الجمعة 27 ديسمبر 2024 م - 25 جمادى الآخرة 1446 هـ

معالجة الهموم الوطنية أهم ركائز البناء الوطني «ملف الباحثين عن عمل»

معالجة الهموم الوطنية أهم ركائز البناء الوطني «ملف الباحثين عن عمل»
الأربعاء - 25 ديسمبر 2024 05:30 م

خميس بن عبيد القطيطي

40

كتَبْنا في الأسبوع الماضي مقالًا يُحاكي المستقبل الوطني وظروفَه والمتغيِّرات الإقليميَّة والعالَميَّة والحالة الوطنيَّة وضروراتها المقبلة، وأهميَّة التَّركيز على اللُّحمة الوطنيَّة والوعيِ الجماهيري، وأهميَّة الحصانة الوطنيَّة في المرحلة القادمة والمستقبليَّة، مع التَّأكيد على أنَّ هذه القِيَم ليسَتْ خيارًا، بل واجب وطني حتمي ومصيري كما تمَّتِ الإشارة إلى الهموم الوطنيَّة الَّتي تُعَدُّ واقعًا وطنيًّا أيضًا.. لذا تطلَّب الأمْرُ أن نسبرَ تلك الهموم ليس لإعادة تعريفها أو إعادة عرضِها في سياق إعلامي.. فهناك أجهزة ومؤسَّسات دَولة تُقدِّم بيانات ورؤية وطنيَّة أكثر شمولًا يُمكِنها تقدير الحالة، إلَّا أنَّ الأهميَّةَ والأمانة الوطنيَّة تقديم الجزء الآخر؛ لارتباطِ هذه المسألة واستشفاف القضيَّة من خلال الرَّأي العامِّ ومقاصده الوطنيَّة النَّبيلة ومحاولة تَبنِّي النَّظرة الواقعيَّة، والإسهام بالفِكر الوطني البنَّاء في تشخيص الحالة وربطها مع الملف الوطني الأساسي، وهي القِيَم الوطنيَّة والوعي الفردي والمُجتمعي، وأهميَّة اللُّحمة والرُّوح الوطنيَّة الَّتي تتجلَّى وتبرز وتتعزَّز عِندَما تكُونُ ظروف الإنسان وحياة المواطن بالمستوى المأمول؛ ولتحديدِ الفكرة والعنوان بشكلٍ مُحدَّد يَجِبُ أن يكُونَ المستهدف هنا هو المواطن الباحث عن عمل والمواطن صاحب الدَّخل المحدود العالِق في مصاريف الحياة اليوميَّة.. هذا المواطن الباحث عن مستقبله في وطنه ـ لا شك ـ أنَّ أهمَّ أولويَّاته هو البحثُ عن وظيفةٍ يَبنِي بها مستقبلَه ومستقبل أُسرته لمجابهةِ ضرورات الحياة ومتطلباتها الماديَّة، وهذا ـ بلا شك ـ يُعزِّز من صلابته وقوَّته وحصَانته الوطنيَّة.

الجهات المعنيَّة بالباحثين عن عمل لدَيْها الأرقام، ولدَى الحكومة مشكورةً مبادرات تأهيل وتدريب وتوظيف، والحقيقة أنَّ هذه القضيَّة واقعٌ ملموس في مختلف دوَل العالَم، لكنَّها متفاوتة بَيْنَ بلدٍ وآخر، ولا يُمكِن معالجتها بَيْنَ عشيَّة وضحاها أو تقديم الحلِّ الشَّامل لها؛ لكن هناك ما يُمكِن به التَّخفيف من وطأتها على الفردِ قَبل استفحالها من خلال تضمين هذه الفئة من الباحثين ضِمْن قانون الحماية الاجتماعيَّة؛ نظرًا لأهميَّتها في هذه المرحلة العاصفة من التَّاريخ والمُتغيِّرات الإقليميَّة والدّوليَّة وأصداء تفاعلاتها وتأثيراتها المحتملة. ولا شكَّ أنَّ الركائزَ الوطنيَّة أهمُّ ما تُعوِّل عَلَيْه الأوطان، وبلادنا ـ ولله الحمد ـ حباها الله سبحانه بعناصر قوَّة، أبرزها أبناء هذا الشَّعب الوفيّ الغيور على الوطن، وبالتَّالي فإنَّ المواطن الآمِنَ في بلدِه المستقرَّ في حياتِه الَّذي يرسم مستقبلَه يأتي على سُلَّم أولويَّاته التَّوظيف وما يتبعُه من استحقاقات مستقبليَّة؛ وهنا فإنَّ الوظيفة هي حقٌّ من حقوق المواطن ينبغي الحصول عَلَيْها في مرحلةٍ عمريَّة مُحدَّدة كيفما يكُونُ مؤهّله.. فهو أحَد أبناء هذا الوطن العزيز، وفي ظلِّ هذه المرحلة العمريَّة النَّازعة إلى تكوين الأُسرة الحالمة بالمستقبل ينبغي أن يتوفرَ البديل المؤقَّت على الأقلِّ للتَّخفيف من تأثير قضيَّة الباحثين عن عمل، بحيث يتمُّ تضمين هذه الفئة ضِمْن قانون الحماية الاجتماعيَّة. وأقترحُ هنا تخصيصَ مبلغٍ رمزي وقدره (200) ريال عُماني لكُلِّ باحث بشكلٍ مُنظَّم ومُنتظِم حتَّى يتمَّ الحصولُ على الوظيفة، وهذا المبلغ قد يصل إلى (20) مليون ريال شهريًّا أو أكثر قليلًا وما يقرب من رُبع مليار سنويًّا قد يزيد أو ينقص. ولا شكَّ أنَّ الحكومة تُقدِّم مبادرات تدريب وتأهيل مكلفة أيضًا يُمكِن تحويلُ جزءٍ من مخصَّصات تلك المبادرات لدعمِ هذا الملف الوطني المهمِّ (الحماية الاجتماعيَّة) وبذلك يُمكِن تجاوز وعبور أكبر الهموم الوطنيَّة. قضيَّة أخرى أيضًا تتطلب المعالجة وهي قضيَّة العالِقين في ظروفٍ معيشيَّة متراكمة، ولهذه الفئة تقدِّم الحكومة وما زالتْ مُخصَّصات ماليَّة ومبادرات وبنودَ دعمٍ على مستوى وزارة التَّنمية الاجتماعيَّة، ومن خلال الجمعيَّات ومؤسَّسات المُجتمع المَدَني وهذه الفئة تتطلب المعاينة بشكلٍ مستمرٍّ لإيجادِ آليَّاتٍ كفيلة بمساندتِها ودعمها، ونظرًا لأهميَّة هذه القضايا الوطنيَّة الحسَّاسة وأهميَّة معالجتها والتَّخلُّص من هواجسِها المؤرقة فكان من الأجدرِ بالرَّأي العامِّ طرحُها على بساطٍ أحمدي والتَّطرُّق لها، والتَّأكيد على أهميَّة معالجتها بالسُّبل الَّتي تُعزِّز كُلَّ جوانب الحياة الوطنيَّة. حفظ الله عُمان آمِنةً مستقرَّة مزدهرة تنعَم بآلائه وفضلِه، والله خيرُ الحافظين، وهو أكرمُ الأكرمِين.

خميس بن عبيد القطيطي

[email protected]