الأربعاء 23 أكتوبر 2024 م - 19 ربيع الثاني 1446 هـ
أخبار عاجلة

أوراق الخريف : عام من الإبادة وتقاطر للشهداء.. إلى متى؟!

أوراق الخريف : عام من الإبادة وتقاطر للشهداء.. إلى متى؟!
الثلاثاء - 22 أكتوبر 2024 04:28 م

د. أحمد بن سالم باتميرا

10

حلَّتِ الذِّكرى الأولى لطوفانِ الأقصى الَّتي نفَّذتها المقاوَمة الفلسطينيَّة في غزَّة ردًّا على القتلِ والدَّمار والحصار الخانق للقِطاع، واعتقال آلاف الفلسطينيِّين في السجون «الإسرائيليَّة»، والتَّجاهل العالَمي والأُممي للقضيَّة الفلسطينيَّة طوال السَّنوات الماضية..!

ونحنُ نتوقَّف عِند الذِّكرى الأُولى للمعركة ومخرجاتها، والَّتي وصلتْ لاغتيالِ القادة إسماعيل هنيَّة، وحسن نصرالله واستشهاد يحيى السنوار وغيرهم من القادة العظماء في فلسطين ولبنان، ينبغي عَلَيْنا معرفة الاتِّجاهات والبوصلة الدّوليَّة الَّتي سقطتْ بعد هذه الحرب، وأظهرتْ لنَا أصدقاءنا ومَن أعداءنا ومَن هُمُ المُنافِقون أصحاب الوجهَيْنِ والدَّاعمِين لـ»إسرائيل».

فارتدادات معركة الطوفان كثيرة، وعَلَيْنا أن نفخرَ بالمقاوَمة الفلسطينيَّة واللبنانيَّة وغيرها، وما حقَّقته من مكاسب، رغم آلةِ الحرب العدوانيَّة «الإسرائيليَّة» والإبادة الجماعيَّة والتَّدمير والتَّهجير على أصحاب الأرض، لِتنكشفَ الحقيقة أنَّ هذا الكيان، كيان من ورقٍ عسكريًّا لولا أميركا، فلولا وقوفها مع الاحتلال لكانَ هناك انتصار نهائي أو مفاوضات سلام جادَّة لحلِّ الدَّولتَيْنِ.

فمعركة الأقصى وضعتِ النِّقاط على الحُروف، رغم محاولات بعض الدوَل الغربيَّة النَّيْل ومصادرة أحقيَّة الفلسطينيِّين بدَولةٍ قابلة للحياة، فأيُّ عدالةٍ هذه؟ وأيُّ أُمم مُتَّحدة وقوانين، وما زال العدوُّ يخترق كُلَّ الأنظمة والقوانين والمحاكم وقراراتها تحت أعْيُن الدوَل الكبرى، حيث لا يُمكِن أن يستعيدَ الأمْنَ ولا يصدقَ العاقل أنَّ أميركا و»إسرائيل» يسعيانِ لقيامِ دَولتَيْنِ فلسطينيَّة و»إسرائيليَّة» بعد اليوم.

ولا يُمكِن وصْفُ رئيس وزراء «إسرائيل» نتنياهو بأقلّ من أنَّه مُجرِم حرب، وقائد عصابة تُمارس حرب إبادة؛ لبناء شرق أوسطي جديد برؤيته مخالِفًا كُلَّ قواعد الاشتباك في الحروب؟ واستشهاد «السنوار» لا يَعني انتهاء الحرب، بل هناك فصول في الكِتاب الصهيوني تحكي بأنَّ الحرب ستنالُ آخرين، فهل حانَ وقتُ الواقعيَّة والمُصارحة، لِيعمَّ السَّلام المنطقة والعالَم من خلال مفاوضات جادَّة وحزمة إصلاحات دوليَّة لإنهاء الصِّراع، وإقامة الدَّولة الفلسطينيَّة، واستتباب الأمن، وتنفيذ قرارات الشَّرعيَّة الدّوليَّة، يُقابل ذلك موافقة الفلسطينيِّين والعرب على حلِّ الدَّولتَيْنِ من خلال المبادرة العربيَّة؟

واليوم نؤكِّد أنَّ الصفَّ «الإسرائيلي» الموَحَّد داخليًّا وخارجيًّا، والصَّف الفلسطيني رغم مرور كُلِّ هذه السَّنوات والحروب وتوقيع العديد من الاتفاقيَّات بَيْنَ فصائله، لا يزال منقسمًا على نَفْسه، وهذا سببٌ رئيس لخسارته كُلَّ المعارك الدبلوماسيَّة والعسكريَّة، وحان الوقتُ لتوحيدِ الصُّفوف داخليًّا وخارجيًّا لوقفِ سَيْلِ الدِّماء والتَّهجير والتَّدمير، وحرب الإبادة «الإسرائيليَّة» على غزَّة شكَّلت مرحلةً انتقاليَّة في الصِّراع الفلسطيني ـ «الإسرائيلي» و»الإسرائيلي» ـ العربي.

خصوصًا وأنَّ رئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو ما زال يُكرِّر نَفْس الاسطوانة وحجَّته المُفضَّلة، هي اتِّهام المُجتمع الدّولي بالنِّفاق فيما يتعلَّق بالحرب على قِطاع غزَّة. لذا فإنَّ إطفاء الحرائق ووقف هذه الأكاذيب يتطلب تدخُّل منظَّمات ودوَلٍ محايدة، خصوصًا وأنَّ الأجواء السِّياسيَّة بدأتْ نَوْعًا ما بالتَّحرُّك لهدنةٍ أو اتِّفاق لإيقافِ هذه الحرب وغيرها.

فالولايات المُتَّحدة الأميركيَّة هي القوَّة الوحيدة الَّتي تُسيطر وتُحرِّك هذه الحروب حيثما تشاء هُنَا وهُنَاك، والغرب باتَ تابعًا الماسونيَّة العالَميَّة الَّتي يَقُودُها اليهود من واشنطن، وروسيا العظمى منهمكة في حربها الأوكرانيَّة، والصين منهمكة في بناء وضعها الاقتصادي والتَّفوُّق على أميركا، فالاتِّجاه نَحْوَ الشَّرق هو وسيلةٌ من الوسائل لوقفِ الحرب والضَّغط على أعداء السَّلام. فلا شيء يدوم، و»إسرائيل» ستسقط يومًا ما، مِثل أوراق الخريف، وخريف الأقصى سيُزهر وينمو يومًا ما، فهُنَاك العشرات مِثل هنيه ونصر الله والسنوار، وقتلهم لن يكُونَ المسمار الأخير في نعش حماس أو حزب الله، كما تتمنَّى «إسرائيل» وحلفاؤها. وكما استمرَّتِ المقاوَمة في غزَّة على مدَى عامٍ كامل وهي تقاوِم الاحتلال، والجيش الفلسطيني كذلك، رغم الفروقات العسكريَّة والدَّعم الغربي الصهيوني الماسوني، فإنَّ النِّضال من أجْلِ الحُريَّة لن يتوقفَ، والإصرار على إقامة الدَّولة الفلسطينيَّة على أراضي 1967م سوف يتواصل ويستمر، فحماس إنْ قُضي عَلَيْها فهي ليسَتْ وحدها المسؤولة عن استرداد الحقوق الفلسطينيَّة بإقامة دَولة فلسطينيَّة، لذا سيظلُّ الأقصى والقضيَّة الفلسطينيَّة قضيَّتنا الأولى، وقضيَّة المُسلِمِين، وقضيَّة أصحاب الحقِّ والشُّرفاء في المنطقة والعالَم.

د. أحمد بن سالم باتميرا

[email protected]