الأربعاء 23 أكتوبر 2024 م - 19 ربيع الثاني 1446 هـ
أخبار عاجلة

أضواء كاشفة : الاقتصاد الأزرق .. فرص واعدة فـي الانتظار

أضواء كاشفة : الاقتصاد الأزرق .. فرص واعدة فـي الانتظار
الثلاثاء - 22 أكتوبر 2024 04:30 م

ناصر بن سالم اليحمدي

10

منذُ بواكير نهضتنا المباركة، حرصت قيادتنا الحكيمة على تقوية الاقتصاد الوطني فوضعتِ الاستراتيجيَّات طويلة المدَى الَّتي تعمل على تنميته واستطاعتْ في فترةٍ زمنيَّة قياسيَّة تحويل الاقتصاد العُماني إلى اقتصاد يتمتع بتنويع مصادر الدَّخل في العديد من المجالات، وصارتْ هناك قِطاعات غير نفطيَّة ذات تأثير كبير في الإيرادات العامَّة للدَّولة مِثل قِطاعات السِّياحة والصِّناعة والتِّجارة والثَّروة الزِّراعيَّة والسَّمكيَّة والحيوانيَّة وغيرها.

ولأنَّ سلطنة عُمان تمتلك موقعًا بحريًّا مميزًا جعلها واسطة العِقد في مجال الملاحة البحريَّة وممرًّا تجاريًّا مُهمًّا وقِبلةً سياحيَّة جذَّابة.. حاولتْ قيادتنا الحكيمة استغلال هذا الموقع المتميِّز فيما يَعُودُ على البلاد والعباد بالنَّفع.. لذلك ظهر مصطلح «الاقتصاد الأزرق» والَّذي يتعلق بكُلِّ ما من شأنه تطوير الأنشطة الاقتصاديَّة المتعلِّقة بالمجالات البحريَّة والملاحيَّة واللوجستيَّة.. وهذا المصطلح ليس مستحدثًا بالنِّسبة لأنشطة السَّلطنة.. فعلى مدَى تاريخها العريق ارتبط العُماني بالبحر ارتباطًا وثيقًا واستطاع أن يستفيدَ مِنْه قدر استطاعته، إلَّا أنَّ هذه الاستفادة يَجِبُ أن تتطوَّرَ مع تطوُّر الزَّمن، وكان من الضروري تسخير تقنيَّات العصر لِتَحقيقِ أفضل النَّتائج للوصولِ للتَّنمية الشَّاملة.

ومؤخرًا ـ كما نُشر في العديد من وسائل الإعلام ـ استعرض ملتقى الدُّقم الخامس الَّذي نظَّمه فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة الوسطى، بالشَّراكة مع وزارة الخارجيَّة والهيئة العامَّة للمناطق الاقتصاديَّة الخاصَّة والمناطق الحُرَّة بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، أهمَّ الفرص الاستثماريَّة المُتاحة بالاقتصاد الأزرق، وقِطاعات الأمنِ الغذائي واللوجستي والسِّياحي، والطَّاقة المُتجدِّدة في سلطنة عُمان بشكلٍ عامٍّ ومحافظة الوسطى بشكلٍ خاصٍّ.. وعدَّد المشاركون في الملتقى أهمَّ الأنشطة المتعلِّقة بالاقتصاد الأزرق في وقتنا الحالي مِثل مصايد الأسماك والنَّقل البحري، واستخراج المعادن وتوليد الطَّاقة المُتجدِّدة والسِّياحة المائيَّة والاستزراع السَّمكي وغيرها ممَّا يُعزِّز إمكانيَّة الاستفادة من الموارد المائيَّة فيما يَعُودُ على البلاد والعباد بالنَّفع وعلى المستثمِرِين بالرِّبح الوفير. لقدِ امتهنَ العُمانيون منذُ قديم الزَّمن مهنة الصَّيد والإبحار وتوارثتها الأجيال بعدهم.. كما أنَّ قيادتنا الحكيمة عَدَّت أنَّ الاقتصاد الأزرق يُشكِّل رافدًا حيويًّا ومُهمًّا في الاقتصاد الوطني وجعلَتْه على رأس القِطاعات الإنتاجيَّة غير النِّفطيَّة عن طريق الاهتمام بالثَّروة السَّمكيَّة لِمَا لهَا من فائدة اقتصاديَّة واجتماعيَّة.. فهي توفِّر الغذاء والعملة الأجنبيَّة وتُسهم في توفير فرص عمل للشَّباب من خلال الصِّناعات المختلفة الَّتي ترتبط بالصَّيد كالنَّقل والتَّبريد والتَّصنيع والتَّغليف والتَّصدير وخلافه.. كما أنَّ الاقتصاد الأزرق يُعَدُّ مجالًا رحبًا للاستثمار لأيِّ رجُل أعمال؛ لأنَّ مشاريعَه مضمونة، وستُحقق ربحيَّة عالية بإذن الله، سواء كانت تلك المشاريع صغيرة أو متوسِّطة أو كبيرة يساعده في ذلك طبيعة بلادنا البيئيَّة والطَّبيعيَّة وما تمتلكه من موارد وخيرات وموانئ ضخمة ومؤهّلة، إلى جانب وسائل التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى القوانين الَّتي تمنحه التَّسهيلات الكافية لِتَحقيقِ حلمِه بأسرع وقت وأسهل طريقة.. لذلك حرصتْ حكومتنا الرَّشيدة بفضل الأوامر السَّامية على تشجيع هذا القِطاع المُهمِّ، سواء كان حكوميًّا أو خاصًّا، والارتقاء به وتطويره بتقديم الدَّعم المباشر وغير المباشر للمشروعات أيًّا كان حجمها لضمان استمراريَّتها وبقائها. لا شكَّ أنَّ مِثل هذه النَّدوات والمتلقيات والمؤتمرات الَّتي تدعم الاقتصاد الوطني تضْمَن ديمومة تطوُّره ونُموِّه، وتفتح آفاق التَّعاون بَيْنَ السَّلطنة والدوَل المختلفة، وتُتيح تبادُلَ الخبرات مع الدوَل المُتقدِّمة.. ونريدُ من الشَّباب أن يخوضوا غمار هذا المجال المُهمِّ فيستثمرون أموالهم في مجال الاقتصاد الأزرق حتَّى يرفعوا من شأنِ بلدِهم عاليًا وينهضوا بمستوى اقتصاد وطنهم، وفي ذات الوقت يحققون حلمهم في الرِّبح والثَّراء. كُلُّ الشُّكر لصاحبِ الفِكر المستنير قائدنا المُفدَّى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم على ما يُبديه من اهتمام ملموس بتنويع مصادر الدَّخل، وتطوير المنظومة الاقتصاديَّة في البلاد، وكُلُّ التَّحيَّة للسَّواعد الفتيَّة الَّتي تُعلي من شأن الوطن، وترفع رايته خفَّاقة ووفَّق الله حكومتنا الرَّشيدة لِتَحقيقِ المزيد من التَّنمية والخير للبلاد والعباد.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني