ترى أن لكل عمل سياقه ومنطقه الخاص به وما يعنيها هو الصدق

القاهرة (رويترز):
مع الكاتبة المصرية مريم نعوم وبعد أعمال قليلة العدد للسينما والدراما التلفزيونية يعود كاتب السيناريو إلى الواجهة بطلا ينافس مخرج العمل وممثليه نظرا لقدرتها على انتقاء نصوص أدبية ثم لمهارتها في تأويلها دراميا.
وكان فيلم (واحد - صفر) - الذي عرض عام 2009 ونال جوائز كثيرة في مقدمتها السيناريو من مهرجانات عربية وأجنبية - أول أعمالها ثم كتبت عام 2013 السيناريو والمعالجة الدرامية للمسلسل التلفزيوني (موجة حارة) عن رواية الكاتب أسامة أنور عكاشة (منخفض الهند الموسمي) في العام نفسه كتبت السيناريو والحوار لمسلسل (بنت اسمها ذات) عن رواية (ذات) للكاتب صنع الله إبراهيم.
وحظي مسلسل (بنت اسمها ذات) بشهرة عريضة نظرا لاستعراضه بعمق التحولات الاجتماعية في مصر طوال 59 عاما حيث تبدأ أحداثه في الساعة السابعة إلا ربع من صباح 23 يوليو 1952 بقيام الثورة التي أنهت الحكم الملكي وينتهي في 25 يناير 2011 باندلاع الاحتجاجات الحاشدة التي أجبرت الرئيس السابق حسني مبارك على ترك الحكم.
وقالت مريم نعوم في مقابلة مع رويترز إنها تعتبر النص الأدبي "حجر أساس .. أهضم النص ثم أضعه في الدرج وأعيد صياغته دراميا بعيدا عن الترجمة الحرفية - الأمينة. ما أفعله شيء من التأويل الفني للنص الأدبي" وربما يتقاطع العمل الدرامي مع النص المأخوذ عنه في بعض المواضع.
وأضافت أن المقارنة أحيانا تكون "واردة ومتوقعة، يحلو للبعض أن يعقدها" بين الدراما والأصل الأدبي ولكن هذين النوعين من الفنون سيتعرض أحدهما للظلم بسبب مثل هذه المقارنة.
وقالت "لا أعمل على النصوص ولكنها تفجر شيئا ما أو اهتماما يجعلني أبني على النص الأدبي نصا دراميا."
وترى أن السيناريو يتيح مساحة من المرونة بإعادة "القراءة والتأويل" للرواية الأدبية وتستشهد برواية (ذات) التي ترصد جانبا من التحولات الاجتماعية المترتبة على سياسة الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات والثمانينيات حيث تناول المسلسل التلفزيوني قضايا أخرى في وقت لم تدركه الرواية التي صدرت عام 1992.
وربط المسلسل ميلاد البطلة (ذات) ببداية مرحلة سياسية واستمر معها إلى ما بعد الأحداث التي رصدتها الرواية ولا يشعر المشاهد الذي لم يقرأ الرواية بغرابة حيث تم "خلق حياة موازية مستمدة من روح الرواية ولكنها تنتمي إلى الدراما."
ولكن المسلسل التلفزيوني (تحت السيطرة) الذي كتبته مريم نعوم وعرض في الآونة الأخيرة لم يكن مأخوذا من نص أدبي مثل العملين السابقين وبعدهما مسلسل (سجن النسا) عام 2014 الذي كتبت له المعالجة الدرامية والسيناريو والحوار عن مسرحية للكاتبة المصرية فتحية العسال.
ولكن نعوم ترى أن لكل عمل سياقه ومنطقه الخاص به وما يعنيها هو الصدق الذي يتحقق في الكتابة ويترجم في المسلسل حين يتم إنتاجه فيصل إلى المشاهد مهما يكن هذا الصدق جارحا.
وتناول مسلسل (تحت السيطرة) قضية إدمان المخدرات بجرأة فنية واعتبره كثير من النقاد أكثر عمقا "وإنسانية" من أعمال سينمائية مالت إلى الميلودراما. كما اعترضت عليه نقابة المرشدين السياحيين ورأت أنه "يشوه صورة المرشدين السياحيين" نظرا لأن أحد أبطاله مرشد سياحي مدمن يضطر تحت وطأة احتياجه إلى المال إلى الاحتيال على السائحين.
وقالت المؤلفة إن الاعتراض حق لأي إنسان أو نقابة "ولكن حق الإبداع مكفول أيضا، ما يعنيني أنني أراعي ضميري المهني أثناء الكتابة وأحترم من يعترض مادام ذلك لا يصل إلى درجة المصادرة."
ولكن (تحت السيطرة) سيليه مسلسل (واحة الغروب) الذي يتوقع عرضه العام القادم وربما يصنفه البعض كعمل تاريخي، ومريم نعوم لا يعنيها التصنيف.
وقالت إن المسلسل المأخوذ عن رواية (واحة الغروب) للكاتب بهاء طاهر يستعرض الفترة التي تلت الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 بعد هزيمة الثورة العرابية وتدور أحداثه في واحة سيوة في شمال غرب مصر.
وأضافت أن الواحة البعيدة وغير المعروفة لكثيرين ستكون بطلا للمسلسل رغم ندرة المراجع التاريخية عنها وأن هذا سيكون نوعا آخر من التحدي.