اليوم عرس وطني في السلطنة، هو يوم الديمقراطية المتجلية في حياة العمانيين. إنه أكثر من صندوق اقتراع وانتخاب لأنه دلالة على عمق تجربة بات لها جذور عميقة في مجتمع التطورات.
في العقد الثالث للنهضة المباركة عام 1991 كان مجلس الشوري العماني بأريحيته التي أطلقت ذلك النفس الديمقراطي الأخاذ، صحيح أن مجلس عمان يتألف من مجلس الدولة المعين ومجلس الشوري المنتخب لكن لكل من المجلسين شخصيته الاعتبارية والاستقلال المالي والاداري. ولأن السلطنة اليوم في يوم ديمقراطيتها، فإن كل مواطن عماني عليه أن يمارس فرحة هذا اليوم كما اعتاد دائما في خياره. إنها أسمى المسائل الوطنية، إنها قيمة من شأنها تخليد الواقع بما يستحقه بعدما شاءت النهضة المباركة التي وضع لبناتها وأسس نهجها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ.
لقد أرسى مجلس الشورى حقيقة واقعة تعاش اليوم وترى وتمارس. فهذا المجلس قام على أساس العدل والشورى والمساواة وحق المواطنة بالمشاركة في الشؤون العامة، وبذلك أمن ممارسة ديمقراطية، مستمدة من عمق حضاري، ايقظت في المجتمع العماني روحا من الأخذ والعطاء، ومن حالة الاستقرار الفضلى، ومن عمق الفهم الواعي لتدرج الحياة الاجتماعية، ما صارت إليه عمان اليوم من دولة ذات شأن ديمقراطي حقيقي. ثم لابد من القول إنها نتاج طبيعي للتطور الطبيعي الذي حدث في بيئة المجتمع العماني. ولابد أيضا من الإشارة إلى أهم النقاط التي تفتقت عن ذلك، وهي تكافؤ الفرص بين الجنسين والنهوض بالمرأة العمانية التي احتلت دورها الطبيعي في مسيرة التنمية وتحقيق حياة كريمة.
إذن هو عرس وطني بامتياز، فرحة قلوب تمارس حقها في التعبير عن خياراتها، لكنها قبل كل شيء تنهل من كتاب النهضة المباركة أسسها وقيمها، فمنذ أن أرسى جلالته ـ يحفظه الله ويرعاه ـ الأصول الجديدة للحياة العمانية، التحمت عمان بتاريخ جديد، وخرجت إلى العالم بما مكنها أن تكون صاحبة تجربة وعمق فريدين. وفي هذا اليوم الميمون دلالة على ذلك، بل إنه سر من أسرار العملقة العمانية بكل دلالاتها العميقة الممتدة إلى المستقبل.
صحيح أن مجلس الشورى كان له اليد الطولى في مساءلة أي وزير، لكنه أيضا إضافة كبرى في حق اقتراح المشروعات والقوانين للحكومة والمشاركة في إعداد خطط التنمية، فكان أن صدرت عنه العديد من الدراسات في وقت كان له دراسة مشاريع القرارات والاتفاقيات.
هكذا يختلط الأمل الوطني بالغد، بحق الممارسة الديمقراطية التي ستظل إجابة صادقة لمجتمع يعيش بحبوحة سعادة بما تحقق له على كل صعيد، وأبرزها أن كل مواطن عماني يشعر اليوم بأن ما صار له إنما صنع من أجله ولأجله، بل ليكون له غد مبارك ينعم فيه جيل قادم من أجل أجيال لاحقة.
هكذا تحتفل السلطنة اليوم، وهكذا تدلل كل يوم على أنها تعيش أبهى أيامها مسلحة بتجربة مضيئة أرسى جذورها جلالة السلطان المعظم ـ يحفظه الله ويرعاه ـ وأودع فيها كل ما يجب أن تكون عليه الحياة المديدة، المستقرة، المستمرة في غناها وفي قدرتها على أن تكون ما يجب أن تكون عليه دائما وأبدا.
اليوم.. كل العمانيين إلى حيث الممارسة الأحق في التعبير الوطني، وهي في الوقت نفسه صحة خيارات يمارسها المواطن كي يدلل على أنه من الوطن وإليه، من روح النهضة التي عاشها كي يزيد في عمرها. فلسنا ننتخب من أجل الانتخاب، بل من أجل أن نجعل من بلدنا قيمة حضارية يشار إليها بالبنان.

راي الوطن