الاثنين 03 فبراير 2025 م - 4 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

أصداف : ربع قرن مع «الوطن»

أصداف : ربع قرن مع «الوطن»
الأحد - 02 فبراير 2025 02:15 م

وليد الزبيدي

20

رفقة جميلة مع صحيفة «الوطن» الغرَّاء الَّتي تصدر في البلد الطيِّب (سلطنة عُمان)، تقريبًا نصف عمر هذا المنبر الإعلامي الكبير, الَّذي يبدأ اليوم (55) عامًا أمضيتُ في كِتابة (أصداف) رُبع قرن، لم يعترضْ من رئاسة تحرير وكوادر «الوطن» على ما سطَّرتُ، محطَّات كثيرة، كانتْ في البداية أوجاع الحصار القاسي الَّذي ضربَ عميقًا في المُجتمع العراقي وألحقَ الأذى الكبير في بنية بلاد الرَّافدين، تنفَّسْتُ على صفحات «الوطن» ونقلتُ بأمانةٍ ما يعيشُه العراقيون في ظلِّ تلك الأثقال الأليمة، ثمَّ بدأتْ حقبة التَّهديدات الأميركيَّة لغزو العراق مطلع الألفيَّة الجديدة، وكان يتصاعد الحصار ناثرًا تخريبه وتجويعه للعراقيِّين، وفي الوقت عَيْنه تعرَّض العراقيون لأقسى الحملات الإعلاميَّة تمهيدًا لغزوِه، ثمَّ احتلاله، ولاحقًا تدمير هذا البلد، فُتحتْ كُلُّ أبواب جهنَّم الإعلاميَّة مستهدِفةً العراقيِّين وتمَّ إغلاق الكثير من نوافذ إطلالات العراقيِّين على العالَم. ورغم صعوبة الأوضاع في المنطقة والعالَم خصوصًا ما يتعلَّق بالعراق والعراقيِّين، ورغم كشفِنا من خلال (أصداف) الكثير من تلك الهجمات القاسية والحروب التَّجويعيَّة والضَّربات النَّفْسيَّة المُوجِعة، إلَّا أنَّ «الوطن» لم تعتذرْ عن نَشْرِ مقالٍ واحد يتناول مأساة العراق والعراقيِّين، بل إنَّ استمرارَ نَشْرِ مقال يومي في تلك الفترة عدَدْناه التَّشجيع لاستمرار الكتابة وقول كلمة الحقِّ.

أتذكَّر أنَّ ما كتبتُه قُبيل الغزو ردًّا على اجتماع مجلس الأمن في الخامس من شباط ـ فبراير 2003 وتفنيدًا لأكاذيب كولن باول وزير خارجيَّة أميركا ما كانتْ لتنشرَ ذلك الكثير من وسائل الإعلام العربيَّة، لكن «الوطن» كانتِ القامةَ الإعلاميَّة السَّامقة، وكنتُ أعدُّ النَّشر ـ رغم ما أكتبُ وأقولُ ـ التَّضامن المتقدِّم مع العراق في مِحنته القاسية.

وهبَّت على العراق عواصف الجحيم، قاصفات وصواريخ وقنابل وقتل وتدمير ابتداء من العشرين من آذار ـ مارس 2003، حتَّى أكملوا اجتياح واحتلال العراق في التَّاسع من نيسان ـ أبريل من العام نفسه، كان زلزال الاحتلال كفيلًا بوقف التَّفكير والمشاعر والأقلام، استأنفتُ الكِتابة بعد توقُّف قصير بعد الاحتلال ونشرتُ (75 حلقة) بعنوان (من فوَّهة الجحيم العراقي) كانتْ بمثابة رواية ليوميَّات الغزو والاحتلال وقتلِ العراقيِّين ودهمِ البيوت واعتقال الرِّجال وترويع النِّساء والأطفال.

وأعتقد تفرَّدت «الوطن» بِنَشْرِ أوَّل مقالات تتحدَّث عن بطولة المقاومة في العراق، وواصلت النَّشر عن الرِّجال الأفذاذ المقاوِمين الَّذين أذاقوا قوَّات الاحتلال المرارة وألقَمُوهم العلقم، وحالُ قلَمي يقول ها هُمْ قادةُ «الوطن» لا يعترضون؛ بمعنى أنَّهم يدعمون ويُشجِّعون ما أكتبُ، وعِندَما أنجزتُ كِتابي الَّذي صدَر بعنوان (البركان قصَّة انطلاق المقاوَمة العراقيَّة) وجدَتْ فصولُه مكانًا بارزًا على صفحات «الوطن».

نشرتِ «الوطن» قصص التَّهجير الَّذي أصاب العراقيِّين، ومن ديار الغربة رصدَتْ ووثَّقتْ وحلَّلتْ أحوال العراق في مساحات نَشْرٍ كبيرة تؤكِّد رعاية هذا المنبر الكريمة للعراقيِّين، رصدتُ ما يحصل في العراق في سنوات احتلال قاسية، ورغم محاولات إسكات قلَمي إلَّا أنَّ رئاسة التَّحرير وكوادر «الوطن» رفضوا كُلَّ ذلك، شكرًا لَهُم فقَدْ حملوا الكثير من أثقال وهموم العراقيِّين.

ألف شُكر لـ»الوطن» وكِبارها وكوادرها ومن خلال ذلك كُلُّ الاعتزاز والتَّقدير لسلطنة عُمان قيادةً وشَعبًا.

وليد الزبيدي

كاتب عراقي

[email protected]