إلا التعليم
**
على الرغم من الخوف والقلق الذي ساد في الفترة الأخيرة بسبب الأزمة الاتصادية التي تأثرت بها دول كثيرة بسبب انخفاض أسعار النفط وما تبع ذلك من إجراءات اتخذتها الدول للتعامل مع هذه الأزمة كل حسب الضرر الواقع عليها إلا أن وزارة التعليم العالي افتتحت إجازة نهاية الأسبوع يوم الخميس الماضي بمفاجأة جميلة وهي إعلان البرنامج الوطني لبعثات التعليم العالي هذا الإعلان الذي يطرح سنوياً إلا أن هذه المرة كان استقباله مختلفاً وأعاد بريق الأمل لهذا العام الذي هيأ فيه المواطن ليكون عاما بظرف استثنائي ليكون مختلفا لسببين أولهما أن التقدم للبعثات جاء بشرط القبول من إحدى الجامعات التي تضمنها الإعلان مع حذف الشروط التي كنت عائق لدى البعض ومن ثم ستكون هناك مفاضلة بين الطلبات أما السبب الآخر هو أنه من غير المتوقع أن يُطرح هذا البرنامج إلا أن الحكومة بهذه الخطوة برهنت على أن التعليم لتنمية العقل البشري وتهيئتة للمستقبل هو الأساس وأنه التحدي الذي يجب أن يكسب في كل الأوقات والظروف ، فالعقل البشري هو الرهان الذي يجب أن تركز عليه الدول وأن تجعل الثروات الطبيعية التي ستنضب في يوم من الأيام دخلاً ثانوياً فالاقتصاد والنمو الحقيقي يكمن في العقل البشري الذي ينمى بالتعليم لصناعة المستقبل ، وما من مثال ناجح على ذلك كسنغافورة الدولة التي تتكون من مدينة واحدة وجزر صغيرة جداً إلا أن هذه الدولة وخلال فترة وجيزة دخلت إلى العالم وهي تراهن على العقل البشري الذي كان ثروتها كونها دولة لا تملك أي موارد طبيعية تمكنها من تحقيق نمو اقتصادي فكان رأس مالها الإنسان الذي طورته بالتعليم حتى أصبحت اليوم دولة يشار لها بالبنان في مجال التعليم وأنظمته الراقية فهي اليوم وجهة عالمية للتعليم والتعلم فخصصت خمس ميزانية الدولة للتعليم وفي عام 2007م وصلت إلى أكثر من 15% من الميزانية ، استقطبت أكبر الجامعات وصدرت عقولا للخارج ليستفاد منها , أصبحت الدول العظمى تتعلم وتستفيد من سياستها التعليمية ، سنغافورة اليوم دولة حديثة بكل المقاييس وذلك لأنها استثمرت في المكان الصحيح والذي هو العقل البشري.
هذا الرهان الحقيقي للمستقبل والخطوة التي ركزت عليها السلطنة منذ سنوات فالأعداد التي تسافر للدراسة للخارج في مختلف المستويات التعليمية خطوة ليست بغريبة في توجهات جلالة السلطان المعظم عندما أمر بتأسيس جامعة السلطان قابوس أرادها أن تبدأ بقوة جامعة أكسفورد والتي تعتبر من أقوى جامعات العالم والمتتبع لمسيرة الجامعة سيلاحظ هذا التوجة منذ 1987م وهي السنة التي افتتحت فيها الجامعة ، اليوم جاء الوقت الذي نغض فيه الطرف عن الثروات وأن نركز على ثروة العقل واستغلالها الاستغلال الأمثل وأعتقد أن هذا ما يحصل الآن والذي أكدت عليه الحكومة من خلال استمرارية برامج المنح للبعثات الخارجية في تخصصات مختلفة على الرغم من الظروف الحالية .
إلا أن هناك نقطة مهمة لابد من ذكرها في ظل الحديث عن التعليم ألا وهي الرغبة في التعليم والتي تأتي من الشخص نفسه بمعنى عندما تتوفر الفرص لابد أن تصاحبها الرغبة الذاتية في اكتساب المعرفة والعلم وإلا ضاعت السنوات بدون فائدة حقيقية وتصبح الاستفادة شكلية فقط ، بعض الأشخاص يكون هدفهم الحصول على شهادة , هؤلاء يتغربون لسنوات ويرجعون بنفس العقل دون أن يضاف إليه ما يمكن أن ينميه ودون ان يفيد الوطن الذي منحه تلك الفرصة الثمينة.
هذه الفرص الذهبية التي تضمنها البرنامج الوطني في تخصصات شتى يجب أن تترك لمن لديه الرغبة الحقيقية في التعليم وبالأخص ان هذه فترة تتطلب الجد في القول والعمل فغياب بعض الشروط التي كانت عائقا للبعض في السنوات الماضية لا تعني بأن الحصول على هذه المنح سيكون سهلاً لأن الشعور بطعم النجاح يكمن في الحصول على الأشياء الصعبة وهذا ما يتم في الرغبة في التعليم والذي يمكن تلخيصه في جهاد من أجل المعرفة والعلم ، لذلك شروط المفاضلة أصعب من الشروط المبدئية .
ما وددت قوله : إن التعليم هو مفتاح تشغيل وتطور العقل البشري ويجب أن يستغل بشكل فاعل ومن خلال طرفين مهمين مقدم فرصة التعليم والمتمثل في الجانب الحكومي والطرف الآخر الحاصل على تلك الفرصة والذي يكون لديه رغبة حقيقية للاستفادة والإفادة .

خولة بنت سلطان الحوسنية
@sahaf03