سألني أحد الأصدقاء مرة: ما أحلى ما تُحلّي به وصف حبيبتك لو طُلبَ منك أن تجمل أجواءها في جو واحد، وتجمع هذه الخطوط المتناقضة عنها في خط واحد، وأنت من نقرأ لك كل يوم عنها وصفاً، وكأنك لا تحب أنثى عادية ذات روح وجسد، بل هي لؤلؤة صقلتها الألوان خارج حدود الطيف، ونسجتها حياكة البديع خارج حدود الغلاف الجوي البديع في سمكه..
فقلت: كل أنثى ولو جرى القدر على تمييزها إفراداً ستعود إلى جبلة الأصل باستثارة بسيطة لا تعدو امتحان موقفها من الرجل ، بين الرغبة والرهبة، وأحب وأبغض..ومن أنا معها وليست معي ..فتلك أنثى تخلق كل يوم فيَّ جديدَ تحببٍّ لجديد حبٍّ، وتدرك أن الكون لا يحلو بأبدية القبول حتى يمرر ساكنيه بمرحلية المنع، ومن لا نظر لديه في طبيعة الملمس الأنثوي فسّر التغير المزاجي عندها بخيبة الأمل في استقامتها، والحق أن الحياة لا يفسدها شيء كإطالة الوقوف عبثاً، وإطالة المضي جريا مجرداً، وإساءة استعمال نقطة الفقرة حينما ينقلها البعض من ميادين الإنشاء والكتابة إلى مسارات الحياة في واقع هو أقرب إلى التجمد والرتابة.
حبيبتي كونٌ يشكل الوجه الممتزج من معنى الكون ، وحسه، فهي أمامي -وإن رأى المحدود ثَمَّ تناقضاً- حقيقةٌ تستلم قياد الأنثى في أداء مهمة الخلافة الأرضية.. لا أقول إكمال مرحلة بدأها الرجل!..إنما هي مرحلة تأسيس جنبا إلى جنب معه في إسقاط القيمية الإنسانية لتستساغ الحياة بخلافة الجسد وضلعه الحاني عليه.
حبيبتي وإن سقتْني في ذات الكاس الواحد جميع طعوم المذاقات ، وأنشقتني من ذات النفَس الواحد جميع أنواع المتنفسات، وألبستني في القامة الواحدة ألوان وأشكال الملبوسات...توحّدني باختلاف ذلك في تفسير معنى الحياة، لكأنها بدوامة التقلب تلك تقول لي: هي تلك الحياة لمن سبر غورها المضلل في عيون من قصر به الفهم، فتدلّهَ في تفسير الواقع.

عتيق بن راشد الفلاسي
[email protected]