ما زالتِ التَّفاعلات متواصلةً داخل «إسرائيل» بشأن التَّفاهمات الأخيرة، الَّتي تُوِّجت باتِّفاق وقفِ إطلاق النَّار في قِطاع غزَّة، وإجراء «صفقة تبادل» على مراحل، ضِمْن رزمة مُتكاملة للحلِّ عملت الإدارة الأميركيَّة الجديدة على فرضها رغم تعنُّت نتنياهو.
موجات متضاربة من الرَّأي بَيْنَ عامَّة النَّاس داخل «إسرائيل»، والقوى الحزبيَّة المختلفة بَيْنَ مؤيِّد ومعارض وخط الوسط، فاستقال الوزير إيتمار بن جفير مُعترضًا وسحَب نائبيه من تأييد الحكومة، لكنَّه لن يؤثِّرَ على استمرارها (أي الحكومة الحاليَّة) بسبب موافقة المجلس الوزاري الأمني والسِّياسي المُصغَّر (الكابينيت)، وتقديم الاتِّفاق للكنيست بموافقة عالية من الأصوات. كما استقال رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الجنرال هرتسل هاليفي معتبرًا نَفْسه من المسؤولين عن السَّابع من تشرين الأوَّل/اكتوبر 2023.
فيما هاجم زعيم حزب (الصهيونيَّة الدِّينيَّة) «وزير الماليَّة «الإسرائيلي» بتسلئيل سموتريتش» رزمة الاتِّفاق، بل «عدَّها تقويضًا لإنجازات الحرب وإذعانًا يُشجِّع على اختطاف «الإسرائيليِّين». ودعا إلى إقالة رئيس أركان الجيش؛ بسبب ما وصفَه بالإخفاقات في الأداء العسكري، مُطالِبًا بقيادة جديدة للتَّعامل مع المرحلة المقبلة». وزاد سموتريتش مُعبِّرًا عن شكوكه وخشيته عِندَما قال «شاهدنا الحشود في غزَّة بعد وقفِ إطلاق النَّار، ورأينا «المُخرِّبينَ» يَسيرون في الشَّوارع مع سيَّاراتهم. هذه تذكرة للجميع بأنَّ الحرب لا يُمكِن أن تنتهيَ طالَما أنَّ هذا الشَّرَّ المُتمثِّل بالفصائل الفلسطينيَّة لا يزال قائمًا».
وأثناء توجُّهه إلى مكتبه في الكنيست، سُئل رئيس «الحكومة الإسرائيليَّة»، بنيامين نتنياهو، عمَّا إذا كانتِ الحربُ قد انتهتْ، فأجاب بطريقةٍ مراوغة كترضية لقوى اليمين واليمين الفاشي: «سنُحقِّق جميع أهداف الحرب». فيما شدَّد سموتريتش على أنَّه «حصل على التزام من نتنياهو بأنَّ «إسرائيل» ستَعُودُ إلى المعركة للقضاء على حماس».
رئيس «المعارضة الإسرائيليَّة» (يائير لبيد)، وخلال اجتماع كتلة حزب «ييش عتيد» (يوجد مستقبل) في الكنيست، أيَّد الحلَّ، وقال إنَّ «الحرب انتهتْ، وجيِّد أنَّها انتهتْ». مُضيفًا قوله «العودة إلى الحرب ليسَتْ هدفنا، وإنَّما أن نبنيَ الرَّدع والاقتصاد والمُجتمع «الإسرائيلي» من جديد، وحان الوقت كَيْ نَعُودَ إلى الحياة».
في هذا السِّياق، وفي استطلاع جديد للرَّأي، قال فيه نَحْوُ (80%) من اليهود إنَّهم يؤيِّدون ما ذهب إِلَيْه الرَّئيس دونالد ترامب من فرض التَّوَصُّل لاتِّفاق. وتبَيَّنَ مِن استطلاع نشره «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، وشمل (800) يهودي و(200) عربي، وأجري في الأيَّام بَيْنَ الثَّالث الى السَّادس من كانون الثَّاني/يناير الجاري، أنَّ (71%) من الجمهور في «إسرائيل» كانوا وما زالوا يؤيِّدون وقْفَ إطلاقِ النَّار ورزمة الحلِّ، وذلك في الوقت الذي كان يُكرِّر فيه رئيس «الحكومة الإسرائيليَّة بنيامين نتنياهو»، التَّلميح إلى استئناف الحرب بعد أيِّ اتِّفاق.
وعَدَّ في الاستطلاع ذاته، وفي قراءة نتائجه، أنَّ (65%) من اليهود و(43.5%) من العرب في الدَّاخل أنَّ الحرب على قِطاع غزَّة كان يَجِبُ أن تنتهيَ منذُ وقتٍ نَحْوَ حلٍّ سياسي، من خلال الوصول مع «الدوَل العربيَّة المعتدلة» وفي إطار تسوية إقليميَّة إلى حلٍّ لقضيَّة قِطاع غزَّة.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك