الخميس 15 مايو 2025 م - 17 ذو القعدة 1446 هـ
أخبار عاجلة

أوراق الخريف : روسيا .. عيد النصر والسلام المأمول

أوراق الخريف : روسيا .. عيد النصر والسلام المأمول
الثلاثاء - 13 مايو 2025 12:10 م

د. أحمد بن سالم باتميرا

10

في مشهد مهيب توشَّحتِ السَّاحة الحمراء في موسكو بأعلام النَّصر والعَرض العسكري الكبير، احتفالًا بالعيد الثَّمانين لانتصار روسيا في الحرب العالَميَّة الثَّانية على النَّازيَّة، وهي المناسبة الَّتي تجسِّد عظَمة وقوَّة روسيا ومكانتها على السَّاحة العالَميَّة.

فروسيا اليوم تَسير خطوات للأمام بفضل سياسة الرَّئيس فلاديمير بوتين، وفي إدارتها للحرب مع أوكرانيا وعلاقاتها مع الآخرين، وكسر الحصار الدّولي المفروض عَلَيْها من جانب الغرب.

وقد شكَّل الحفل الكبير بحضور زعماء من مختلف القارَّات أهميَّة لروسيا الَّتي استطاعتْ في التَّاسع من مايو تحقيق الانتصار التَّاريخي، وبروز قوَّة عسكريَّة تؤمن بالسَّلام كشعار، وبالحُريَّة كفعل. والحضور العربي والأجنبي هو تجديد لهذه العلاقات والتَّحالفات الوثيقة الَّتي تربط روسيا الاتحاديَّة مع هذه الدوَل.

وأزمة وحرب أوكرانيا هي مسألة وقت وتنتهي، وستَعُود روسيا كما كانتْ وأكثر قوَّة فاعلة على السَّاحة الدّوليَّة مِثل أميركا وغيرها، لذا لا يُمكِن تجاهل هذا البلد الَّذي حطَّم وقضَى على النَّازيَّة رغم التَّضحيات الكبيرة لجنودِه ولشَعبِه في هذه الحرب الَّتي راح ضحيَّتها الملايين.

وكُلِّي يقين بأنَّ روسيا اليوم تختلف كُليًّا عن الماضي، وأنَّ دَوْرها السِّياسي والدّبلوماسي سيلمع قريبًا من خلال استضافتها لأوَّل قمَّة روسيَّة عربيَّة قريبًا، وفكرة عالَم متعدِّد الأقطاب سيكُونُ هو التَّوَجُّه القادم رفضًا لسياسة القطب الواحد.

فالعالَم كُلُّه يحتفل بمرور ثمانين عامًا على هزيمة النَّازيَّة واندحارها، بَيْنَما هناك مَن يسكتُ على جرائم «إسرائيل»، بالتَّواطؤ والصَّمت أو التَّآمر معها، لذا جاءتْ كلمة الرَّئيس بوتين مفعمةً بمشاعر الفرح والحزن حينما قال: «ننحني أمام الأبطال الَّذين ضحوا بأرواحهم من أجْل النَّصر ومنحونا الحُريَّة والسَّلام وأنقذوا الوطن وعلَّمونا حماية الوطن والدِّفاع عن مصالحنا القوميَّة». معتمدين على وحدتنا في الحرب والسِّلم للوصول إلى أهدافنا الاستراتيجيَّة.

فالعالَم ينظر لروسيا الاتحاديَّة وهي تتحرك كقوَّة عالَميَّة في كُلِّ المجالات، فهي لا تزال حاجزًا منيعًا يصعب تدميره، كما أكَّد قيصرها «بوتين» والتَّاريخ يشهد على ذلك، ومشاركة قوَّات رمزيَّة من عدَّة دوَل في العرض العسكري بهذه المناسبة هو دليل على أهميَّة هذا الانتصار الَّذي نأمل أن يتبعَه انتصار على الصهيونيَّة في القريب العاجل.

فاليوم وجدتْ روسيا، بعظَمتها وقوَّتها العسكريَّة، نَفْسها أنَّها بحاجة إلى حلفاء يشاركونها طروحاتها السِّياسيَّة، من خلال إحياء إطار تعاون عربي إفريقي روسي، بالإضافة إلى الدوَل الأوروبيَّة والآسيويَّة الَّتي تربطها علاقات معها.

ولا شكَّ أنَّ العلاقات العُمانيَّة ـ الروسيَّة الَّتي بدأتْ صفحةً جديدة في التَّطوُّر هي بداية لعلاقاتٍ أوسع في كافَّة المجالات، خصوصًا وأنَّ هناك بالفعل حضورًا وتفاعلات اقتصاديَّة واستثماريَّة روسيَّة يُمكِن الاستفادة مِنْها في مجالات الطَّاقة والأمن الغذائي والسِّياحة، والمشاريع الزِّراعيَّة والصِّناعيَّة بالإضافة، إلى التَّنسيق والتَّشاور في التَّطوُّرات السِّياسيَّة، الإقليميَّة والعالَميَّة والسَّعي لتحقيقِ الاستقرار والسَّلام الإقليمي والدّولي.

واحتفال النَّصر وحفل السَّفارة الروسيَّة في سلطنة عُمان بهذا اليوم التَّاريخي هو ذكرى خالدة لهذا الشَّعب الصَّديق الَّذي رفع العَلم فوق البرلمان الألماني أيَّام النَّازيَّة، في حرب أودتْ بحياة الملايين من المَدَنيِّين والعسكريِّين يفوق نَحْوَ (25) مليون روسي، بَيْنَما تحتفي به بُلدان أخرى شاركتْ في الحرب، في الثَّامن مِنْه، ولعلَّ دعوة الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب موسكو وكييف إلى وقف إطلاق النَّار غير المشروط لِمُدَّة ثلاثين يومًا هو بداية لانتصار آخر، لذا كان يوم النَّصر سببًا للاحتفال به في جميع أنحاء العالَم وليس موسكو فقط، وتطوَّرت ألمانيا بعد القضاء على النَّازيَّة وأصبحتْ دَولة عملاقة هي أيضًا.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا

[email protected]