الخميس 14 نوفمبر 2024 م - 12 جمادى الأولى 1446 هـ
أخبار عاجلة

أوراق الخريف : لبنان و«إسرائيل» وتنفيذ القرار 1701

أوراق الخريف : لبنان و«إسرائيل» وتنفيذ القرار 1701
الثلاثاء - 05 نوفمبر 2024 05:08 م

د. أحمد بن سالم باتميرا

10

صدَقَ الكاتب اللبناني الكبير والصَّديق الأستاذ «جورج علم» عِندما قال في أحَد مقالاته: «يبقَى الحديثُ حَوْلَ تنفيذ القرار (1701)، من باب الرَّغبة، وليس من باب الضَّرورة». فلبنان «سويسرا الشَّرق» يحتاج أن يستقرَّ وأن يكُونَ له حكومة، وأن ينعمَ شَعبه بالأمن والرَّخاء كما عهدناه سابقًا.

فالخيارات صعبة، وحرب الاستنزاف مكلفة، ولا يُمكِن للبنان أن يتحملَها طويلًا، لحساباتٍ إقليميَّة ودوليَّة وشأن داخلي، ولا يستطيع أيُّ حزبٍ البوح بها لأسبابٍ عدَّة سياسيَّة واقتصاديَّة.

فالرَّئيس ميقاتي لا يُمكِنه تسديد الفواتير الاقتصاديَّة في الوقت الحالي، وفرنسا مجرَّد تصريحات ووعود، دُونَ تحريك ودعم أميركي لخطواتها، وإيران تتعامل مع الأحداث بطريقتها المعتادة مِثل تعاملها مع صناعة السجَّاد بهدوء وصبر، حتَّى ولو كلَّفها الأمْرُ سنوات.

فالكيان «الإسرائيلي» يعتقد جازمًا أنَّ الفرصة متاحة الآن لاجتياحِ الجنوب اللبناني والسَّيطرة عَلَيْه، وأنَّ الفرصة قد لا تتكرَّر، نتيجة الضّعف العربي والدَّعم الأميركي الغربي لـ»إسرائيل» في حربها الحاليَّة بصورة كبيرة وتفرج صنَّاع السِّياسات العالَميَّة، في عالَم أصبحت فيه السَّيطرة لقطبٍ واحد مهيمن نتيجة التَّأييد وتفرج الآخرين!

فالمقاوَمة اللبنانيَّة مستمرَّة في الدِّفاع عن السِّيادة الوطنيَّة اللبنانيَّة ضدَّ العدوان «الإسرائيلي»، وأصبح أشقَّاء لبنان وشركاؤه الآخرون يتفرَّجون على لبنان دُونَ التحرُّك لوقفِ التَّدخُّلات «الإسرائيليَّة» الَّتي تستبيح حرمة الأراضي، وتخالف الأعراف والقوانين الدّوليَّة لوجود خللٍ فرنسي، وباريس هي الحليف الرئيس للبنان!

شخصيًّا لا أعرف ما هو الدَّوْر الفرنسي؟ وماذا ستفعل فرنسا لوقفِ الصِّراع والحرب على بلدٍ جميل وهادئ ومسالِم مع الآخرين؟ ومع كُلِّ هذا، فإنَّ العرب عَلَيْهم التحرُّك لوقفِ هذه الحروبِ في المنطقة. فالمواجهات تستدعي تعبئة وطنيَّة شاملة في لبنان مع إعادة إحياء المؤسَّسات، وبناء الدَّولة على أُسُس صحيحة، سليمة، وثابتة.

فمنذُ الحرب الأهليَّة اللبنانيَّة عام 1975 حتَّى يومنا هذا، لم ينعمْ لبنان باستقرارٍ دائم حقيقي، فهذا البلد أضحَى بلدًا يُعاني ويعاني من فقرٍ لم يعتدْه سابقًا ومن الخوف من المستقبل؛ نتيجة الأوضاع الاقتصاديَّة والضَّائقة الماليَّة والمعيشيَّة منذُ عام 2019 حتَّى اليوم.

لذا من الصَّعب التنبُّؤ بالغد، ولكن لبنان عوَّدنا دائمًا على تجاوز المِحن، رغم النُّزوح السوري له، ومن قَبل الوجود الفلسطيني والمُخيَّمات، والحكومة المؤقَّتة تعمل جاهدة على استقرار الوضع الاقتصادي، وإعادة الحياة للقِطاع السِّياحي ووقفِ نزيف العُملة وغيرها.

ومن هُنَا أدْعُو مجلس الأمن والدوَل الكُبرى والأشقَّاء والأصدقاء للبنان إلى عقدِ مؤتمرٍ دولي لوقفِ التَّدخُّلات الصهيونيَّة والمجازر، قَبل قيام القوَّات «الإسرائيليَّة» بمزيدٍ من الحماقات في الجنوب وغيره، وكما أوقفَ اتِّفاق الطَّائف 1989 الحرب اللبنانيَّة الأهليَّة الَّتي استمرَّت لـ(15) عامًا متَّصلة، فإنَّ المؤتمر العالَمي يُمكِن أن يحلَّ كُلَّ الإشكاليَّات بلبنان، وعودة الثِّقة بَيْنَ الشَّعب اللبناني وحكومته الحاليَّة أو الجديدة وبناء الدَّولة وعودة أراضيها المُحتلَّة لِتَعُودَ الحياة لسويسرا الشَّرق.

لذا يَجِبُ تنفيذ قرار مجلس الأمن (1701) تنفيذًا فعَّالًا على الأرض، والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانيَّة العاجلة له. و»إسرائيل» الَّتي تَقُومُ بهذه الجرائم والحروب والقتل والتَّدمير هي مسؤولة ومُدانة ومُجرَّمة على أفعالها، ومعها الدوَل الدَّاعمة لسياساتها.

فاليوم لبنان في حاجةٍ لانتخاباتٍ برلمانيَّة ورئاسيَّة، ولِتعهُّدٍ من الجميع بعدم عرقلة هذا التَّوَجُّه، مع دعم دولي وإقليمي من أصدقاء لبنان لهذه الخطوة، ومن وقف الحرب والاعتداءات المستمرَّة من «إسرائيل» لِتَعُودَ سويسرا الشَّرق لمكانتِها المعهودة.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا

[email protected]