"مستوطنة سلّوت" .. اكتشاف موقع مهم في جنوب شرق الجزيرة العربية يعود إلى العصر الحديدي
تكمن أهميتها في ارتباطها المباشر مع بدايات التاريخ العماني
لا يُعرف أي مستوطنة أخرى تحتوي على بقايا أثرية مشابهة لها تعود إلى العصر الحديدي
نظام مدرجات واسع النطاق يضم بعض الخصائص الأثرية المتعددة
العثور على دمغة ختم من العصر الحديدي وشظايا أوانٍ حجرية من السطح
قطع فخارية تعود للعصر الحديدي وجدران حجرية كبيرة

متابعة ـ فيصل بن سعيد العلوي :
أعلن أمس في مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية عن اكتشاف موقع مهم في جنوب شرق الجزيرة العربية يعود إلى العصر الحديدي: مستوطنة سلّوت ، والذي يأتي اكشتافه بدعم وإشراف مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية وقامت به بعثة إيطالية من جامعة بيزا، حيث استمرت أعمال المسوحات والحفريات الأثرية للبعثة الإيطالية في مواقع خور روري "سمهرم" والبليد ووبار الأثرية بمحافظة ظفار.وكانت البعثة الإيطالية قد تمت دعوتها في عام 2004م لإجراء دراسات أولية على ما يُعرف حالياً بحصن وقرية سلّوت الأثرية في ولاية بُهلا بمحافظة الداخلية.
وأكدت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية العاملة بموقع حصن سلّوت بولاية بهلا الى انه تكمن الأهمية التاريخية لسلّوت في ارتباطها المباشر مع بدايات التاريخ العماني والذي بدأ بوصول القبائل العربية إلى عُمان من مختلف مناطق الجزيرة العربية، ويرتبط الموقع بظهور نظام الأفلاج في شبة الجزيرة العُمانية. وقد أدى هذا العمل في موقع حصن سلّوت الأثري إلى ظهور معلم بارز في المنطقة والذي يمكن للسائح زيارته وفهم طبيعته.
وأضافت " أليساندرا أفنزيني " : تم توسيع نطاق عمل البعثة الإيطالية في موقع حصن سلّوت الأثري تدريجياً على مدى سنوات، ففي عام 2010م تم بدء عمليات الاستكشاف في موقع البرج الذي يعود للعصر البرونزي المبكر (ST1؛ تقريبا 2450-2100 / 2000 قبل الميلاد)، ويقع على بعد 300 متر إلى الشمال الغربي من الحصن. واستمرت الحفريات حتى أواخر عام 2015م من أجل تسليط الضوء على نظام إدارة المياه الكبير.
وتمت صياغة مشروع حماية الموقع من جريان مياه الأودية التي تحدث نتيجة هطول الأمطار الغزيرة كما تم تشييد سور الموقع.
وعلاوة على ذلك، تم التنقيب في عدد من المدافن التي توجد في قمة جبل سلّوت، أي الهضبة التي تواجه حصن سلّوت الأثري في الشمال الشرقي. ومن المرجّح أنها تعود للعصر الحديدي المتأخر (650-300 قبل الميلاد)، كما تم اكتشاف ضريح فوق مجموعة من المدافن مباشرة.
وقالت رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية : بعد انتهاء هذه المشاريع الأساسية، تم إعادة عمليات التنقيب الأثرية في ديسمبر عام 2015م بالقرب من حصن سلّوت الأثري وبشكل رئيسي في المنحدرات المتبقية من هضبة سلّوت والمناطق المجاورة.
وكشفت هذه الحفريات عن بقايا مستوطنة حقيقية. وعلى الرغم من معرفة الفريق بوجود بعض الجدران وصفوف الحجارة، إلا أن نتائج الموسم الأول فاقت التوقعات.
يوجد في الهضبة التي تحتضن حصن سلّوت الأثري نظام مدرجات واسع النطاق ويضم أيضا بعض الخصائص الأثرية المتعددة. وتركزت الأعمال الأثرية أساسا على المنحدر الشرقي من الهضبة، ولكن تم اكتشاف عدة جدران على المنحدر الآخر أيضاً. وعلى الرغم من أن تاريخ هذه المستوطنة في شبه الجزيرة العربية يعود إلى العصر الحديدي، إلا أنه لا يُعرف أي مستوطنة أخرى تحتوي على بقايا ثرية مشابهة لها.
وعلاوة على ذلك، أثبتت بعض مسبار الاختبارات في شرق سهل سلّوت على أن المباني تمتد أيضا إلى هذه المستوطنة. وينطبق الشيء نفسه على شمال هضبة سلّوت حيث تم العثور على مصطبة كبيرة بارتفاع أقل بقليل من مترين من السهل المحيط بها.
وتم العثور على قطع فخارية تعود للعصر الحديدي وجدران حجرية كبيرة. وتم مؤخراً العثور على دمغة ختم من العصر الحديدي وشظايا أوانٍ حجرية من السطح في هذه المستوطنة. وكشفت الحفريات في الحافة الشمالية للمصطبة أنها تُحاط بجدار حجري كبير يضم أيضا صخورا كبيرة في بعض الأحيان. ولا يبدو هذا الجدار أن يكون مجرد جدار احتواء للمصطبة الكبيرة المذكورة بل جدار دفاعي يغلق المستوطنة من الشمال. وفي الجهة الغربية تم الكشف عن طبقات أرضية قديمة مقابل الجهة الجنوبية للمستوطنة.
وأكدت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية ان المباني القديمة في الهضبة والمناطق المجاورة لها تؤهل لتكون بمثابة المقر الفعلي للمستوطنة الرئيسية لسلّوت والمرتبطة مباشرة بموقع حصن سلّوت الأثري ومواقع أخرى صغيرة تم اكتشافها خلال عمليات المسح السابقة. وهذا التطور مكننا بحق أن يكون اسم الموقع بـ"بقرية سلّوت الأثرية".
لا يقل اكتشاف هذه المستوطنة الجديدة أهميةً عن حصن سلّوت الأثري والذي يعدّ الاستكشاف الأكثر إبهاراً حتى الآن في جنوب شرق الجزيرة العربية.
وعلاوة على ذلك، تم التحقق من الأسطح التي تعود للعصر الحديدي في جزء من المستوطنة الواقعة على سهل سلّوت. وقد طرأ على الطبقات ومنحدرات الهضبة عمليات التعرية والتي كان لها تأثير كبير. وتم اكتشاف مستويات متعددة في المصاطب الدنيا ومؤشرات عن وجود أنظمة تصريف المياه. وستتميز المستوطنة بالأهمية العلمية الهائلة وذلك بعد انتهاء كافة أعمال الحفريات الأثرية والتي ستتطلب وقتاً طويلاً لاستكمالها.
وقالت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية انه قد تم البدء في برنامج الحفريات الأثرية بشكل واسع النطاق وطويل الأمد في 15 يناير تحت إشراف مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية. حيث ثمّن فريق البعثة الإيطالية هذا التعاون والدعم المتواصل خلال سنوات العمل في السلطنة.