الجمعة 27 ديسمبر 2024 م - 25 جمادى الآخرة 1446 هـ

التجزئة .. مهارة التوحش الاقتصادي

التجزئة .. مهارة التوحش الاقتصادي
الأربعاء - 27 نوفمبر 2024 03:39 م

عادل سعد

10

• بَيْنَما راجَ في الأيَّام القليلة الماضية الكثير من الاهتمام في التَّصدِّي لتجزئة الاقتصاد العالَمي، يظلُّ التَّعريف الواقعي لمعنى التَّجزئة في الاقتصاد عِندَ حدَّيْنِ.

• الأوَّل يعني كُلَّ ما يتعلَّق بموضوع البيعِ بالتَّجزئة وما يتعلَّق بالمفرد استخلاصًا مناقضًا للبيع بالجملة ضِمْن التَّسويق والاستهلاك على صعيد حاجات الأفراد والمؤسَّسات من هذه البضاعة أو تلك.

•الثَّاني، يعني التَّفكيك لغرضِ الاستفادة وفقَ أهدافٍ معيَّنة قد تُلحق ضررًا بجهاتٍ أخرى بناءً على حسابات يحكمها السَّعي إلى تنفيذ إجراءات حمائيَّة لكسبِ المزيد من الأرباح دُونَ النَّظر إلى احتمال أن يؤدِّيَ ذلك إلى مخاطر على اقتصادات أخرى داخل البلد الواحد، أو على الصَّعيد الدّولي وهو ما يهمُّنا هُنَا.

• هناك الآن تضارب واختلاطات وتعثُّر وتورُّط في التَّعاطي مع المعضلات الاقتصاديَّة الدّوليَّة السَّائدة حاليًّا، وأعني: • تذبذب فرص التَّنمية البَشَريَّة المستدامة، الكوارث الطَّبيعيَّة • الشّحة الَّتي أخذتْ تكتسحُ الموارد المائيَّة الصَّالحة للاستخدام البَشَري • تفاقم الخصومات السياسيَّة والحدوديَّة • الإهمال المتعمَّد لعددٍ من قرارات الشَّرعيَّة الدّوليَّة • التَّضارب في المصالح وفق محرِّكات نزعات الدّوَل ذات النُّفوذ الأقوى • التَّهديد بالعقوبات الاقتصاديَّة واستخدام القوَّة العسكريَّة • التَّعاطي بالإهمال مع إجراءات ينبغي أن تأخذَ طريقها إلى التَّنفيذ • استخدام سلاح الضَّرائب والرُّسوم المُجحِفة لإضعافِ المنافَسة التِّجاريَّة الَّتي من شأنها أن توفِّرَ غطاءات أمينة لحركة الأسواق العالَميَّة • احتكار المعرفة بذريعةِ الملكيَّة الفكريَّة، ومن واقعة تاريخيَّة كنتُ أحَدَ أطرافِها.

لقدْ اُتيح لي أن أكُونَ عضوًا في جمعيَّة الصَّداقة العراقيَّة الأستراليَّة في مطلعِ عَقدِ الثمانينيَّات من القرن الماضي، وفي الاجتماع الأوَّل الَّذي حضرته لأعضاء الجانب العراقي من هذه الجمعيَّة بهدفِ رسمِ دليل عمل عراقي لتوظيفِ العلاقة مع الجانب الأسترالي، قلتُ عَلَيْنا أن لا نفوِّتَ الفرصة لإشعار الأستراليِّين بضرورةِ أن يساعدوا العراق في تطوير منهجِه الزِّراعي الغذائي لِتَحقيقِ الاكتفاء الذَّاتي من هذه الحاجة الحياتيَّة الأساسيَّة، لكنَّه تمَّ تضييع الفكرة، أعني إهمال إدراجها ضِمن البرنامج العراقي لصالحِ مقترحاتٍ أخرى بذريعة أنَّ لكُلِّ دَولةٍ رصيدَها من مفاتيح المعرفة السِّريَّة لإبقاء تفوُّقها. •عدم وجود تطبيقات مُلزِمة لكُلِّ دوَل العالَم بشأن الأحكام الصَّادرة من محكمتَي الجنايات والعدل الدوليَّتَيْنِ •انخفاض مستوى الجديَّة في النَّظر إلى أسبقيَّات المنافع المشتركة والتَّلاعب بأخلاقيَّات العدلِ، أحَد أهمِّ شُروط حركة الاقتصاد العالَمي.

•بالمقابل هناك دوَل عديدة وقادةُ رأيٍ للاقتصاد العالَمي يُحذِّرون من مخاطر التَّعامل مع الواقع الاقتصادي الدّولي بشُروط التَّجزئة.

•بخلاصةٍ توضيحيَّة، لا قِيمة لأيَّة دراسة تتناول العِلل الَّتي يُعاني مِنْها الاقتصاد العالَمي إذا لم يتوافرْ منطق ميداني مناسب يُعِين المُجتمع الدّولي على تعزيز الشَّراكات لِتقاسُمِ الأرباح، بل وتَقاسُمِ الخسائر أيضًا.

•بتوضيحٍ اخر، لا يجوز استخدام النُّفوذ الاقتصادي الَّذي تتمتَّع به الدّوَل ذات الاقتصادات القويَّة في تكريس المزيد من الرَّفاه لشُعوبها بنزعات الاستحواذ والسَّيطرة الاحتكاريَّة والاستفراد بحقوقٍ مُعيَّنة على حساب دوَلٍ أخرى.

•بحسبةٍ منطقيَّة أخرى، أرَى أنَّ هناك خمسة منغِّصات للاقتصاد العالَمي تعمل الآن على التَّجزئة، 1- الاحتكار وما يدخل ضِمنه من هَيْمنة وتنعم بنزعة الاستحواذ واستخدام التكنولوجيا لصالح ذلك، 2-الحروب بكُلِّ ما تعني من ظلمٍ وتبديد وإملاءات ومآسٍ، 3- التَّطرُّف برؤوسه العنصريَّة والطائفيَّة والمناطقيَّة، 4- تصنيع المجاعات المقصودة، 5- الاختلاف على أسبقيَّات المعالجة.

•بالمنطق التَّضامني البنيوي، وإزاء المصير المشترك للبَشَريَّة، تظلُّ وحدة السَّاحة الاقتصاديَّة الدّوليَّة مفتاح مسؤوليَّات لا تحقُّ التَّجزئة عَلَيْها.

•إنَّ حقَّ دوَل العالَم مكفول في رسم السِّياسات التَّنمويَّة المستدامة بخصوصيَّات وطنيَّة، لكن ليس لهَا حقُّ الاستئثار بالفرص تجزئةً تمسُّ حقوقَ دوَلٍ أخرى.

عادل سعد

كاتب عراقي

[email protected]