في ظلِّ تزايد الاعتماد على التكنولوجيا وانتشار الأنظمة والشَّبكات الرقميَّة، وارتباط كافَّة الأنشطة الاقتصاديَّة والسِّياسيَّة والاجتماعيَّة في الدوَل بهذا الفضاء الإلكتروني، باتَ من الضروري العمل على حماية تلك الأنشطة من مخاطر الهجمات الإلكترونيَّة والاختراقات غير المُصرَّح بها، الَّتي قد تضرُّ بالأشخاص أو بالمؤسَّسات العاملة في الدَّولة، ما يُشكِّل تهديدًا على الأمن الوطني، لذا أضحى الأمْنُ السِّيبراني من أولويَّات الحكومات، حيث تكمُن أهميَّة الأمْنِ السِّيبراني في حماية المعلومات الحسَّاسة مِثل البيانات الماليَّة، الطبيَّة، والشَّخصيَّة، والَّتي يُشكِّل الاستحواذُ عَلَيْها خطورةً كبيرة على الوطن والمواطن في ذات الوقت، فهذا التَّوَسُّع الإلكتروني المُطَّرد، باتَ يستلزمُ حمايةً وطنيَّة من المخاطر المُحتملَة، لذا تسعَى كافَّة دوَل العالَم إلى إقامةِ نُظُمٍ وبرامجَ لِضَمانِ الحماية المُثلى للبيانات والشَّبكات.
إنَّ الأمْنَ السِّيبراني في عصرِنا الحالي لم يَعُدْ رفاهيَّة، بل باتَ مطلبًا أساسيًّا، فهو المجال الَّذي يهتمُّ بحمايةِ الأنظمةِ الإلكترونيَّة والمعلوماتيَّة من الهجماتِ الإلكترونيَّة والتَّهديدات الأمنيَّة. لذا يُعَدُّ أحَد المجالات الحيويَّة في العصر الحالي، حيث يتزايد الاعتماد على التقنيَّات الرَّقميَّة والحاسوبيَّة في مختلف المجالات، وبالتَّالي يزدادُ خطرُ الاختراق والتَّسلُّل إلى الأنظمة الإلكترونيَّة والتَّلاعب بها، وهو ما يستلزمُ توفيرَ الحماية اللازمة للأنظمةِ الإلكترونيَّة والمعلوماتيَّة وضمان سلامتها وأمانها، ولن نبالغَ إذا أكَّدنا أنَّ الاهتمام بتطويرٍ مستمرٍّ للأمْنِ السِّيبراني أضحَى إحدى الوسائل المُهِمَّة لحمايةِ المصالح الحيويَّة للدَّولة وأمْنِها الوطني، إضافةً إلى حماية البنى الأساسيَّة الحسَّاسة والقِطاعات ذات الأولويَّة، والخدمات والأنشطة الحكوميَّة، ما فرضَ على الحكومات والدوَل وضْعَ السِّياسات وآليَّات الحوكمة والأُطر والضَّوابط والُمتعلِّقة بالأمْنِ السِّيبراني وتطويرها لِتواكبَ التَّطوُّر المستمرَّ في تلك التقنيَّات.
وتُعَدُّ سلطنة عُمان من الدوَل الَّتي عمدَتْ على الاهتمام الكبير بالأمن السِّيبراني، وعملتْ على تعزيز بيئة رقميَّة آمِنة وموثوقة، في ظلِّ التَّطوُّر التكنولوجي وتزايد التَّهديدات السِّيبرانيَّة المواكِبة له، الَّتي تُمثِّل تهديدًا على الأمْنِ القومي، وأُصول أمْنِ المعلومات وبنيتها الأساسيَّة، وقامتْ بإنشاء المركز الوطني للسَّلامة المعلوماتيَّة لتوفيرِ مرجعيَّة لمتطلباتِ رفعِ الحدِّ الأدنى من مستوى حماية أُصول أمْنِ المعلومات، وأنظمة الدَّعم في جميع الجهات المعنيَّة في الدَّولة، وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف أطلقتْ وزارة النَّقل والاتِّصالات وتقنيَّة المعلومات ـ ممثَّلةً بالمركز الوطني للسَّلامة المعلوماتيَّة ـ بالتَّعاون مع جامعة التقنيَّة والعلوم التطبيقيَّة بمسقط «مركز حداثة» لصناعة الأمْنِ السِّيبراني وذلك ضِمْن فعاليَّات الأسبوع الإقليمي للأمْنِ السِّيبراني.
إنَّ إطلاقَ (مركز حداثة) يهدف في الأساس إلى تعزيز مخرجات البرنامج الوطني لصناعةِ الأمْنِ السيبراني، من خلال إدارة المعرفة والأفكار والبحوث وتصميم منتَجات وخدمات الأمْنِ السِّيبراني بمحاكاة النَّمذجة والاختبار، كما يسعَى المركز إلى تحقيق التَّوافُق مع برنامج صناعة الأمْنِ السِّيبراني في سلطنة عُمان، وتعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في الأمْنِ السِّيبراني والتقنيَّات الحديثة، بما يُحقِّق أهداف المحاور الرئيسة لبرنامج صناعة الأمْنِ السِّيبراني في السَّلطنة، كما تهدف المراكز إلى تفعيل بناء حلقة وصل بَيْنَ الجهات الحكوميَّة والقِطاع الخاصِّ والمؤسَّسات الأكاديميَّة، ما يُحقِّق الأهداف المنشودة، الَّتي باتَتْ جزءًا من الأمْنِ الوطني العُماني.