[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تعلمنا دائما أن المكاسب العسكرية تفضي إلى مكاسب سياسية، وان من يربح على الارض يربح في المفاوضات، لكن هذا الأمر لن يفرض في سوريا ولن تقوم له قائمة، ففي بعض العمليات الكبيرة ضد الجيش العربي السوري والتي لاقت نجاحا مثل أدلب وسهل الغاب، لم يتمكن " المنتصر" التركي من فرض تسوية يعرف سلفا ان ماربحه لن يصرف في السياسة، وان هنالك متغيرا قادما سوف يعيد فرضه جيش سوريا العظيم، والحال ذاته مع قوى اخرى كسبت هنا او هناك لكنها تعلم أن خسارتها قادمة ..
لقد ثبت لكل الخارج اللاعب في سورية أن أمره انتهى، وأن ارادته لن تفرض، وان مشروعه سقط .. ليس من قوة على الأرض ستتمكن من كسر ارادة السوري سواء في الجبهات او في وحدته الوطنية الداخلية او في الاقتصاد او في التآمر على الليرة العملية الوطنية .. ثم انه لايكفي أحيانا الدعم الخارجي لوطن من الأوطان مقابل تآمر خارجي، أساس الصمود هو الجبهة الداخلية، الشعب الذي يملك وحده قوة الثبات على أرض، والشعب وحده من يقرر مصير وطنه في لحظات عمره.
يوم هزم العرب في حرب الايام الستة 1967 جلس قادة اسرائيل ينتظرون هاتفا من مصر يكون المتحدث فيه جمال عبد الناصر ليعلن قرار التسليم بالهزيمة، ولتبدأ بعدها مفاوضات الاقرار بذلك .. لكن الزعيم المصري أعلن بعد الهزيمة بعام تقريبا ومن الخرطوم في السودان أن لاصلح ولا تفاوض ولا اعتراف باسرائيل، بل خاض حرب استنزاف دفعت فيها اسرائيل حجما كبيرا من الخسائر، وكان ذلك مقدمة للمعركة الكبرى التي قرر ان يخوضها لتحرير الأرض .. ولولا وفاته في العام 1970 لكان عبر قناة السويس بالطريقة التي تمت فيها حرب أكتوبر 1973 لأن خططها تعود اليه لكن بتحرير كامل سيناء وليس فقط كحرب تحريك كما سميت آنذاك.
لا يظنن أحد مكسبا من سورية العربية، ثم لامفاوضات مع ارهاب ولا مع الدول التي تقف وراءه، بل لاتفاوض مع معارضة مفلسة لاحجم لها على الارض وليس لها قدرة او مكانة الا بما هو كلام الضرورة .. ثم لا اعتراف باي من المكونات التي يجمعها الخارج على الارض السورية كمفهوم للضغط على السوريين او للحصول على مكاسب في السياسة. لعل هؤلاء جميعا باتوا يعرفون مهارة السوري البعيدة المدى في معرفة قدراته وماذا يرمي اليه في النهاية وما هي التفاصيل التي يشتغل عليها، وماذا تعني له الارادة الوطنية ، وما هو السقف الذي يعطيه لنفسه.
لكل هذا ينتظر السوريون ما لم يأت بعد حتى لو تطلب الأمر عمرا .. فلن يخسروا في السياسة اذا ماخسروا مواقع في العسكر لأن عودتهم الى المكسب العسكري اكيدة مائة بالمائة .. وليس من قوة على وجه الارض تلزمهم بالتنازل او بالاعتراف او بالتفاوض القسري وغيره .. سورية تخوض معاركها الى ما لانهاية، وهي تعرف كيفية ضبط أعصابها وممارسة التهدئة وعدم التسرع رغم حاجتها الى نهاية سريعة لكل أشكال الحرب اللعينة عليها.