توصلت دراسة حديثة أعدها مجلس الشركات العائلية الخليجية بالتعاون مع شركة ماكينزي آند كومباني إلى أن 33% من الشركات العائلية الخليجية طبقت ممارسات الحوكمة بدقة، مطالبة بضرورة تعزيز وعي أفراد العائلة بأهمية ومميزات التطبيق الفعال لممارسات الحوكمة.
وتدني نسبة تطبيق قواعد الحوكمة في الشركات العائلية يعكس حقيقة أن هؤلاء وإن كانوا مقتنعون بأهمية قواعد الحوكمة، لكنهم يرون أن قواعد حوكمة الشركات العائلية يجب أن تختلف عن حوكمة الشركات العامة التي يملكها عدد كبير من المساهمين. فامتلاك عائلة ما لشركة يركز السلطة في يدها فيسهل اتخاذ القرارات، الأمر الذي يُخفّض التكاليف الإدارية، كما يسمح باتخاذ قرارات أكثر سرعة.
أيضا في الشركات العائلية، وفي حالة وجود الثقة المتبادلة بين أعضاء العائلة الواحدة، فأنها تعوض عن وجود قواعد صارمة للحوكمة، في حين تصبح الحافزية الذاتية (كون كل فرد في العائلية يشعر بأنه شريك في ملكية الشركة) مصدر قوة للمؤسسة لأنها تسمح لكل قسم منفصل من أقسام الشركة بالعمل بصورة أفضل، وإضافة قيمة أكبر مع البقاء متناغما مع المُكّونات الأخرى.
في المقابل، فإن قواعد الحوكمة التقليدية قد تعترضها العديد من العقبات في الشركات العائلية خصوصا عندما تتداخل أو تتعارض مع ما قد يعتبره أفراد العائلة الذين يملكون حصص مؤثرة في ملكية الشركة إنه تدخل في حقوقهم أو ممارستهم لنفوذهم في الشركة.
وتشكل مشاركة المالكين النشطة مفتاح الحوكمة الفعالة للشركات العائلية. فالملكية العائلية تحدّد قيم ورؤية وأهداف الشركة. كما تبين الأهداف المالية وتوقعات الأداء التي ترشد قرارات مجلس الإدارة والإدارة. ويقدم المالكون أيضاً رؤية شاملة تُحدّد بشكل عام استراتيجية الشركة. وهذا يوضح ويُركّز الأهداف بشكل أكبر ويساعد في وضع الضوابط الاستراتيجية المناسبة على قرارات مجلس الإدارة والإدارة.
إن جملة ما ذكرناه لا يتعارض مع قيام الشركات العائلية بتبني بعض الاليات الحديثة في تطبيق نظام الحوكمة الفعال مثل إدخال أعضاء في مجلس الإدارة واللجان التابعة له من غير أعضاء العائلة ممن يمتلكون الخبرة الكافية، مما يساعد على فصل مصالح العائلة عن مصالح الشركة، وبالتالي، المساهمة في الحد من تأثير الجوانب العائلية البحتة على أعمال الشركة. كما تتضمن آليات الحوكمة إدخال عناصر كفؤة من غير أعضاء العائلة في المناصب العليا في الشركة، كذلك وضع لوائح مكتوبة لقياس الأداء والصلاحيات والمسئوليات، والشفافية في إدارة اتخاذ القرارات الهامة في الشركة.
وبالنظر لكافة هذه التأثيرات، فأن الأجهزة الرقابية والإشرافية الخليجية وهي تشجع الشركات العائلية على تبني قواعد الحوكمة، فإننا ندعوها للأخذ بالاعتبار العوامل أعلاه، وكذلك تقديم الدعم لها في هذا المجال من خلال توفير أجهزة كفؤة واستشاريين لتقديم الخدمات الاستشارية الخاصة بالحوكمة لهذه الشركات علاوة على وضع اللوائح الواضحة والمبسطة لذلك.

حسن العالي