الاثنين 12 مايو 2025 م - 14 ذو القعدة 1446 هـ
أخبار عاجلة

الدولة «اليهودية» خلف التاريخ

الدولة «اليهودية» خلف التاريخ
السبت - 10 مايو 2025 12:56 م

علي بدوان

20


مشروع إقامة دَولة يهوديَّة لم يأتِ من تفتُّق عبقريَّة ثيودور هرتزل، بقدر ما كان وما زال مشروعًا استعماريًّا استيطانيًّا إجلائيًّا إحلاليًّا بالدَّرجة الأُولى، منذُ نهاية الحرب العالَميَّة الأُولى وصدور ما باتَ يُعرف بـ(وعد بلفور) إيَّاه.

عَلَيْنا أن ندققَ المعطيات الأخيرة؛ كَيْ نستندَ في تقديم رؤيتنا، فأكثر من نصف اليهود في العالَم يقيمون خارج فلسطين المُحتلَّة بواقع (55%) خارج فلسطين المُحتلَّة، علمًا أنَّ أعداد اليهود في العالَم تقارب الـ(15) مليونًا، وعددهم الكُلِّي يتراجع بفعل عدَّة عوامل، وعلى رأسها الزّواج المختلط في الولايات المُتَّحدة وفرنسا وغيرهما من البلاد في العالَم.

وفي الواقع الرَّاهن، وانطلاقًا من المعطيات الَّتي نَشرَها قَبل أيَّام المكتب المركزي للإحصاء في «إسرائيل» فإنَّ عدد «سكَّان إسرائيل» يقترب من عشرة ملايين و(94) ألفًا بَيْنَهم (77.6%) يهودًا، والباقي غالبيَّتهم من المواطنين العرب الفلسطينيِّين أصحاب البلاد الأصليِّين.

فأعداد المواطنين العرب الفلسطينيِّين في «إسرائيل» (داخل حدود أجزاء فلسطين المُحتلَّة عام 1948) تبلغ نَحْوَ مليونين و(114) ألفًا، بَيْنَهم سكَّان القدس الشرقيَّة وهضبة الجولان السوريَّة المحتلتَيْنِ. فعدد «سكَّان إسرائيل» والمستعمرات المقامة عنوةً ورغم القانون الدّولي باعتبارها غير شرعيَّة، في الضفَّة الغربيَّة، ارتفع خلال السَّنة الأخيرة بـ(135) ألفًا، وبنسبة (1.4%)، حيثُ وُلد في هذه الفترة حوالي (174) ألف مولود، وتُوُفِّي حوالي خمسين ألف شخص، وهاجر (28) ألفًا إلى «إسرائيل» من يهود الولايات المُتَّحدة المُتطرِّفِين.

وأشارتْ دائرة الإحصاء إلى أنَّ السكَّان الأجانب المشمولين في الإحصاء هم عمَّال أجانب، طالبو لجوء، طلاب جامعيون، متطوِّعون، رجال دِين، وسائحون موجودون بِدُونِ تأشيرة دخول سارية المفعول ودخلوا إلى «إسرائيل» منذُ العام 2008 ولم تسجّل مغادرتهم مِنْها.

وحسب دائرة الإحصاء «الإسرائيلي»، فإنَّه في نهاية العام 2023 كان عدد اليهود في العالَم (15,8) مليون يهودي، وشكَّلَ اليهود في «إسرائيل» قرابة (45%) من اليهود في العالَم، وقرابة (80%) من اليهود في «إسرائيل» وُلدوا فيها.

وتُفيد المعطيات أيضًا بأنَّ حوالي (27%) من السكَّان دُونَ سنِّ (14) عامًا، وحوالي (13%) فوق سنِّ (65) عامًا، و(6%) في السبعينيَّات من أعمارهم، و(3%) فوق سنِّ (80) عامًا. فرُبع السكَّان بسنِّ الفتوَّة والشَّباب، والباقي من الرِّجال فوق الــ(65) عامًا، وأيضًا (3%) فوق الثَّمانين عامًا، بَيْنَما المُجتمع الفلسطيني في فلسطين والشَّتات مُجتمع فتي أكثريَّة من سكَّانه ومواطنيه في أعمار الفتوَّة والشَّباب بنسبة تقارب الـ(70%). فأيُّ دَولة «يهوديَّة نقيَّة» يتحدثون، فـ»الدَّولة اليهوديَّة» فكرة، إن كانتْ فكرة، فهي خلف التَّاريخ. ولا مكان لها. فالشَّعب الفلسطيني البالغ عدده الكُلِّي (15) مليونًا أكثر من نِصفه منغرس وصامد على أرض فلسطين، رغم كُلِّ حملات التَّطفيش والتَّهجير والبطش كما يحدُث الآن في قِطاع غزَّة وصولًا للضفَّة الغربيَّة والقدس، وطالَما بَقِيَ نِصف على أرض وطنه، لا يُمكِن اقتلاعه، ولا يُمكِن لسدنة الأفكار الإحلاليَّة الاستعماريَّة الكولونياليَّة، أن يستقروا ويدومَ كيانهم على أرض فلسطين.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك

[email protected]