الأربعاء 05 فبراير 2025 م - 6 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : إرهاب صهيوني مستمر وممنهج

السبت - 25 يناير 2025 06:35 م

رأي الوطن

30


تُثبت دَولة الاحتلال الصهيوني مرَّة أخرى أنَّها دَولة لا تريد السَّلام ولا تسعى إِلَيْه، بل تعمل على تدمير كُلِّ فرصة لتحقيقِه من خلال عدوانها الوحشي المستمرِّ على الشَّعب الفلسطيني الأعزل. فالعدوان الأخير على مدينة جنين ومُخيَّمها في الضفَّة الغربيَّة المُحتلَّة ليس مجرَّد حدَث عابر، بل هو جزء من سياسة صهيونيَّة ممنهجة تهدف إلى القضاء على حلم الفلسطينيِّين بالحُريَّة والاستقلال، وتحويل حياتهم اليوميَّة إلى جحيم لا يُطاق. لقَدِ استشهد في هذا العدوان أكثر من (12) فلسطينيًّا، مُعُظمهم من المَدَنيِّين، وأُصيب العشرات، في مشهدٍ يُكرِّر فصوله المأساويَّة يوميًّا في مختلف المناطق الفلسطينيَّة، فلم تكتفِ قوَّات الاحتلال بإراقة الدِّماء، بل دمَّرتِ البنية الأساسيَّة والممتلكات العامَّة والخاصَّة، في انتهاكٍ صارخ لكُلِّ القوانين الدّوليَّة، وكأنَّ دَولة الاحتلال المارقة تعمَّدت نقل نيران الحرب إلى الضفَّة الغربيَّة لِتبقيَ الفلسطينيِّين تحت ضغطٍ مستمرٍّ.

وتأتي إدانة سلطنة عُمان الشَّديدة لهذا الهجوم البَشِع تأكيدًا على موقفها الثَّابت في دعمِ الشَّعب الفلسطيني وحقِّه المشروع في إقامة دَولته المُستقلَّة. فقَدْ دعَتِ السَّلطنة المُجتمع الدّولي إلى تحمُّل مسؤوليَّاته القانونيَّة والأخلاقيَّة لوضعِ حدٍّ لهذه الاعتداءات، ومحاسبة مرتكبيها لضمانِ تحقيق العدالة ورفع الظُّلم عن الشَّعب الفلسطيني. لكن للأسف، المشهد الدّولي يشهدُ صمتًا مُريبًا حيال الجرائم الصُّهيونيَّة، واليمين الصُّهيوني الإرهابي المُتطرِّف يستغلُّ هذا الصَّمتَ الدّولي وازدواجيَّة المعايير لتمريرِ مُخطَّطاته الاستعماريَّة، ما جعلَ الضفَّة الغربيَّة المُحتلَّة تتحوَّل إلى سجنٍ كبير يضمُّ أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في ظُروف قاسية، مُحاصَرِين بالحواجز والجدران، ومَحرومِين من حقوقهم الأساسيَّة، في أبشع صورةٍ لنظام الفصل العنصري.

لا يُمكِننا أنْ ننظرَ إلى ما يحدُث في جنين بمعزلٍ عن السِّياسات الصُّهيونيَّة الأوسع، فالمشاريع الاستيطانيَّة الجديدة، خصوصًا في القدس المُحتلَّة ومحيطها، تُظهر بوضوحٍ نيَّة «إسرائيل» تهويد المدينة المقدَّسة بالكامل، وقطع التَّواصُل بَيْنَ أجزاء الأراضي الفلسطينيَّة، وهذه السِّياسة تهدف إلى تقطيع أوصال الدَّولة الفلسطينيَّة المستقبليَّة، وتحويلها إلى كانتونات معزولة بلا أيِّ مُقوِّمات للسِّيادة، وهو ما سيقضي على أيِّ فرصة لتطبيقِ حلِّ الدَّولتَيْنِ المُعترف به دوليًّا، وما يزيد من تعقيد الأمور هو أنَّ العدوانَ على جنين قد يُهدِّد اتِّفاق وقف إطلاق النَّار في غزَّة، خصوصًا في ظلِّ التَّحذير الأُممي من هذا الأمْرِ، حيثُ حذَّرتِ الأُمم المُتَّحدة من خطورة توسُّع دائرة العُنف في المنطقة، لكنَّ التَّحذيرات وحْدَها لا تكفي، فالشَّعب الفلسطيني بحاجةٍ إلى تحرُّك حقيقي وفعَّال من المُجتمع الدّولي للضَّغط على الاحتلال لوقفِ جرائمِه، وإنهاء هذا الظُّلم المستمرِّ منذُ عُقودٍ.

على الصَّعيد الإنساني، لا يُمكِننا تجاهُل معاناة أهالي جنين، فهؤلاء النَّاس فقَدُوا أحبَّاءهم، وخسروا بيوتهم وممتلكاتهم، ويعيشون اليوم في خوفٍ دائمٍ من المستقبل، تخيَّل أنْ تكُونَ في مكانهم، وتستيقظَ كُلَّ صباحٍ على صوت القصف والرَّصاص، وأنتَ لا تَعْلَمُ إذا كنتَ ستَنجُو لِتعيشَ يومًا آخر، فهذه المعاناة لا يُمكِن أنْ تُختصرَ في أرقام الضَّحايا والإحصاءات، بل هي واقع يومي يعيشُه الفلسطينيون تحت الاحتلال، ويبقى الأملُ في صُمود الشَّعب الفلسطيني، الَّذي يواجِه الاحتلال بصلابةٍ وثباتٍ لا مثيلَ لهما. كما يبقَى الأملُ في أنْ تصحوَ ضمائرُ العالَم يومًا ما، لِتقفَ إلى جانب الحقِّ الفلسطيني، وتعملَ على تحقيق السَّلام العادل الَّذي يُعِيدُ للفلسطينيِّين حُريَّتهم وكرامتهم. هذا ليس مطلبًا سياسيًّا فقط، بل هو ضرورة إنسانيَّة وأخلاقيَّة لا يُمكِن للعالَم أنْ يتجاهلَه.