[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
لو أجرينا استطلاعا أو دراسة لمعرفة حجم الرضا الاجتماعي على أداء المؤسسات الحكومية الخدمية في البلاد، فمن ستحتل المرتبة الاولى ؟ نجزم يقينا، وكلنا اطمئنان وثقة في الحكم، بأن الهيئة العامة لحماية المستهلك ستكون في الصدارة الاولى وبامتياز، وبفارق مئوي كبير جدا، إذن، هل نبني على نجاحها أم نهدمه؟ وعندما يجاهر البعض بقرب إقالة رئيسها، اليس ذلك تحديا للمجتمع ؟ وعندما يظهر ابناء من ابنائنا كلهم اخلاص ووفاء للوطن وانتماء للسلطان، وحب خالص للعمل ليس وراءه منحة مالية من مؤسسة ، ولا عقارية من وزير، ولا موعود بمنصب رفيع ، هل نعزز مسيرهم ومساراتهم الوطنية أم نحملهم على الكفر بها؟
لو نجحوا في الاقالة بعد بشارتهم العلنية الاستفزازية، علينا البحث عن ركن شديد ـ وهو موجود ـ أو البحث عن استقواء من الداخل أو الخارج ـ وهو جاهز وممدودة يديه - حتى لا تطال سطوتهم بقية الأوفياء والمخلصين، وهل سيكون هناك وفاء أو ولاء أو انتماء لو تمت الاقالة؟ لا يزال يهزأ وعينا بشارة تلك الاقالة التي تناولناها في مقالين سابقين تحت عنوان ،، اعادة ترتيب الاولويات العمانية ،، فالمبشر يقدم نفسه هنا سلطة فعلية فوق كل السلط القانونية، ويسحب منها دستوريتها ومشروعيتها، ويعطي الانطباع ـ وقد اعطي فعلا ـ بأنها الشخصية التي ينبغي أن يلتف حولها من أراد منصب أو نفوذ، وان بيده يعاقب من يشاء، ويكافئ من يشاء ، وهذه اشكالية لن يقبلها العقل ابدأ ، وكلما يلجأ اليه اي العقل ينتابنا فعلا استياء من ثقة بعض السلطات الخفية في الإقالة، وكأنها صاحبة قرار، ربما تكون أعطت معطيات ورؤى مشوشة لصاحب القرار لغاية في نفسها نتيجة تضرر مصالحها من نجاحات وانتصارات حماية المستهلك، لكننا على يقين تام بان صاحب القرار تتوفر لديه الان المعطيات الصحيحة، وظهرت له نوايا الساعين لتقزيم الادوار الوطنية للهيئة بعد أن تم صناعة رأي عام ضاغط لصالح الهيئة، وظهور قلة، تسيطر على السوق تريد الاستمرار في جرائمها ضد المواطن، ليس همها صحته اي المواطن ولا مصلحته، الاهم، ثرائها مهما كانت الوسائل، شريفة أو قذرة، ولدينا ادلة جديدة ستذهل صانع القرار والرأي العام معا، وستظهر امامهم اهمية بل حتمية استمرار هيئة حماية المستهلك وتعزيزها وعلى رأسهم الدكتور الكعبي، ولماذا نتمسك بالكعبي؟ لأن نجاح اية مؤسسة من نجاح قائدها، والعكس صحيح، والكعبي لم يكن قائدا ناجحا كغيره في بعض المؤسسات، وإنما وظف مؤهلاته ومميزاته القيادية في صناعة أطر وكوادر في الهيئة تشاطره هم القيادة وهم رسالة الهيئة، وتكسبهم قيم ومهارات نادرة في زماننا، مثل التضحية من أجل المصلحة، والعمل في أصعب الظروف والاحوال، والشرف والأمانة وتحمل المسئولية في بيئات محبطة ..الخ من أجل ماذا؟ هذا هو الاهم، من أجل المواطن هدف استراتيجي ينعكس تلقائية على أمنه واستقراره داخل وطنه، دللنا في مقالات سابقة على حتمية بقاء الهيئة بقيادتها واطرها، واليوم ندلل بحجج جديدة ليست من الماضي، وإنما في الحاضر، وسنركز على انشغالاتها الراهنة في خريف ظفار الحالي 2015، وما تقوم به حاليا من كشف الواقع وانكشافاته، وسوف يوضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أن قوى الشر سوف تتكالب عليها، لماذا ؟ لأن حجم مصالحها المتضررة كبير، فكيف تسكت عليها؟ وذلك النعت ليس حكما جزافا نطلقه هنا، وهو اسم على مسمى ، بدليل ماهية وحجم جرائمها ضد المواطن خاصة والمستهلك عامة الى اليوم رغم الرقابة الصارمة ، فكيف دون هذه الرقابة ؟ بل كيف قبل إنشاء الهيئة عام 2011؟ بدونها كانت صحة المواطن والمستهلك في خطر بغزو مجموعة أمراض سالبة الحق في الصحة والحق في الحياة، هذا نقوله بصوت مرتفع وبحجية جديدة مثبتة، فقد اكتشف فرع هيئة حماية المستهلك في محافظة ظفار خلال الاسبوع الماضي عصابات في مختلف القطاعات التي تهم حياتنا الاستهلاكية، أبرزها عصابة تتاجر باللحوم الفاسدة ، بما فيها اكتشاف ذبائح فاسدة، بدأت القضية بعد تسمم حالات كثيرة من بينهم رجال شرطة، وقد استغرقت عمليات البحث والتحقيق والترصد ثلاثة ايام متواصلة على مدار الساعة، عقبها تم ضبط مجموعة تقوم بعملية شراء لحوم مجمدة من الخارج بعضها مجهولة الهوية وفاسدة، وتقدم للزبون على أنها لحوم محلية طازجة بعد أن تكون قد مزجتها بشحوم الابل، ومن ثم تقوم هذه العصابة بتوزيع هذه اللحوم على شكل (مشاكيك) على المضابي المنتشرة في صلالة وطاقة، والشيء الذي يدعو للقلق أن عملية قص اللحوم ووضعها في (المشاكيك) تتم في دورات مياه قذرة جدا جدا - وقد شاهدنا الصور الدالة عليه- ولماذا تضع شحم الابل في (المشكاك) وذلك حتى تعطي نكهة طيبة تغطي على اللحم الفاسد، كما عثروا في المكان ثلاث ثلاجات (فريزر) من الحجم الكبير مليئة بالشحوم المجهولة الهوية، وهناك كذلك قضايا المكسرات الفاسدة ، فمن وراءها ؟ وكذلك قضية الغش في البخور الظفاري، وقضية ما يسمى بشعر البنات ، وقضية الانبه الفاسدة، وقضية الغش في التمور، وقضية الغش في الكمة العمانية، واكتشاف سوق سوداء للفواكه والخضراوات، وقضية استبدال (87) الف ريال وقضية استبدال (28) سيارة جديدة دون محاكمة بعد اكتشاف عيوب تصنيعية فيها .. لو أسردنا تفاصيل كل قضية من تلك القضايا الجديدة والحديثة، فسوف نذهل فعلا، وسوف نتمسك بالهيئة قيادتها واطرها بتمسكنا بحقوقنا في الصحة والحياة .. فليس من العقل أن يفرط مجتمعنا بهذه المؤسسة التي تعمل ليلا ونهارا نيابة عنه، والمجتمع لا يدري ، فكيف الان بعد أن أصبح يدري ؟ ولزيادة العلم بالشيء، نأخذ كذلك مثلا حلاوة الاطفال المعروفة باسم ،،شعر أو غزل ،، البنات التي كانت ظاهرة منتشرة في السهول والجبال، فقد اكتشف فيها استخدام سكر منتهي الصلاحية، ويقوم العمال بنفخ الكيس الخاص بها بفمه.. فما هي حجم الاضرار الصحية على اطفالنا ؟ ولنأخذ كذلك قضية الانبه الفاسدة، حيث تقوم عصابة بانتشال الأنبه الفاسدة المرمية في أمكنة(القمامة) وتقوم باستئصال الجزء الفاسد في هذه الفاكهة، ومن ثم تقوم بقص ما تبقى منها ووضعها في كوب بلاستيك وتبيعها للسياح والمواطن (بخمسمائة) بيسة، والكل كان يشاهد هذه الظاهرة بأم عينيه ، لكنه لا يعلم بخلفياتها، وقد كشفتها لنا الهيئة، كما تم ضبط (2200) كمة مستعملة تباع على انها جديدة .. الخ سنكتفي بهذه الاستدلالات الجديدة، لنتساءل مجددا، هل الهيئة في الطريق الصحيح أم الخطأ ؟ إذن ، علينا نتوقع شن حرب عليها سرا وعلانية ، من هنا علينا القول مجددا، الهيئة وقيادتها وأطرها خط أحمر .. لن تمسها اية اقالة .. لأننا نعلم دوافعها، ولن يقنع المجتمع تلويح المساس بالحرية الاقتصادية .. فهذا يراد له باطل .. واستدلالاتنا تكشف قوى الشر التي وراءها ، كلنا مع الهيئة قيادة واطرا وكوادر، كما لابد من توجيه الشكر والتقدير الرفيعين لشرطة عمان السلطانية والادعاء العام لدعهم جهود الهيئة في ضبط تلك الجرائم، وهى جهود مقدرة ومثمنة عاليا، فدافعهم نفس الحب والوفاء والولاء والانتماء الذي يدفع برجالات الهيئة للدفاع عن حقوق المواطن وفق قوانين البلاد ، فشكرا لكم مرة أخرة ،وعاشت بلادنا أمنة ومطمئنة ، والشر كل الشر لمن اراد بها وأهلها السوء .