تحتفلُ سلطنةُ عُمانَ بعيدِها الوطني الرَّابع والخمسينَ المَجيد، وهي ترفلُ في ثوب العزِّ والفخار، بخطواتٍ واثقة في سبيلها لتحقيقِ التَّقدُّم والرَّخاء، تحت قيادةِ راعي نهضتِها المُتجدِّدة، جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الَّذي آلَى على نَفْسِه منذُ أمسَك بدفَّةِ القيادة، بذْلَ قصارَى جهدِه من أجْلِ رفعةِ وتقدُّم ورخاء عُمان، فشهدتْ على يدَيْه البلادُ نهضةً تنمويَّة متجددة، نجحَ خلال (5) أعوام فقط في تحقيق قفزاتٍ تنمويَّة وإصلاحات اقتصاديَّة غير مسبوقة، استطاعتْ بفضلِها سلطنةُ عُمان اجتيازَ التَّحدِّيات الصَّعبة الَّتي رافقتْ توَلِّي جلالته مقاليدَ الحُكم، من ظهور جائحة كورونا، وما تلاها من أزماتٍ اقتصاديَّة، ألْقَتْ بظلالها على اقتصادات كافَّة دوَل العالَم.
قائمةٌ طويلة من الإنجازات في كافَّة المجالات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة حقَّقتْها عُمان بقيادة جلالته ـ أعزَّه الله ـ الَّذي تبنَّى منذُ اليومِ الأوَّل لِتوَلِّيه مقاليدَ الحُكم، برنامجًا إصلاحيًّا طوحا، مرتكزًا على دراسات علميَّة وأرقامٍ وتحليلات دقيقة للواقع العُماني، متكئًا على منطلقاتِ الرُّؤية المستقبليَّة لـ»عُمان 2040»، والَّذي تولَّى جلالته رئاسة لَجنتِها الرئيسة، بتكليفٍ من المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السُّلطان قابوس ـ طيَّب الله ثراه ـ في العام 2013م، فكانتِ الصورةُ واضحةً والأهداف محدَّدةً، والإرادة السياسيَّة متوافرة، وانطلقتْ مَسيرةُ العمل، وتوالتِ الإنجازات.
كانتِ البداية (28) مرسومًا ساميًا، تضمَّنتْ إلغاءَ قوانين، وإعادة هيكلة وزارات، واستحداث وزارات أخرى، وضخَّ دماء جديدة في الجهاز الإداري للدَّولة، وإعادة هيكلة مجلس الوزراء، وتكثيف الجهود من أجْلِ تحسينِ الأداءِ الحكومي، وتطوير البنية القانونيَّة والتَّشريعيَّة، وترسيخ المبادئ الأساسيَّة لنظامٍ قضائي ناجز، يضْمَن أعلى معايير العدالة والنَّزاهة والشَّفافيَّة، فعملَ على توحيد جهات التَّقاضي، والادِّعاء العامِّ في منظومة قضائيَّة واحدة، وأحدَثَ نقلةً نوعيَّة، في مَسيرة العمل البرلماني والتَّشريعي والبلدي، من منطلق إيمان جلالته، بأهميَّة مشاركة المواطن في بناء وطنه، تجلى ذلك في انتخابات مجلس الشُّورى 2023، الَّتي شهدتْ نسبةَ مشاركةٍ ناهزتْ (66%)، وأشاد بنزاهتها وسلاسة إجراءاتها، كافَّة المُنظَّمات الدّوليَّة، كما جرتْ أوَّل انتخابات للمجالس البلديَّة في عهد السُّلطان هيثم بن طارق، لِتؤدِّيَ دَوْرَها في تنمية محافظات السَّلطنة، والمساعدة في تقديم الخدمات للمواطنين.
نجاحات مشهودة تحققت في ضبطِ الإنفاقِ والماليَّة العامَّة للدَّولة، وتحسين الإيرادات غير النفطيَّة، وتطوير الأداء المالي لسلطنة عُمان، من خلال حزمة من الإجراءات، ضِمْن مستهدفات خطَّة التَّنمية الخمسيَّة العاشرة 2021 ـ 2025 الَّتي أدَّتْ لِتَحقيقِ فائضٍ في الموازنة العامَّة، وارتفاع الإيرادات الحكوميَّة، ورفع التَّصنيف الائتماني لوكالاتِ التَّصنيف الدّوليَّة لسلطنةِ عُمان عدَّة مرَّات خلال العامَيْنِ الأخيرَيْنِ، الأمْرُ الَّذي يُعزِّز الجدارة الائتمانيَّة للسَّلطنة، ويُقلِّل كلفةَ الاقتراض، ويجذبُ رؤوسَ الأموال الأجنبيَّة للاستثمار، وزيادة معدَّلات النُّمو المستدام الَّذي يولدُ فرص العمل للعُمانيِّين.
كما شهد أداء جهاز الاستثمار العُماني نجاحات كبيرة، وأصبح ضِمْن أكبر (10) صناديق سياديَّة للثروة، من حيث حجم الأصول في الشَّرق الأوسط، بعدما وصلَ حجمُ أُصولِه (50) مليار دولار.
طالَمَا أدَّتْ سلطنةُ عُمانَ دَوْرًا حيويًّا مؤثِّرًا في محيطها الإقليمي، مستمدَّةً الزَّخم من ثراء التَّاريخ العُماني، وتفرُّد الموقع الاستراتيجي، وتَبنِّي السَّلطنة سياسةً تَقُومُ على التَّعاون والسَّلام والأمن والاستقرار، لِتنعمَ كافَّة شعوب المنطقة بالازدهار والرَّخاء.
فقَدْ أرسَى القائدُ المؤسِّس قابوس بن سعيد «طيَّب الله ثراه»، مبدأً راسخًا في الدبلوماسيَّة العُمانيَّة، يَقُومُ على مناصرةِ الحقِّ والعدلِ، ونشرِ قِيَم التَّسامح والمَحبَّة والإخاء، والدَّعوة لمعالجةِ الخلافات والنّزاعات، بالجلوس لمائدةِ المفاوضات، ونبذِ العُنف والحروب الَّتي لا تجلبُ سوى الدَّمار والخراب، وهو النَّهج الَّذي حرصَ على تأكيده والسَّير عَلَيْه جلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ـ في التَّعامل مع الدّوَل الشَّقيقة والصَّديقة، والتَّعاطي مع الملفات السياسيَّة المشتعلة الَّتي تحيط بالمنطقة، لذلك كانتِ السَّلطنة مقصدًا للعديد من قادة العالَم لأخذِ المشورة، وتبادل وجهات النَّظر فيما يخصُّ القضايا الإقليميَّة المُتعدِّدة، وفي صدارتها القضيَّة الفلسطينيَّة، الَّتي تدعمها سلطنة عُمان، وتدعو دومًا إلى إرساء مبادئ القانون الدّولي والحقِّ والعدلِ والإنصاف، لوقفِ العدوان وتخليص فلسطين من الاحتلال الغاشم.
محمد عبد الصادق
كاتب صحفي مصري