[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
أعتقد أن أي معارضة في الكثير من دول العالم لم تتعرض إلى حصار وحروب، كما تعرضت القوى العراقية المعارضة والمقاومة للاحتلال الأميركي وعمليته السياسية، وهناك أسباب واضحة يمكن إجمالها بالآتي:
أولا: إن القوى المعارضة والرافضة للاحتلال الأميركي قد ظهرت في وقت سيئ جدا، فقد أمسك الأميركيون بعصاهم لبسط سيادتهم على المعمورة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينات القرن الماضي، ولم تكن هناك قوة تقف بوجه الأميركيين لتقف مع معارضيهم ومقاومين مشروعهم الكوني، ولو راجعنا كل التجارب المشابهة لأدركنا حجم الصعاب التي واجهت قوى المعارضة والمقاومة العراقية للاحتلال الأميركي ومشروعه الذي أرادوا انطلاقته من العراق، لنأخذ التجارب الفيتنامية والفلسطينية والجزائرية وغيرها، فقد كان لها الدعم غير المحدود وفي مختلف المجالات والصعد، لأن وجود أكثر من قطب في العالم يخلق التنافس المعروف في السيطرة على ثروات الشعوب، لكن التجربة العراقية تختلف تماما بعد انفراد الأميركيين بالحكم شبه المطلق في العالم.
ثانيا: إن الدولة التي ترفع جميع الشعارات المعادية للولايات المتحدة في المنطقة، وهي الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد فاجأت الكثيرين عندما سارعت لمباركة أول منتج أميركي في العراق، وهو مجلس الحكم الذي أنشأه بول بريمر في منتصف تموز ـ يوليو عام 2003، كما أن دعما غير محدود قد حصلت عليه الحكومات المتعاقبة كذلك الدستور الذي يزخر بالأخطار والقنابل الموقوتة، وبدون شك أثّر ذلك موقف القوى المعارضة في العراق.
ثالثا: لقد وقفت الدول العربية مع المشروع الاحتلالي الأميركي في العراق، وسارعت هذه الدول لدعم العملية السياسية، واعترفت بمجلس الحكم جامعة الدول العربية في سابقة خطيرة، وبدلا من التزام الجامعة بميثاق الجامعة للدفاع عن بلد مستقل احتلته قوى غازية، فقد سارعت لتقديم مختلف أنواع الدعم والإسناد له، كما قدمت دول عربية أخرى الدعم الأمني، وشرعت بتدريب قوات عراقية مرتبطة بالغزاة وهم يعرفون ـ للأسف الشديد ـ أن مهمة هذه القوات تتركز على اعتقال العراقيين وتعذيبهم وبأبشع الوسائل والأساليب.
وتحت هذا الوقع الخطير أصبحت القوى المعارضة العراقية وفصائلها المقاومة تحت حصار ومطاردة لا مثيل لها، وأن أندادهم من أقطاب العملية السياسية عاشوا حقب دلال أميركية ومن دول الجوار ومن عموم المجتمع الدولي، وهو ما لم تتعرض له قوى معارضة ومناهضة في التاريخ الحديث، ولم تحصل حكومات على دعم ورعاية ودلال عبر التاريخ كما حصل السياسيون العراقيون في المنطقة الخضراء.
إن هذه الحصارات والمطاردات التي تعرضت لها قوى المعارضة العراقية، لم تكن سهلة على الإطلاق، لكن إرادة عراقية حقيقية وقفت إلى جانبهم، وعززت من صمودهم حتى تمكنوا من المطاولة والثبات، وعدم الدخول في مسارب اليأس التي تقود إلى التراجع أو الخنوع.