[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
حروب نفسية تشن على المواطن العربي متخذة شكل سيناريوهات لما يمكن ان تكون عليه المنطقة العربية بعدما تنفذ تلك الحروب ارادتها. الحرب تلك وان لم تكن جديدة، الا انها تعتمد على حركة الواقع لكل قطر عربي، وهي بالتالي تطارده، كي تقهره وان يستسلم لها، بل كي تقول له انه مهما فعل فلن يهرب من قدره الذي رسمته دولة عظمى باشراف اسرائيلي وغربي.
لاشك ان المواطن العربي مستسلم تماما لتلك الفرضيات التي يبدو اكثرها واقعيا .. فحين يقال له مثلا ان العراق مرشح للتقسيم وتلك هي اسبابه، يقدم له الدليل على ان الجنوب العراقي شيعي والشمال سني وكردي .. وعلى المقلب السوري، يسمع عن تجمعات علوية واخرى درزية والثالثة سنية ومن ثم مسيحية، وكلها تجمعات يمكن لها ضمن الحسابات المنطقية ان تشكل دولا، ناهيك عن لبنان وظروفه الطائفية والمذهبية، ومن ثم مصر وما يتبها من تفصيل تقسيمي على الارض، اضافة الى السعودية واليمن وليبيا ..
الواقع الذي لاغبار عليه ان مايحكى عن تقسيم موجود بحكم المكونات الطائفية والمذهبية في كل قطر مشار اليه .. كل مايفعله صاحب الارادة فيه، اعلانه رسميا .. من المؤسف ان الصراعات التي ضربت اقطار المنطقة وما زالت، والسيناريوهات المرافقة لها، انما هي تعبير عن حقيقة يراد لها ان تنسف قديم المنطقة حين جلس سايكس وبيكو وفي يد كل منهما سكينا وليس قلما، في حين يحدث اليوم ان المقسمين يفرضونه بشروط السلاح ومن خلفهم الدولة العظمى الراعية، بل والممسكة بيد هؤلاء الذين لايتمكنون من الحياة بدون تحقيق هذه الغاية، ولهذا السبب تمت ولادتهم ورعايتهم وتمويلهم وترشيدهم كي يكونوا النواة الاولى في شروط التقسيمي الجديد.
ومن الاسف، فمن قال ان الكردي لايعيش تلك الحالة، وكذلك السني او الشيعي او المسيحي، بعضهم برغبة الوصول الى هذا الهدف والبعض الآخر مقاوما له من باب ايقاف تمدده لكنه لن يقضي اطلاقا عن الاحساس الشعبي العام فيه.
يركز رافعو التقسيم على العراق كمفتاح لهذا الغرض الخطير .. ويعتبر كثيرون ان تحقيق الفكرة على المستوى العربي يبدأ من العراق، من تلك المنصة بالذات كونها الاكثر جهوزية وملاءمة، اضافة الى وجود عوامل خارجية داعمة، كمثل تهديد الاميركي بقصف الجيش العراقي والحشد الشعبي ان هو تقدم في الرمادي استقواء على " داعش". بل ان فكرة الانبار بالذات بوضعها بتصرف هذا التنظيم الارهابي، تعني ان اللعبة التي تقودها اميركا واسرائيل فرض المنطقة الجغرافية المقسمة اولا ومن ثم تعميمها على بقية القطر العراقي الذي كم تمكن صدام حسين من منع مشاريع كهذه، ومثله معمر القذافي في ليبيا، ويبدو ان تغييب الرئيس بشار الاسد يعني تنفيذ الفكرة في سوريا، ولن يسلم اليمن بالتالي منها وهو جاهز لمواكبة المسار ان تم تعميمه عربيا، وكذلك غيره من الاقطار المرشحة لذلك.
نحن الآن في قلب معركة التقسيم او التقاسم الجديدة التي تحتاج مقاومتها لصبر طويل، ويراد من هذا السيناريو بالتالي اذا ماحصل التقسيم تقاتل الاقسام المقسمة تحت رعاية وارشاد اسرائيل، وهي حرب رشحها كيسنجر لمائة عام، واذا ماجاء قائد عربي توحيدي، فلسوف يقيم حروبا من اجل اعادة التوحيد مما يعني حروبا لمائة عام أخرى، المهم هو تحييد اسرائيل عن كل صراعات المنطقة كي تعيش اطول زمن ممكن.