يكشف إعلان «إسرائيل» عن توسيع عدوانها على قِطاع غزَّة في العمليَّة المُسمَّاة (عربات جدعون) الهدف الرَّئيس من كُلِّ الممارسات «الإسرائيليَّة» منذُ السَّابع من أكتوبر 2023 والمتمثِّل في تهجير الفلسطينيِّين من أراضيهم، وإفراغ القِطاع من أهلِه تحت دعاوى وذرائع مختلفة، حتَّى أنَّ آخر ما يهمُّ «إسرائيل» في الوقت الحالي هو ما تكرَّر الحديث عَنْه بشأن استعادة أسراها في غزَّة.
واختيار اِسْم العمليَّة في حدِّ ذاته المتمثِّل في «عربات جدعون» يحمل دلالات ورمزيَّات حيثُ إنَّ جدعون في السَّرديَّات التَّوراتيَّة هو قائد عسكري قاد مجموعة صغيرة من (300) مقاتل لهزيمةٍ جيش من مدين (الأمْر الَّذي يتماشى مع التَّحدِّيات الَّتي تواجهها «إسرائيل» في تجنيد قوَّات الاحتياط).
كما يُعِيد الاسم أيضًا التَّذكير بعمليَّة جدعون الَّتي قامتْ بها عصابات الهاجاناه «الإسرائيليَّة» قَبل حرب 1948 واستولتْ من خلالها على مدينة بيسان وطردتْ أهلَها مِنْها، لتأتي (العربات) لِتعلنَ أنَّها تهدف لاحتلال كامل غزَّة بخطَّة وضعها رئيس أركان الجيش إيال زامير ووافقَ عَلَيْها وزير الجيش يسرائيل كاتس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد مناقشتها في الكابينت، حيثُ سيزيد الجيش من قوَّاته وسيعمل بقوَّة لِمَا قال إنَّه هزيمة حماس وتدمير قدراتها العسكريَّة والحكوميَّة مع ضغوط قويَّة لإطلاق سراح جميع الأسرَى. وستحظى القوَّات المناوِرة بغلاف وقائي قوي من البَر والجو والبحر، وستستخدم معدَّات ثقيلة لتحييدِ العبوات النَّاسفة وتدمير الهياكل المُهدِّدة.
ولكن الهدف الحقيقي للعمليَّة يتمثل فيما تمَّ الإعلان عَنْه بأنَّه «يُشكِّل الإخلاء الشَّامل لسكَّان غزَّة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزَّة، إلى مناطق في جنوب القِطاع، أحَد المُكوِّنات المركزيَّة للخطَّة».
كما «من المرجَّح أن تستمرَّ العمليَّة لِعدَّة أشْهُر، وتشمل عدَّة مراحل، بدءًا من توسيع العمليَّات البَرِّيَّة في مناطق مُحدَّدة، ثمَّ الانتقال إلى مناطق أخرى داخل القِطاع».
والواقع أنَّ الإمعان في التَّهجير وتكراره والنَّقل القسري للسكَّان باستمرار تحت ذريعة الانتقال بالعمليَّة من مناطق إلى أخرى لا شكَّ أنَّه يدفع نَحْوَ جعل الحياة في القِطاع مستحيلة؛ وبالتَّالي يُعزِّز من الاستجابة لأيِّ عروض بالتَّهجير.
وهذا ما يدفع إلى جعل الأولويَّة الأُولى هي إبقاء الفلسطيني على أرضه بِغَضِّ النَّظر عن أيِّ شعارات.
هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري