قَدَّمتْ يوم الـ(28) من أبريل ـ نيسان 2025 الجاري (38) دَولة مرافعاتها، بما في ذلك الولايات المُتَّحدة والصين وفرنسا وروسيا والمملكة العربيَّة السعوديَّة، إضافة إلى جامعة الدول العربيَّة ومنظَّمة التَّعاون الإسلامي والاتِّحاد الإفريقي إلى محكمة العدل في (لاهاي) بشأن عمل وكالة (أونروا) وأهميَّة استمرارها في مواجهة الموقف الأميركي الدَّاعي أصلًا ومنذُ سنواتٍ سبقتِ الحرب بكثير، لتفكيكِها وإحالتها للتَّقاعد.
وفي جلسة استماع لمحكمة العدل حَوْلَ عمل وكالة (أونروا) في الضفَّة الغربيَّة والقدس وقِطاع غزَّة، فضلًا عن لبنان، تَمتَّعَت مُمثلة الأمين العامِّ للأُمم المُتَّحدة بالشَّجاعة في الجلسة، أمام محكمة العدل الدّوليَّة في لاهاي، حين حدَّدتْ بوضوح أنَّ «إسرائيل انتهكتْ التزاماتها باحترام حصانة الفِرق التَّابعة للأُمم المُتَّحدة». وأنَّه «لا يُمكِن لأيِّ دَولة أن تتدخلَ في عمل مرافق أيِّ منظَّمة تابعة للأُمم المُتَّحدة». وبالتَّالي على «إسرائيل» القيام بواجباتها كدَولة عضو في الأُمم المُتَّحدة. وليس منْعها لوكالة (أونروا) من العمل في الأراضي المُحتلَّة عام 1967، وهو السُّلوك الَّذي يُخالف التزاماتها المُفترضة كدَولة عضو في الأُمم المُتَّحدة. وشدَّدتْ ممثَّلة الأمين العامِّ للأمم المُتَّحدة (أنطونيو جوتريش) على الواجب الأساسي المُتمثل في ضمان عمل المؤسَّسات الدّوليَّة ومِنْها (أونروا). وإدخال المساعدات الإنسانيَّة إلى قِطاع غزَّة فورًا، حيثُ وصلتِ الأمور إلى ما تحت الصَّفر بحياة النَّاس مع فقدان مُقوِّمات الحياة من غذاء وكساء ودواء والطَّاقة والكهرباء.
وفي الجوهر، إنَّ دَولة الاحتلال الَّتي تتمنَّى أن تنتهيَ الوكالة وتعمل على ذلك مع الولايات المُتَّحدة، للانتهاء مِنْها ومن وجودها تمهيدًا لشطبِ قضيَّة اللاجئين الفلسطينيِّين وحقِّهم بالعودة، تستخدم وكالة (أونروا) والمساعدات كورقة مساومة وسلاح حرب في غزَّة ضدَّ عموم الشَّعب الفلسطيني الَّذي يئنَّ تحت نار الاحتلال، وحرب التَّعطيش والتَّجويع. وهو ما نشره وأكَّدَ عَلَيْه مؤخرًا مفوّض عام وكالة (أونروا) فيليب لازاريني، عَبْرَ منصَّة «إكس»، قال فيه مُستنكرًا: «كم من الوقت تحتاج كلمات الإدانة الجوفاء حتَّى تتحول إلى أفعال لرفعِ الحصار واستئناف وقف إطلاق النَّار، وإنقاذ ما تبقَّى من الإنسانيَّة المعذَّبة في فلسطين منذُ نكبة العام 1948»؟
مضيفًا أنَّ «الجوع ينتشر ويتفاقم، وهو مُتعمّد ومن صنْع الإنسان، وبالأحرى من صنِع كيان الاحتلال. وقد تحوَّلتْ غزَّة إلى أرض يأس في ظلِّ عقاب جماعي، الجرحى والمَرضى وكبار السِّن محرومون من الأدوية والرِّعاية الصحيَّة». فدَولة الاحتلال تتحكم بتدفُّق المساعدات الدّوليَّة الَّتي تُعَدُّ حيويَّة بالنِّسبة لـ(2.2) مليون فلسطيني في قِطاع غزَّة الَّذي يعاني أزمة إنسانيَّة غير مسبوقة، وقد قطعتْ دَولة الاحتلال تدفُّق هذه المساعدات في الثَّاني من مارس/آذار 2025، وإن تمَّتْ أحيانًا فتكُونُ بشكلٍ شحيح وبالقطَّارة، بالرَّغم من وجود كميَّات كبيرة من المواد الحياتيَّة الغذائيَّة والكساء والدَّواء لإدخالها إلى القِطاع عَبْرَ معبر رفح، لكنَّ دَولة الاحتلال تغلق المعبر تمامًا، ولا تفتح إلَّا من حين لآخر لإدخال ما يقي النَّاس المَدَنيِّين من الموت المُحتَّم.
ووفقَ مدير مستشفى التَّحرير في مجمَّع ناصر الطبِّي الدكتور أحمد الفرا، ما زالتْ سُلطات الاحتلال ترفض إدخال الجرعة الرَّابعة من تطعيمات شلل الأطفال بناءً على توصية من منظِّمة الصحَّة العالَميَّة واليونيسف. وإغلاق المعابر لمنعِ إدخال المواد الطبيَّة والتَّطعيمات، وهو ما أدَّى لانهيار حملة التَّطعيم. فنَحْوُ (80%) من الأدوية الأساسيَّة مفقودة في قِطاع غزَّة.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك