ـ زاهر العبري: بعثته صلى الله عليه وسلّم خاتمة الرسالات حيث جاء لهداية الناس وحمل مشعل الحق جيلاً بعد جيل
نـزوى – من سالم بن عبدالله السالمي:
رعى سعادة الشيخ الدكتور خليفة بن حمد بن هلال السعدي محافظ الداخلية الاحتفال الذي اقامته إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة الداخلية بالتعاون مع إدارة جامع السلطان قابوس بنزوى بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم حيث ألقى المكرّم زاهر بن عبدالله العبري عضو مجلس الدولة محاضرة دينية حملت عنوان " ميلاد النبي صلى الله عليه وسلّم ميلاد أمة ".
في بداية الاحتفالية ألقى الشاعر محمد بن حمود الرواحي قصيدة شعرية أشار فيها إلى أهمية هذه الحادثة وتطرّق فيها لتأثير ميلاد النبي الكريم على البشرية ، بعد ذلك ألقى المكرّم زاهر بن عبدالله العبري عضو مجلس الدولة محاضرته التي بدأها بالحديث عن أهمية العقل في التفكير وما عانته البشرية على مدى تاريخها من خلافات وصراعات الأمر الذي تسبب في بعض المشكلات والحروب والطغيان رغم تفضي المولى عزّ وجل للإنسان بالعقل ليفكر لكن الشهود والعداء كان السمة الغالبة فكان الله تعالى يختبر هذه الأمم بالعديد من الاختبارات ويُرسل لهم بين فترة وأخرى الرسل مُبشرين ومنذرين؛ فلم تخل أمة من الأمم إلا جاءها رُسلٌ مبشرين ومنذرين حيث أن الله يحترم الطاقة الكامنة لدى الإنسان فلا يُحاسب ولا يُعذّب إلا بعد إرسال الرسل فقال تعالى " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " فكان الرسل يأتون بين فترة وأخرى وحدث ما حدث من إهلاك للأمم السابقة وبلغ الحال ما بلغ عليه في الجزيرة العربية فكانت بعثته صلى الله عليه وسلّم خاتمة الرسالات ، حيث جاء لهداية الناس وحمل مشعل الحق جيلاً بعد جيل ، وقال العبري: إن جميع الرسل السابقين كانوا مُبشرين بمعبث سيد الخلق محمد صلى الله وعليه وسلّم وأخذ الله على الرسل والأمم السابقة المواثيق والعهود للإيمان به ونصرته فقال تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) وقوله تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴿81﴾ فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿82﴾ لذلك هذه دلالة عظيمة على منزلته العالية التي لا تحتاج لدليل ولا بحث لمعرفة منزلته ومكانته عند ربه ، كما أن الرسول جاء من نفس الأمة وهي الأمة العربية في الجزيرة العربية بعد أن وصلت إلى أسفل الدرجات في الانحطاط والتخلّف نتيجة تسلّط الشهوات والنزوات والبعد عن الصواب وانتهاك الحرمات والأعراض فذاقت البشرية القهر والعبودية وكادت تتلاشى فيها أواصر المحبة ووشائج القربى وتعرّضت في بعض الفترات لمجازر من الطغاة رغم أن الإنسان كائن مدني ، اجتماعي بفطرته لكن طغيان المصالح تسبب في تلك المآسي حتى وصلت الجُرأة ببعض الملوك إلى محاولة هدم البيت الحرام الذي كانت تعتز به قريش وتعتبره رمزاً للسيادة والتفاخر ومردوداً اقتصادياً واجتماعياً لقريش ومكة بصفة عامة كما حصل مع قصة إبرهة ومحاولته هدم الكعبة فسلّط الله الطير الأبابيل على جيشه رغم ما كانت تفعله قريش من طغيان حيث وصل بهم الحال إلى تلويث البيت الحرام بالأصنام وعبادتها من دون الله فكان ذلك إرهاصاً للبشرية بأن هناك مُنقذا لها فجاءت بعثة الرسول الكريم في عام الفيل إيذاناً لطي صفحة الأحوال السيئة المنحطّة ليعاد للبشرية وضعها الطبيعي من جديد وينقذها الله بميلاد خير البشرية فكان ذلك تكريماً للعرب وتعظيماً لهم وأن القرآن الكريم هو الذي يُعيد للأمة هيبتها وعروبتها ومكانتها فكان ميلاده صلى الله عليه وسلّم ميلاد أمة بُعثت من جديد .
ودعا المكرم زاهر العبري في ختام محاضرته المسلمين إلى الاستفادة من هذه المناسبة بما فيها من صفحات ناصعة ودراسة سيرة الرسول الكريم والتأسي به وهي فرصة لتصفية النفوس في وقت زاد فيه الاحتقان والتشرذم ومناسبة للبعد عن أسباب التفرّق ؛ والتوحّد على طاعة الله والخلق الزاكي والمعاملة الطيبة والقول الحسن وما أحوجنا أن نستفيد من هذه المناسبة في الاعتزاز بقيمنا وحضارتنا وأخلاقنا الرفيعة ونعتز بحديث الرسول الكريم فينا وفي فضائل أهل عمان في القصة المعروفة " أن الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث رَجُلًا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ، فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ ) فهذه شهادة نعتز بها ونتنخذها نبراساً نستنير فيه في قادم الأيام .