقارب ينبغي أن يحافظ المسلم على نظافته الشخصية، حتى لا يتأذى الناس بعضَهم من بعض، فعلى المسلم أن يستصحب معه أدواتِ النظافة، وعليه أن يكثر من الصدقة، وأن يلتمس معه رفيقًا صالحًا يحب الخير، ويعينه عليه، والرفيق الصالح الذي يذكِّر صاحبه إذا نسي، ويعينه إذا ذكر، وإذا ضاق صدره صبَّره.

وعلى المسافر أن يطيب الكلام، وأن يطعم الطعام، وأن يظهر محاسن الأخلاق، فالسفر يخرج خفايا الباطن، ومعلوم أنه مَنْ كان فى السفرـ الذي يُظَنُّ فيه الضجر ـ حَسَنَ الخلق، فإنه يكون فى الحضر أحْسَنَ خُلُقًا، وقد تعلم الناس بالممارسة أنه إذا تمتع رجل بالثناء من رفقائه فى السفر، فلا يُشَكُّ فى صلاحه.

ومن آداب الحج أن يودِّع رفقاءَهُ، وإخوانه المقيمين، ويطلب منهم الدعاء، ويجعل خروجه ـ إن استطاع ـ بكرة يوم الخميس، كما يستحَبُّ أن يصليَ فى منزله ركعتين قبل الخروج منه، ويستودع أهله، وماله، ويكثر من ترديد الأدعية، والأذكار المأثورة عند خروجه من المنزل، وعند الركوب، والنزول، والصعود، والهبوط، وقد تَيَسَّرَ معرفة هذه الأدعية فى كتب مناسك العمرة، والحج، وهي كذلك متوفرة على المواقع الإليكترونية الدينية المتخصصة، وعليه أن يستصحب الذكر، والدعاء فى جميع مناسك الحج من الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وسائر أعمال الحج من الأركان، والواجبات، والمستحبات، فهذه أوقات قيِّمَة، ومباركة، والأجر فيها مضاعف، فلا تُضَيَّعُ فى أمور الدنيا الزائلة، فالعاقل من يُكْثِر من رصيده عند الله من الثواب، ويتزود بالعمل الصالح، وهذا أفضل مما يجمعه الناس من متاع الدنيا، وزينتها، والأولى أن ينصرف بكليته، ويجتهد في كل أعمال الحج، طاعة لله، وإخباتا لعظمته، ونهوضا بالمناسك بكل حضور، وتفكر، ويقظة.

وثَمَة أمرٌ آخرُ، وهو التفقه فى أحكام الحج، والإمام بأساسياتها، فكثير من الناس يخفى عليه أحكام الحج، ولا يفرق بين الركن، والواجب، والمستحب، ولا يعرف محظورات الإحرام، ومكروهاته، فيتـرك ركنًا، أو واجبًا، أو يأتي بمحظور من دون علم به، وبعضهم يُفْسِدُ حجَّه، ويكون عليه الحج من قابل، والحلُّ في تلك الحال هو السؤال، والاستفسار بطريقة دائمة عما يواجهه من تساؤلات في أداء تلك المناسك، فإن كلفة السؤال أقلُّ بكثير من كلفة ترك الأركان الواجبات، أو الإتيان بمحظور.

د. أحمد طلعت حامد سعد

 كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية

[email protected]