نواصل الحديث في أحكام قانون المعاملات المدنية العماني رقم (29/2013)، ونخصص هذه المقالة لبيان مفهوم تقادم الدعوى... استنادا لنصوص هذا القانون وتحديدا الباب الثاني منه ينقضي الالتزام- كقاعدة عامة (التنفيذ الاختياري) بالوفاء بدلالة المادة (229) أو ما يقوم أو يعادل الوفاء بدلالة المادة (231) من ذات القانون... ولكن قد ينقضي إلتزام المدين دون الوفاء به أصلا. ولا يكون ذلك الا في ثلاث حالات أو ثلاثة أسباب، الحالة الأولى: تقادم دعوى الدائن، والحالة الثانية: ابراء المدين من الدين، والحالة الثالثة: استحالة التنفيذ لسبب أجنبي خارج عن ارادة المدين. ففي هذه الحالات الثلاث تبرأ ذمة المدين من الدين دون أن يكون هذا المدين قد أدى ما يشغل ذمته من التزام تجاه الدائن... ويعرف التقادم بأنه وسيلة بواسطتها يستطيع المدين التخلص من الالتزام الذي يشغل ذمته بمجرد مضي المدة التي عينها القانون...وقد جرى نص المادة (340) من قانون المعاملات المدنية على النحو التالي "لا تسمع الدعوى بالتزام عن المنكر بانقضاء خمس عشرة سنة بغير عذر شرعي مع مراعاة ما وردت فيه أحكام خاصة". وقد أراد المشرع العماني- كما هو حال مختلف الدول- الى ايجاد نظام التقادم لتحقيق استقرار اجتماعي باعتباره يقوم على أساس المصلحة الاجتماعية العامة كون الحق لا يجوز استعماله بعد تركه مدة معينة من الزمن.مع استطاعة الدائن المطالبة بهذه الحقوق لاستيفاء حقه... أما من حيث المدة الواجب انقضاؤها حتى يتحقق التقادم... فالقاعدة العامة - كما هو واضح من نص المادة السابقة أن تكون خمس عشرة سنة. وهذه المدة في الحقيقة تسري على كل التزام لم ينص القانون في خضوعه لمدة أخرى. وهذه المدة في اعتقادنا مناسبة لا هي مدة طويلة ترهق المدين ولا مدة قصيرة بحيث تباغت الدائن. أما بخصوص الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة فأولها أن مدة التقادم بالنسبة للحقوق المتجددة بانقضاء عشر سنوات بدلالة المادة (341). كما أن المادة (242) قد حددت أجلا لتقادم الدعوى اذا انقضت خمس سنوات لبعض المهن وحقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء والأساتذة والمعلمين والوسطاء المستحقة لهم عما أدوه من أعمال- أيضا ما يستحق رده من الضرائب والرسوم- حقوق التجار والصناع- حقوق العمال وخدم المنازل والأجراء من أجور يومية وغير يومية.وثاني هذه الاستثناءات: مبدأ سريان التقادم بالنسبة لدين معلق على شرط من وقت تحقق هذا الشرط ومن وقت ثبوت الاستحقاق في دعوى ضمان الاستحقاق... كما أن الدعوى المطالبة بالدين تسقط بالتقادم ولا تسمع اذا تركها السلف ثم الخلف من بعده وبلغ مجموع المدتين الحد المقرر لعدم سماعها. بدلالة المادة (345) من ذات القانون... خلاصة القول أن مبدأ سريان التقادم لا يجوز أن يترك لمحض ارادة الدائن ليتحكم في تحديده كيفما يشاء، كما أنه لا يجوز أن يترك موقوفا على اتفاق بين الدائن والمدين... لكن ما يجب الاشارة اليه أنه في المقابل هناك عوارض للتقادم "وقف وانقطاع التقادم" فالوقف معناه أن يتعطل سريان التقادم مدة معية سبب مانع يتعذر على الدائن أن يطالب المدين بحقه - وبالتالي هذه المدة التي يمنع فيها على المدين المطالبة بحقه لا تحسب بل تحسب المدة السابقة على الوقف واللاحقة عليها، أما المقصود بانقطاع التقادم عدم احتساب المدة التي انقضت قبل انقطاع التقادم وعدم دخولها في حساب مدة التقادم حيث يبدأ سريان التقادم بمدة جديدة وقد جاءت المادة (346) لتؤكد على ذلك "يقف مرور المدة المانع من سماع الدعوى كلها كلما وجد عذر شرعي تتعذر معه المطالبة بسماع الدعوى، ولا تحسب مدة قيام العذر في المدة المقررة"...قراءتنا القادمة - ان شاء الله - سنخصصها لبيان الحالة الثانية من حالات انقضاء الدين دون الوفاء به "الإبراء من الوفاء"،،، سالم الفليتي محام ومستشار قانوني كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية[email protected]