تضعُ توقُّعاتُ البنكِ الدّولي ملايينَ الشَّبابِ أمامَ تحدٍّ عالَمي غيرِ مسبوقٍ يتمثلُ في ضرورةِ توفيرِ فرصِ عملٍ لهؤلاءِ الشَّبابِ خلالَ السَّنواتِ العشرِ المقبلةِ، الأمْرُ الَّذي يستلزمُ سياساتٍ تعملُ على توسيعِ القاعدةِ الاقتصاديَّةِ، وإيجادِ مبادراتٍ مولِّدةٍ لفرصِ العملِ من ناحية، وأيضًا تجاه الشَّبابِ نَحْوَ تنميةٍ مهاراتِهم لِتواكبَ متطلباتِ سُوقِ العمل.
فوَفْقًا لتوقُّعاتِ البنكِ الدّولي فإنَّه على مدَى السَّنواتِ العشرِ المُقبلة، سيصبحُ (1.2) مليار شاب في بُلدانِ الجنوب في سنِّ العملِ في وقتٍ من المتوقَّعِ ألَّا يخلقَ سُوقُ العملِ سوى (420) مليونَ فرصةِ عمل، لِيتركَ قرابة (800) مليونِ شخصٍ دُونَ مسارٍ واضح نَحْوَ إيجادِ مصدرِ دخلٍ لَهُم، خصوصًا وأنَّ هذا التَّحدِّي يتزايدُ مع حصولِ بعضِ الشَّباب على مزيدٍ من المُؤهِّلاتِ العلميَّة.
وللتَّعاملِ مع هذه الأزمةِ المنتظرةِ بادرتْ مجموعةُ البنكِ الدّولي بإطلاقِ المجلسِ الاستشاري رفيعِ المستوَى المعنيِّ بالوظائف، والَّذي يعكفُ على وضعِ سياساتٍ وبرامجَ عمليَّة وقابلةٍ للتَّنفيذِ لِمُعالجةِ أزمةِ نقْصِ فرصِ العمل الَّتي تلوحُ في الأُفقِ في بُلدانِ الجنوب، حيثُ إنَّه وفي إطارِ هذا المجلسِ سيجتمعُ خبراءُ بارزون على مستوى الحكوماتِ وقِطاعِ الأعمالِ والشَّركاتِ والمُجتمعِ المَدَني والأوساطِ الأكاديميَّة لطرحِ قيادةٍ فكريَّةٍ واستراتيجيَّاتٍ عمليَّةٍ وقابلةٍ للتَّطبيقِ؛ بهدفِ خَلقِ فرصِ عملٍ على نطاقٍ واسع، وستتمُّ دراسةُ الاستراتيجيَّاتِ المُحدَّدة داخلَ مجموعةِ البنكِ الدّولي بغيةَ تجربتِها في البُلدانِ المعنيَّة من خلال تطبيقاتٍ على أرض الواقع.
ولا شكَّ أنَّ المسؤوليَّةَ الأولى تقعُ على صانعي السِّياساتِ الاقتصاديَّة بحيث يكُونُ تركيزَ هذه السِّياساتِ على ضخِّ الاستثماراتِ واجتذابِ المشاريعِ المستدامة والمولِّدةِ لفرصِ العملِ في دوَل الجنوبِ، خصوصًا وأنَّ المشاريعَ المستدامة القابلة للنُّموِّ هي وحْدَها القادرةُ على استيعابِ النُّموِّ في أعدادِ الدَّاخلينَ لِسُوقِ العمل.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإنَّ التَّوَجُّهاتِ الاقتصاديَّةَ المستقبليَّة والمعتمدةَ بشكلٍ أساسي على التقنيَّاتِ وثورةِ الذَّكاء الاصطناعي تتطلبُ تخصُّصاتٍ علميَّةً معينة ينبغي على الشَّبابِ التَّوَجُّه لَها مع صقلِها بالمهاراتِ اللَّازمة.
هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري