الثلاثاء 06 مايو 2025 م - 8 ذو القعدة 1446 هـ
أخبار عاجلة

نقطة حبر : صناعة الطيران.. خطوات نحو التوازن المالي والتنافسية الإقليمية

نقطة حبر : صناعة الطيران.. خطوات نحو التوازن المالي والتنافسية الإقليمية
الأحد - 04 مايو 2025 02:16 م

مصطفى المعمري

30

وضع معالي المهندس وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، رئيس مجلس إدارة الطيران العماني، النقاط على الحروف عندما تحدث عن خطة التحول التي شهدتها شركة الطيران العماني ومطارات عمان خلال الفترة الماضية، حيث أشار إلى برنامج الإنقاذ الذي أسهم في تعزيز مكانة الشركة من حيث خفض نسبة الفاقد والدين، الذي يشكل ما نسبته 10% من إجمالي الدين العام، إلى جانب مراجعة السياسات وتعزيز البرامج والخطط في رحلة معالجة تهدف لتجاوز تحديات متراكمة ظلت تعيق تقدم الشركة لسنوات، رغم محاولات الإنقاذ المتكررة.

لقد كانت الطوارئ المعلنة محاولةً للحد من تفاقم أزمة مالية خانقة، نشأت بفعل الاعتماد المفرط على الدعم الحكومي السنوي لمعالجة عجز مالي بملايين الريالات، مما حال دون تقدم الشركة وتصدرها للمشهد الإقليمي والدولي، في وقتٍ تجاوزتنا فيه شركات أخرى بمراحل على مستوى الخدمات، الوجهات، النتائج والأرباح.

وعندما عرج معاليه، إلى جانب الإدارة التنفيذية في الطيران العماني ومطارات عمان، على الإجراءات المتخذة، لم يخفِ صعوبة بعضها، لا سيما ما يتعلق بتقليص أعداد الموظفين. لكنه أكد أن الخيارات المتاحة للنهوض بصناعة الطيران في سلطنة عمان كانت محدودة وتتطلب تضحيات، حيث شملت تلك الإجراءات إعادة جدولة بعض الرحلات، بيع عدد من الطائرات، إلغاء بعض الخطوط، ومراجعة شاملة للسياسات، إلى جانب تقديم عروض للموظفين ممن أكملوا سنوات خدمة طويلة، والاستغناء عن عدد من الأيدي العاملة الوافدة، مع توفير خيارات أمام نحو 400 موظف عماني، إما بالبقاء في وظائف بديلة أو الانتقال إلى شركات أخرى في مطارات عمان أو الجهات الحكومية. وأكد أن وضع أكثر من 30 موظفًا ما زال قيد المعالجة، وسيتم تقديم خيارات وظيفية لهم.

وفي ظل اللغط الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تسريح الموظفين، جاء رد معاليه واضحًا: الحكومة لن تقبل بتسريح المواطن دون بدائل. فقد بلغ عدد موظفي شركة الطيران العماني 4800 موظف، بينما الحاجة الفعلية لا تتجاوز 2300، ما كان أحد أبرز أسباب الخسائر المتراكمة، طوال السنوات الماضية.

ورغم كل هذه التحديات، تبشر النتائج اليوم بمشهد مختلف. فقد تمكنت الشركة خلال العامين الماضيين من خفض الخسائر بنحو 200 مليون ريال، وتحسنت الإيرادات، وارتفعت أعداد المسافرين. ومن المتوقع أن تصل الشركة بحلول نهاية العام القادم إلى نقطة التوازن المالي، لتتوقف عن الاعتماد على الدعم الحكومي.

نحن اليوم أمام مشهد يستحق التوقف. فشركة الطيران العماني ومطارات عمان تسيران على طريق التعافي وفق برنامج مدروس يتطلب التفافًا مجتمعيًا ومؤسسيًا. وفي ظل رؤية عمان 2040، فإن وجود شركة طيران قادرة وكفؤة يعد أحد أعمدة النجاح في جعل السلطنة مركزًا اقتصاديًا وسياحيًا ولوجستيًا. ومن هنا، لا بد من تعزيز جهود إدارة المطارات لجعل سلطنة عمان بيئة جاذبة لشركات الطيران، واستثمار الإمكانيات التي تمتلكها مطارات مسقط وصلالة والدقم وصحار لتكون نقاط جذب لا ممر عبور.

وفي إطار التحول الذي تشهده شركة الطيران العماني، لا بد من الإشارة إلى أهمية تعزيز الجوانب الاستثمارية داخل الشركة، من خلال التفاعل المستمر مع احتياجات المجتمع المحلي والتوسع في المشاريع التي تخدم الاقتصاد الوطني حيث يعد الاستثمار في صناعة الطيران عنصرا حيويا لدفع عجلة النمو الاقتصادي في سلطنة عمان، إذ تساهم شركات الطيران في تعزيز مكانة البلاد كوجهة جاذبة للاستثمارات الدولية. لذلك، من المهم أن تواصل الطيران العماني تعزيز مكانتها عبر تقديم خدمات متميزة تلبي احتياجات المسافرين، سواء من خلال توسيع شبكة الوجهات أو تطوير الأسطول بما يتماشى مع أعلى معايير السلامة والراحة. علاوة على ذلك، تتيح صناعة الطيران للشركة الاستفادة من الميزات التنافسية العديدة، مثل موقع سلطنة عمان الاستراتيجي الذي يربط بين أسواق الشرق والغرب، مما يعزز من دور الشركة كمحفز رئيسي للتنمية الاقتصادية واللوجستية في المنطقة.

مصطفى المعمري

 كاتب عماني