ضمن فعاليات نزوى عاصمة الثقافة الإسلامية
باحثون من السلطنة والعراق والجزائر وأميركا يناقشون على مدار يومين التأثير العماني إقليميا ودوليا
الندوة تبرز ما عرفت به عمان من ثقافة الانفتاح والتسامح ونشر الخير والوئام والعلم والدين الإسلامي عبر عصورها المختلفة
ناصر الكندي: عمان وضعت لها موطن قدم في البناء الحضاري الإنساني في مراحل تاريخية عديدة

تابع جلسات الندوة ـ خلفان الزيدي:
شهدت مدينة صلالة صباح أمس افتتاح ندوة "التواصل الحضاري بين عمان والعالم"، التي نظمتها اللجنة الرئيسية للاحتفاء بنزوى عاصمة الثقافة الإسلامية، في سياق الفعاليات المقامة بهذه الاحتفالية. رعى حفل افتتاح الندوة ـ التي أقيمت على مسرح أوبار بالمديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار ـ معالي السيد محمد بن سلطان البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ ظفار، بحضور عدد من المدعوين من أصحاب السعادة، والباحثين والمهتمين بالشأن التاريخي.
وقد استهل حفل افتتاح الندوة، بكلمة اللجنة الرئيسية للاحتفال بنزوى عاصمة الثقافة الإسلامية، ألقاها الدكتور ناصر بن صالح الكندي رئيس اللجنة الثقافية للاحتفال بنزوى عاصمة الثقافة الإسلامية، أشار فيها إلى أهمية الندوة والمحاور التي تناقشها.
وقال الدكتور ناصر الكندي: لقد قامت على أرض عُمان حضارة ممتدة في عمق التاريخ، حيث تكشف يعض الآثار إلى أن شرق جنوب الجزيرة العربية (ومنها عمان) هي الممر الأول للإنسان المتحضر، وعرف عن الحضارة العمانية تفاعلها وصلاتها الحضارية مع مراكز الحضارة في العالم، وكانت واحدة من المراكز الحيوية على طريق الحرير، ومركزا تجارياً وبحرياً مزدهراً في المحيط الهندي، وتشير الدراسات التاريخية إلى صلات عديدة بين الحضارة العمانية وحضارة الشرق القديمة في الصين والهند وبلاد ما بين النهرين، فضلا عن صلاتها الحضارية مع حضارات شرق البحر الأبيض المتوسط ووادي النيل وشمال وشرق أفريقيا، لا سيما فيما يتعلق بمعدن النحاس، المادة الأساس التي كان يعتمد عليها الاقتصاد العالمي قديما، وكانت هذه الصلات تشمل جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، وتتم على أعلى المستويات، من منطلق أن عمان دولة ذات سيادة وهيبة عالمية.
وأشار الكندي إلى أن عمان أسهمت من خلال هذه الصلات الحضارية في أن تضع لها موطن قدم في البناء الحضاري الإنساني في مراحل تاريخية عديدة، وأن يكون لها دور محوري بارز كركن من أركان تلك الحضارات، لما تملكه من إمكانات وقدرات على التواصل والتفاعل مع من حولها من الامم، أنتج هذا التواصل شخصية عمانية حضارية رصينة وفريدة في مجال التواصل الحضاري مع الآخر.
وقال الدكتور ناصر الكندي إن ندوة (التواصل الحضاري بين عمان والعالم) تأتي كمحطة ثانية من محطات اللجنة الرئيسية للاحتفاء بنزوى عاصمة للثقافة الإسلامية في مجال الندوات العلمية، وهي ضمن حلقات متصلة من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تنفذها اللجنة الرئيسية واللجان الفرعية المنبثقة منها احتفاء بهذه المناسبة المهمة، وهي مناشط تعمل على إبراز خصوصية المشهد الثقافي العماني المتجذر في هوية الإنسان العماني المسلم، والمتجدد في النهضة العمانية الحديثة.
وأضاف: إن الندوة تسعى لبيان الدور الحيوي الذي قامت به السلطنة في التواصل الحضاري مع العالم، وأهم ما تميز به هذا التواصل حضاريا وفكريا، وإبراز أهم منجزات ومحطات ذلك التواصل على مر العصور وصولا الى عصرنا الحاضر، والذي شهد إنجازات تاريخية حاسمة وغير مسبوقة لهذه الدولة الحضارية العريقة، كما ستعمل الندوة على إلقاء الضوء على ما عرفت به عمان من ثقافة الانفتاح والتسامح ونشر الخير والوئام والعلم والدين الإسلامي عبر عصورها المختلفة وفي العصر الحديث كذلك، كما أن هذه الندوة ستمثل إضافة جيدة للباحثين والأكاديميين والمهتمين لتبادل نتائجهم البحثية حول هذا الموضوع وإثراء النقاش فيما بينهم.
بعد ذلك عرض فيلم وثائقي عن مدينة نزوى، ثم قدم الشاعر الدكتور خميس بن ماجد الصباري قصيدة بمناسبة احتفال نزوى بكونها عاصمة للثقافة الإسلامية، واحتفى بين أبيات قصيده باقامة ندوة التواصل الحضاري بين عمان والعالم، قبل أن يختم حفل افتتاح الندوة بتقديم هدية تذكارية لمعالي السيد راعي حفل الافتتاح.
وتتضمن الندوة ـ التي ستتواصل جلساتها اليوم الخميس ـ ثلاثة محاور، يتناول المحور الأول التواصل الحضاري العماني الآسيوي، ويتناول المحور الثاني التواصل العماني الأفروأوروبي، ويتناول المحور الثالث التواصل الحضاري العماني الحديث.

التواصل الحضاري العماني الآسيوي
استهلت جلسات اليوم الأول من الندوة، بنقاش محور التواصل الحضاري العماني الآسيوي، وترأس الجلسة الأولى حمد بن خلفان الراشدي، مدير عام المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة ظفار، وقد تم طرح ثلاث أوراق عمل خلال هذه الجلسة، تناولت الورقة الأولى عنوان التواصل الحضاري العماني مع بلاد العراق، قدمها الدكتور فاروق عمر فوزي الأستاذ والأكاديمي في التاريخ الإسلامي من العراق.
وقد أشار الباحث فيما يختص بتاريخ العصور القديمة أن كلا من العمانيين والعراقيين استثمروا مميزات موقعهما الجغرافي البحري وكونوا خبرة في إدارة الرحلات البحرية واختيار السلع المطلوبة والثمينة وجعلوا من موانئهما مراكز للتبادل الاقتصادي وكذلك لتجارة المرور (الترانزيت)، مستعرضا ما عثر عليه في المواقع الأثرية، متناولا التواصل الحضاري بين الحضارتين العمانية والعراقية في الفترة الإسلامية الأولى حيث شهدت العلاقات العمانية العراقية نشاطا واضحا في المجالات السياسية والهجرات السلمية وحركة الفتوح الإسلامية ونشاطات الدعوة الإباضية وأخيرا وليس آخرا في مجال النشاط التجاري وخاصة في فترة الازدهار الحضاري الإسلامي.
ففي مجال السياسة كانت العلاقة تتراوح بين شد وجذب، فالدولة المركزية الأموية ثم العباسية ترغب في فرض سيطرتها على كل ولايات العالم الإسلامي، في الوقت الذي كان أهل عمان يحاولون أن يؤكدوا خصوصيتهم ويفرضوا خصائصهم في الانفتاح والانطلاق دون قيود. وهي صفات جبلت طبيعة أهل عمان منذ القدم بسبب الموقع والطبيعة الجغرافية والبحر ومن خلال هذه الرؤية يمكن النظر إلى الدعوة الإباضية التي تبناها أهل عمان بكونها المعبر عن آمال العمانيين والمحقق لخصوصيتهم، حين نجحوا في نهاية المطاف في تأسيس كيان سياسي هو (الإمامة).
وفي الورقة الثانية من الجلسة الأولى تناول الدكتور محمد بن سعد المقدم الأكاديمي والمحاضر في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس التواصل الحضاري بين عمان وبلاد فارس، استعرض فيه تاريخ العلاقة بين الشعبين والصلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين عمان وبلاد فارس.
وقال: يرجع التواصل بين عمان وبلاد فارس إلى آلاف السنين، وخاصة منذ عهد الإمبراطوريات الفارسية القديمة مثل الإمبراطورية الأخمينية (550-330 ق م)، والبارثية (247ق.م -224م) والساسانية ( 225-650م)، واستمر التفاعل الحضاري بين البلدين حتى ظهور الإسلام، لتبدأ مرحلة جديدة من التواصل الايجابي.
واستمر التفاعل والتواصل بين البلدين عبر مراحل تاريخية متعددة في ظل الدولتين الأموية والعباسية حتى بداية القرن الحديث، مشيرا أن التواصل العماني - الفارسي استمر في التاريخ الحديث والمعاصر، في ظل المتغيرات السياسية والإقليمية والدولية حتى قيام عصر النهضة في عمان 1970م، بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، حيث بدأت مرحلة جديدة من التواصل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين البلدين. ومع قيام الثورة الإسلامية في ايران عام 1979م وإعلان قيام الجمهورية الإسلامية في فبراير 1980م، بدأت العلاقات المتميزة مع إيران تنمو وتتطور بسرعة في ظل التحديات الإقليمية والدولية في منطقة الخليج العربي.
وكانت نتائج الزيارات بين المسئولين العمانيين والإيرانيين، توقيع اتفاقيات اقتصادية وسياسية وثقافية، كما أدت إلى تنمية وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.
وفي الورقة الثالثة تناول الباحث إسماعيل بن أحمد الزدجالي تخصصي أول شؤون إدارية بمكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للاتصالات الخارجية عنوان (التواصل الحضاري بين عمان وبلاد الهند).
وقال: ارتبطت عمان بفضل موقعها الجغرافي بعلاقات تاريخية وحضارية مع العديد من شعوب العالم منذ عصور تاريخية مبكرة، وكانت بلاد الهند من أوائل البلدان التي اتصل بها العمانيون بسبب قربها المكاني وحركة الرياح الموسمية، حيث يعود التواصل الحضاري بين عمان والهند إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد.
وأوضح أن التواصل الحضاري بين عمان والهند ازدهر في العصور الحديثة، نظرا لارتباط البلدين بمصير مشترك إثر توجه القوى الاستعمارية الأوروبية بدءا من البرتغاليين ومن ثم الإنجليز للسيطرة على بلاد الشرق وخاصة الهند أرض البهارات، مما دفع بتلك القوى للسيطرة على عمان والخليج بشكل عام باعتباره الطريق الموصل إلى الهند، فعززت تلك الأحداث من التعاون السياسي والتواصل الحضاري بين البلدين، استمر حتى بعد استقلال الهند عن بريطانيا عام 1947م، وبلغ ذروته بعد تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم مقاليد الحكم وذلك بفضل السياسة التي انتهجتها السلطنة في الانفتاح على العالم الخارجي والقائمة على مبادئ الالتزام باحترام الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير.
تناول الباحث نماذج من التأثيرات الحضارية المتبادلة بين عمان والهند عبر العصور التاريخية في العديد من المجالات الثقافية والاقتصادية والعسكرية، لتبرهن على أن التواصل الحضاري بين عمان وبلاد الهند شمل مجالات الحياة المختلفة، وحظي بالكثير من الرعاية والاهتمام على الصعيدين الرسمي والشعبي، وأن هذا التواصل الذي بدأ منذ عصور تاريخية مبكرة في إطار علاقة يسودها الأمن والتعاون بين البلدين على مدى التاريخ، مازال مواصلا طريقه للوصول بالعلاقات بين البلدين إلى مجالات أشمل وأرحب.

التواصل الحضاري العماني الأفروأوربي
الجلسة الثانية من الندوة، تناولت موضوع التواصل الحضاري العماني الأفروأوربي، وترأس الجلسة أحمد بن سالم الحجري مدير عام المديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار، وقدمت خلالها أربع أوراق عمل، استهلها الدكتور محمد أحمد جهلان أستاذ مساعد بكلية الآداب واللغات، في جامعة غرداية الجزائرية، بورقة حملت عنوان التواصل الحضاري العماني مع شمال أفريقيا - الزيارات العلمية نموذجا.
وسلط الباحث في ورقته الضوء على جانب من جوانب التواصل الحضاري بين عمان وبلاد شمال أفريقيا، أو ما يعرف ببلاد المغرب الإسلامي، وتأمل في استجلاء مظاهر هذا التواصل من خلال التركيز على الزيارات الدعوية والعلمية التي ربطت المشارقة بالمغاربة، منذ فجر الدعوة الإسلامية في القرن الأول الهجري بوصول الفاتحين والدعاة، مرورا بدعم العمانيين لتأسيس الدولة الرستمية التي وحدت الشمال الأفريقي ونشرت العدل والرخاء، وعطفا على تشكل التجمعات الحضارية في ليبيا وتونس ووارجلان ووادي ميزاب في الجزائر.
فكان العمانيون لعدة قرون يمثلون المرجع والموئل والمصدر، بل والأخ الأكبر الوصي الداعم فكريا وماديا.
فلما كان العصر الحديث وتطورت وسائل التواصل، تكثفت الرحلات العلمية والزيارات الدعوية واللقاءات الأخوية، تعمقت واستحكمت حلقات التواصل بعد قيام النهضة الحديثة المباركة في عمان واستقلال شمال أفريقيا من الاستعمار، فظهرت آثار الفكر العماني الأصيل جلية في شتى مظاهر الحياة الحضارية العلمية في شمال أفريقيا: عقيدة، وفقها، وعمرانا، وأخلاقا، ووسطية، وظهر كذلك تأثر الفكر العماني بمخرجات العلوم والأفكار واجتهادات العلماء المغاربة، وتطور حركة التأليف عبر العصور في شمال أفريقيا.
وفي الورقة الخامسة في الندوة، تناول الدكتور محمد بن ناصر المنذري مستشار البرامج الدينية بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عنوان (دولة بني الجلندى أول نتاج للتواصل الحضاري العماني مع شرق أفريقيا) وذكر أهم عاملين ساعدا على التواصل بين عمان وشرق أفريقيا، فالعامل الأول هو طبيعة المكان، والمناخ، أما العامل الثاني فهو وفرة المنتجات الطبيعية في أفريقيا كالذهب والعاج، وهذه من المنتجات الغالية التي تدر أرباحا طائلة لذلك فقد غامر العمانيون من أجل الحصول عليها وتوفيرها في أسواق عمان وخارجها.
واشار الباحث إلى عمق تاريخ التواصل العماني بشرق أفريقيا، ومن شواهد ذلك التواصل ما أشار إليه أحد الملاحين الإغريق في كتابه الذي عرف باسم الدليل الملاحي للبحر الأرتيري، فمن وصفه للساحل الشرقي لأفريقيا أشار إلى وجود العرب العمانيين وغيرهم وأنهم كانوا أصحاب تجارة في تلك المنطقة، ومما أثار إعجابه عدد السفن العربية، وكان العمانيون يستوردون من تلك المنطقة دعائم وألواحا خشبية لصناعة السفن في زمن ظهور ذلك الكتاب.
وتناول الباحث تأسيس إمارة بني الجلندى وذكر الأسباب التي دفعتهم للهجرة من وطنهم عمان إلى شرق أفريقيا، حيث كانت هذه الهجرية قسرية فبعد تغلب جيوش الدولة الأموية عليهم في عمان وإنهاء حكمهم فيها قرر الملك سليمان وأخوه سعيد أن يخرجا بذراريهما من عمان وكانت وجهة هجرتهم شرق أفريقيا، وفي جزيرة لامو حطوا رحالهم وفيها قامت دولتهم ومنها انطلقت إلى بقية المناطق المجاورة التي خضعت لحكمهم.
وعرج الباحث للحديث عن النشاط الاقتصادي والحياة الاجتماعية وأهم ملامحها المتمثل في انتشار الدين الإسلامي بين الأفارقة نتيجة المعاملات الحسنة والأخلاق الفاضلة التي تحلى بها العمانيون وأيضا كان الزواج من الروابط الاجتماعية التي دعمت ذلك التواصل وامتزجت الثقافة العربية بالثقافة الأفريقية، واللغة السواحلية هي من أقوى الشواهد على ذلك الامتزاج.
وفي الورقة السادسة قدم الدكتور إبراهيم بن يحيى البوسعيدي الأكاديمي والمحاضر في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة السلطان قابوس ورقته حول التواصل الحضاري بين عمان والدول الأوروبية (البرتغال- بريطانيا- فرنسا).
وابرز أوجه التواصل الحضاري بين عمان وبعض الدول الأوروبية وتحديدا البرتغال وانجلترا وفرنسا. فمع مطلع العصور الحديثة وتحديدا بدايات القرن السادس عشر دخلت أوروبا عالم المحيط الهندي كقوة مؤثرة عسكريا واقتصاديا لتبدأ مرحلة جديدة من التواصل بين الشرق والغرب.
وقال: بالرغم من نجاح البرتغاليين عام 1507م في السيطرة على موانئ الساحل العماني وتحكمهم في الطرق الملاحية والتجارية إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور أنماط من التواصل بين الجانبين، ذلك ان البرتغاليين أدركوا أن استخدام القوة في التعامل مع العمانيين لن يحقق أهدافهم الاقتصادية، فاتجهوا إلى العمل المشترك مع العمانيين في الكثير من الجوانب المرتبطة بالتجارة مثل تصدير الأسماك والخيول من عمان في مقابل استيراد الأقمشة والتوابل بواسطة البرتغاليين وفي مجال الملاحة كان التأثر والتأثير واضحا في بناء السفن والإرشاد البحري والمفردات المتصلة بعلوم البحر، كما امتد التواصل الحضاري ليشمل الجانب العسكري مثل عقد اتفاقيات الدفاع المشترك وإسهام الجانبين في بناء القلاع والتحصينات على طول الساحل العماني مثل بناء قلعتي الجلالي والميراني في مسقط.
وبعد طرد البرتغاليين من السواحل العمانية عام 1650م، جاء الانجليز ثم بعدهم الفرنسيون حيث أصبح تواصلهم قويا مع عمان بعد منتصف القرن الثامن عشر. فعقد الانجليز معاهدات صداقة وتجارة مع حكام عمان منذ عهد السيد سلطان بن احمد (1792-1804م) ثم عهد السيد سعيد بن سلطان (1804-1856م) حيث تعززت الصلات بالزيارات المتبادلة بين هذه القوى وعمان.
وفي الورقة الأخيرة التي قدمت في جلستي الأمس، تناولت روث. ك. وتمورد طالبة دراسات عليا من الولايات المتحدة الأميركية في جامعة السلطان قابوس، موضوع التواصل الحضاري العماني مع الأميركتين الشمالية والجنوبية، وركزت على التواصل الحضاري بين عمان والأميركتين الشمالية والجنوبية، مع أن معظم التواصل قد اقتصر على تفاعلات عمان بالولايات المتحدة، فعززت السلطنة علاقاتها بأميركا الجنوبية في السنوات الأخيرة.
وقالت: تعود علاقة عمان بالولايات المتحدة إلى بداية القرن التاسع عشر عندما مهدت التجارة الربحية بين الدولتين الطريق لإبرام اتفاقية عام 1833م، ومنذ ذلك الوقت توسعت العلاقة لتشمل جوانب دبلوماسية وثقافية أيضا.
لقد عينت الولايات المتحدة قنصلا في زنجبار ثم مسقط، وازدهرت التجارة بين كل الأطراف، وبناء على ذلك أرسل السلطان سعيد بن سلطان سفينة السلطانة العمانية على رحلتها المشهورة إلى مدينة نيويورك في عام 1840م.
وقد تم في ختام الجلستين، مناقشات ومداخلات حول مجمل ما طرحه الباحثون في أوراق عملهم، وتركزت المداخلات حول الدور العماني قديما وحديثا في تنمية العلاقات والصلات مع دول وشعوب العالم.

جلسة اليوم
تختتم ندوة "التواصل الحضاري بين عمان والعالم"، اليوم بعقد جلسة واحدة، يقام بعدها حفل ختام الندوة، بكلمة المشاركين وقراءة تقرير لجنة الصياغة، وتتضمن جلسة اليوم التي تحمل عنوان التواصل الحضاري العماني في العصر الحديث، أربع أوراق عمل، تحمل الورقة الأولى عنوان نظرية التواصل السياسي الحضاري لسلطنة عمان مع الآخر، ويقدمها الكاتب صادق بن جواد بن سليمان رئيس المجلس الاستشاري لمركز الحوار في واشنطن، وتحمل الورقة الثانية عنوان كراسي حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم العلمية، ويقدمها الدكتور محمد بن سالم الحارثي، تخصصي أول بحوث ومدير تحرير المجلة الثقافية بمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم والآداب، فيما يقدم الورقة الثالثة وعنوانها جمعيات الصداقة العمانية الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير مساعد لدائرة قطاع الثقافة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، ويختتم الدكتور سيف بن ناصر المعمري وزينب بنت محمد الغريبية أوراق الندوة بورقة التواصل الحضاري وفق الإعلام الحديث (شبكات التواصل الاجتماعي).