**
نشط في الفترة الأخيرة بعض الأشخاص (المثقفين) في اكتشاف سرقات أو كما أسموها "انتحالات" أدبية وعلمية لكتّاب ومؤلفين كانوا قد أصدروا كتباً ومؤلفات سواء كانت شخصية (حسابهم الخاص) وبعضها أنفق على إصدارها وتأليفها من مال الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى جانب تكاليف الترويج لتلك الإصدارات لتصل إلى ما وصلت إليه. ومن الانتحالات الأخرى التي تم الكشف عنها للمرة الثانية بعد أن تم الصفح عن الأولى والتي كان لي شخصياً تحفظ عليها لعدة أسباب، الكشف عن سرقة نصوص وفقرات بعينها لاستخدامها في كتابة مقالات أو كنصوص تحليلية وهذه المرة نشرت في صحف محلية، توقف بعض الكتّاب عن الكتابة حفاظاً على ماء الوجه، خاصة بعد أن رفضت تبريراتهم أما الآخرين، فواصلوا نشر نتاجهم ولكن هل وضعوا بعين الاعتبار بأن غلطة الشاطر بألف؟ أم أعتبروا أن ما قاموا به ليس انتحالاً بل هي استفادة مشروعة من كُتّاب آخرين، كما أن حسن النية ليس سذاجة في زمن لا يعترف بالجهل كعذر لتصرفاتنا.
قد يكون بعض هؤلاء الأشخاص الذين سخروا أنفسهم للبحث عن السرقات أو الانتحالات أنطلقوا من منطلق شخصي تجاه بعض الأشخاص، أو من باب القضاء على هذه الظاهرة التي ظهرت جلياً في الآونة الأخيرة، أو قد تكون موجودة سابقاً لكن لم يتبرع أحدهم للبحث والكشف عنها لذلك وكأن شيئا لم يكن، والزمن يغفر فينسى البشر والحمد لله على نعمة النسيان والغفران. والهدف في نفس من كشف وكتب ما اكتشف وهذا باب واحد فقط ولكن إذا فتحت أبواب أخرى قد يصبح الناقد منتقدا حينها، فهل سيتقبل ما يكتب عنه ؟! لن أسبر أغوار الأشخاص ولكن ما يمكن قوله بشكل عام إن المجتمع محب للنقد غير متقبل له لأننا قرنا النقد بالاتهام والهجوم وفرض العقوبات ومن ثم نسور هذا كله في سور النقد.
ولكن مع ذلك ما زلت أعتقد أن البداية لا تخلو من الجهل ومع مرور الوقت تتكون التجربة وتتراكم المعلومات حينها فإن الخطأ يصبح متعمدا ولكن لا يعني أنه لا يغفر وأن نسخر للنيل من هؤلاء الأشخاص وإدخالهم سجن المجتمع الذي لا يرحم بل ينتظر الفريسة ليرميها بالحجارة حتى تخدش. وفي الوقت ذاته يغتر المجتمع ببعض الكلمات التي يخطها أحدهم وينشرها في وسائل التواصل المختلفة أو وسائل الإعلام التقليدية أو يقوم بوضع قائمة كتب يقول إنه قرأها في أسبوع فيتم الاحتفاء به ووضع وسام المثقف المثالي الذي يحتذى به وأعتقد أن هذا ما حصل مع أحد الكتّاب الذي ذكرت في الأسطر الأولى أني أتحفظ على حالته والاتهامات التي كيلت له حيث إن ذلك الكاتب (المثقف) لا زال في بداياته ولكن المجتمع جعله يعيش في هالة المعجزة فبذل كل ما في وسعه حتى يحافظ على هذه السمعة التي تكونت حوله مما اضطره إلى اللجوء لبعض المؤلفات واختيار ما يتناسب وطبقته الثقافية العليا التي اكتسبها من أول سلم صعد فوقه وقد يكون اللجوء لتلك المؤلفات إما جهلاً باستخدام طرق التوثيق أو لاعتقاده بأن هناك الكثير من الحالات التي سبقتة ولم يتم كشفها وبذلك فإن جعل المجتمع في دائرة المغفل ليس صعباً ولكن لم يغفر له عثرته وكنت أتمنى أن يتعامل معه كتلميذ لا يزال يتعلم وليس مجرما لابد من معاقبتة مما اضطره لفرض العقوبات على نفسه وحبسها عن وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن إذا افترضنا أن الكاتب قاصد ومتعمد ما قام به مستغفلاً المجتمع في تصرفه ذاك أليس هناك من ينشر له وقبل النشر يتطلب التدقيق والمراجعة وخاصة الكتب والمؤلقات باختلافها والتي تسطر مجموعة من الأسماء على أنهم مدققون ومراجعون وغيرهما من المسميات التي تختفي ما أن تظهر هكذا مواضيع، ألا يتحمل هؤلاء الأشخاص المسئولية أيضاً بل المسؤولية كلها لأنهم قاموا بمراجعة ما كتب واعتمدوه، فإذا كان الكاتب غير صادق وغير دقيق فيما كتب فكان من الأولى أن يتم كشف ذلك من خلالهم وأن يحل الموضوع قبل أن تصرف آلاف الريالات على الطباعة والنشر فالأدق أن ينتقد المراجع والمدقق قبل الكاتب.
وأخيراً وما لفت انتباهي بعد أن نشرت مقالات كاشفة عن هذه الحالات ظهر بعض الأشخاص والذين لم يهمهم من الموضوع إلا اسم المؤلف أو الكاتب فانهالوا عليه بكلمات لا تليق ومستوى الموضوع (الثقافي والأدبي) لأن الكلمات المستخدمة بعيدة تماماً عن هكذا مواضيع فلننتقي الكلمات وإن كانت المواضيع مؤثرة وكبيرة، ليس من الضروري ركن الاحترام جانباً لفرد العضلات.

خولة بنت سلطان الحوسنية
@sahaf03