رام الله ـ (العُمانية):
حرصاً على تاريخ القدس وبلدتها القديمة وبواباتها ومساجدها التي تتعرض للتهويد ومحاولة نزع الصبغة العربية والإسلامية عنها، يقوم رسام الكاريكاتور الفلسطيني بهاء بخاري بحفظ بوابات القدس ومآذن المسجد الأقصى من خلال رسوماته المعمارية.
يقول بخاري في حديث لوكالة الأنباء العُمانية: "لقد رسمت المسجد الأقصى بكل حجارته وشبابيكه، وبنيت مجسماً معمارياً دقيقاً لأبوابه وارتفاعاته الهندسية واتجاهاته الأربعة".
ويضيف أن "إسرائيل" تعمل اليوم على تشويه جدران المدرسة التنكزية وقبابها برسومات يهودية، وأن من المحزن أن تصبح هذه المدرسة التي تقع في باحات الأقصى الشريف، مقراً للشرطة الإسرائيلية، وأن يتم حفر أنفاق تحت حمّام العين الذي يقع أسفلها والذي كان يغذّي القدس بأكملها في العصور الأولى.
ويوضح بخاري أنه يركّز في لوحاته على الآثار الإسلامية في القدس الشريف، "فكيفما تحركت في المدينة ثمة تاريخ وحكاية، هذا إلى جانب القيم الدينية"، فالبوابات والحرم القدسي والزوايا والتكايا والخانقات ومحطات الجمال في القدس لا حصر لها.
وحول الرسم المعماري الذي يخص المسجد الأقصى وقبة الصخرة ومحيطها، يقول بخاري: "أرسم المشهد كما كانَ في الأصل"، متخذاً من "باب الناظر" مثالاً، فهذا الباب "لا تَظهر زخارفه التاريخية بسبب الاهتراء الذي أصاب الحجارة"، لذا أعاد الفنان رسمه من جديد وترميم شكله الهندسي. والأمر ينطبق على "باب السلسلة".
يضع بخاري "اسكتشات" بسيطة للصور، ثم يعيد ترميم المشهد على الورق، وقد استطاع رغم ضيق حارات القدس القديمة جمعَ زاوية باب السلسلة والمدرسة التنكزية في مشهد واحد، في الوقت الذي لم يتمكن فيه كثيرون من التقاط صورة متكاملة للباب والمدرسة معاً.
ويوضح بخاري: "المدرستان الأرجوانية والتنكزية ترتفعان مسافة تصل إلى 15 متراً، فلا يستطيع المصور تصويرهما بشكل هندسي دقيق، ولكن بالمشاهدة العينية استطعت التحكم بالرسم وتصوير الشكل الهندسي الذي يجمعهما كاملاً".
ويكشف بخاري أن الذي ساعده على إعادة رسم حجارة التاريخ في القدس العتيقة هو إلمامه واطّلاعه على الهندسة الإسلامية (العباسية والأموية والأيوبية والفاطمية والمملوكية والعثمانية)، مشيراً إلى أن لكلّ حقبة سماتها المعمارية الخاصة بها.
ويوضح أن الأبنية التاريخية التي تمثل روائع الفن العربي الإسلامي في القدس والعالم العربي، بُنيت في الفترات الأيوبية والفاطمية والمملوكية والأموية، ومنها قبة الصخرة في القدس الشريف، والمسجد الأموي في دمشق.
وحول مصادر تأثره، يقول: "لقد شدّتني عظمة المهندس الإسلامي العربي عبرالتاريخ، إذ ترك المهندسون الأوائل بصمات معمارية وأعمالاً هندسية لافتة"، ويشير إلى أن كثيراً من المستشرقين أنجزوا لوحات عن معالم القدس رغم أن بعضهم شوّهها أحياناً، كأنْ يُظهر نساء عاريات في شوارع المدينة المقدسة، وهو ما لم يكن موجوداً في الواقع.
ولا يبدو بخاري من هواة إعادة الزخرفة، إلا أنه رسمها بشكل بسيط مقارنة مع الأقدمين الذين رسموا تفاصيل التفاصيل في لوحاتهم. وهو يرى أن قيمة الفنان تكمن في عمله اليدوي والمهني، موضحاً أنه كان ينجز تصاميمه في السبعينات باستخدام الأدوات الهندسية والرسم بأقلام الرصاص والحبر، لذا يشعر بالحزن على دارسي الفن في أيامنا هذه، والذين يبدون "أقرب إلى النسخ منهم إلى الإبداع".
ولا يخفي الفنان بهاء بخاري تفاؤله بأن تتحول رسوماته إلى مادة توثيق لعمارة القدس العتيقة، وللتغلب على عمليات التهويد للقدس المحتلة.