مفتاح غرفة الروائية أجاثا كريستي كشف قصة غموض اختفائهازار معالمه ـ سيف بن خلفان الكندي :يسمى لؤلؤة اسطنبول يقع في مثلث القرن الذهبي، وتم ادراجه ضمن قائمة أقدم عشرة فنادق في العالم كما تم مؤخرا تتويجه بلقب أفخم فندق تاريخي. انه فندق بيرا بالاس جميرا الواقع بمدينة اسطنبول. تم انشاؤه في العام 1892م. حيث عايش حقبا زمنية عريقة قصده خلالها عشرات المشاهير من رؤساء الدول الى الفنانين والأدباء من مختلف دول العالم.ومنذ الوهلة الأولى التي يلمح فيها الزائر واجهة القصر يتضح له جليا مدى قدم المبنى وعراقته، ففي كل زاوية من زواياه تجد ايقونة تاريخية تتحدث عن عراقة وأصالة المكان والزمان. فقد تم تاسيس المبنى بواسطة المصمم الفرنسي العثماني اليكساندر فالوري الذي يطلق عليه مصمم اسطنبول منذ 123 عاما ليحمل الطابعين الشرقي والكلاسيكي تتداخل تلك الأنماط في كل جزئية بجدران القصر العريق. وفي تلك الحقبة من العام 1892 كان القصر أول مبنى مزود بخدمة الكهرباء والمياه الدافئة والتي كانت مقصورة على القصور العثمانية فقط. كما أنه أول فندق تم تزويده بمصعد كهربائي خشبي ذي أريكة فخمة ولا يزال نفس المصعد يعمل حتى يومنا هذا بشكله السابق. وقد شهد عدة أحداث مؤثرة بداية من الحرب العالمية الأولى، وحادثة احتلال اسطنبول، وحرب استقلال تركيا، وتأسيس الجمهورية التركية، وكذلك الحرب العالمية الثانية.وطوال تلك السنوات استضاف القصر عدة شخصيات مهمة كان من ضمنها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، وكذلك عدد من الأدباء منهم أرينيست هيمينجوي والروائية الانجليزية أجاثا كريستي التي سكنت في الغرفة رقم 411 في الطابق الرابع والتي لا تزال تحمل اسمها حتى اليوم، والرئيس الأميريكي جاكلين كينيدي، وشاه ايران محمد رضا بهلوي و زازا جابون، والملك ادوارد الثامن والكاتب الانجليزي دانيل فارسون وآخرون من المشاهير.أثاث ومقتنيات القصريمتاز فندق قصر بيرا بالاس جميرا بأثاثه الذي يعود الى بدايات القرن التاسع عشر وبلاطه الرخامي من نوع كارارا المرمري، ونجفات مورانو الكلاسيكية بحبات الكريستال النقي الذي لا يزال محافظا على بريقه منذ 123 عاما، وسجاد ألعوسك الذي تمت حياكته يدويا. بينما يتربع في قلب الفندق ذلك المصعد الألماني الخشبي العتيق الذي تمت صيانته و إعادة تشغيله من جديد.أما غرفه التي تتوزع على طوابقه السته ويبلغ عددها 115 غرفة، فتتسم بطرازها المعماري الأنيق مع شرفات فرنسية فارهة، فقد تم تأثيثها بأثاث كلاسيكي مطرز بقماش خاص يحمل شتى صنوف الفن التقليدي منذ العصر العثماني. فيما تتسم الأجنحة الملكية التي يبلغ عددها 16 جناحا فهي تمتاز باتساعها ونمطها الملكي المعتاد في تلك العصور حيث لا تزال محافظة على سماتها الملكية واثاثها النادر. وقد نزل بها العديد من الملوك والرؤساء منهم الملك ادوارد الثامن ملك المملكة المتحدة والامبراطور فرانز جوزيف امبراطور النمسا وهنغاريا كما توجد غرف تحمل أسماء رؤساء تركيا السابقين.فيما تم تحويل غرفة مؤسس تركيا الحديثة الى متحف وذلك في العام 1971، حيث يضم المتحف كافة أدواته ومستلزماته وكتبه ومخاطباته، وطريقة حياته.وفي الجانب الآخر من الفندق توجد عدة مطاعم تقليدية تقدم أطباقها التاريخية منها المطعم الفرنسي الذي يمتاز بتقديم الكعك الفرنسي الشهي، اضافة الى مطعم آخر يحمل اسم الروائية أجاثا كريستي الذي يقدم أطباقا تحمل نكهات ايطالية وفرنسية وتركية.تقول بيناركارتال تايمر المديرة العامة للفندق بأن الفندق كان محط العديد من الفعاليات الاجتماعية للمدينة ككل نظرا لوجود أول الخدمات المتكاملة التي حظي بها الفندق دون غيره من الفنادق الأخرى فكانت نخب المجتمع كلها تلتئم في قصر بيرا بالاس الذي امتاز ايضا بوجود أول مصعد كهربائي في المدينة والذي تم بناؤه بعد ثلاث سنوات من بناء برج ايفيل بباريس بواسطة شركة شاندلار الألمانية. وبما انه كان وسط المدينة فقد كان حافلا بالفعاليات التي امتاز بها طوال المائة عام الماضية فقد امتاز بأنه أول فندق ينظم أول معرض فني للرسوم في العام 1895 بواسطة رسام القصور الملكية الفنان شاكر أحمد باشا نظم أول معرض للرسوم في تركيا. أما في 1926كان لدينا أول عرض أزياء في تركيا تم تنظيمه في القصر لذلك كان الفندق احدى أحدث المباني في ذلك العصر. وكما تعلمون فان اسطنبول تعد بداية الغرب بالنسبة للشرقيين، وبداية الشرق بالنسبة للغربيين فامتاز المبنى بأنه يمتلك المزايا المعمارية للنمطين الغربي والشرقي معا.وتضيف بينار بأن طبقة الارستقراطيين وكبار الأثرياء واصحاب البنوك والفنانين كانو يمثلون الشريحة الأكبر من زبائن الفندق نظرا لأن اسطنبول كانت أكثر المدن التجارية رواجا مع بداية القرن التاسع عشر نظرا لقربها من الغرب.وقد شيد الفندق في العام 1892 البلجيكي ناجل ماكرصاحب شركة أورينت اكسبريس لنقل عبر القطارات، وقد شيده بهدف خدمة ضيوف شركته من مستخدمي سكة الحديد، وفي العام 1918م أي خلال الحرب العالمية الأولى لم تتمكن شركته من تشغيل القطار. لذا تم بيع الفندق لأحد الأثرياء الأتراك من أصل يوناني واسمه بودو ساكيس، وبعدما غادر مالكه الجديد تركيا بعد حرب الاستقلال في العام 1923 تمت ادارة الفندق بواسطة سلطات الحكومة لمدة ثلاث سنوات. ثم بعد ذلك اشتراه رجل الأعمال اللبناني من أصل سوري مصباح موهاياج بمبلغ وقدره 600ألف ليرة ذهبية وكان ذلك في العام 1926وكان ذلك الرجل متخصص في تصنيع الملابس العسكرية للجيش التركي خلال حرب الاستقلال وكان من المقربين لمصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الجديدة. وقد ادار الفندق لمدة خمسين عاما. ونظرا لأن موهاياج لم يكن لديه أولاد يرثون ثروته فقد اسس جمعية خيرية منحها كل ثروته بعد وفاته وكان يدير الجمعية ابن أخته وبعد ذلك قامت أسرة تركية باستئجار الفندق من الجمعية وقامو بتشغيل الفندق حتى العام 1985 وبعد خمسة عشر عاما قامت الحكومة بعد ذلك بالحجر على المبنى باعتباره مبنا أثريا يجب أن يحظى بالحماية من الدولة وفقا لقانون صون التراث الأثري وكان المبنى ضمن قائمة التراث الوطني. ولكن تم بيعه في العام 2006 وقد قام المشتري الجديد مباشرة باغلاقه لمدة أربع سنوات وبدأ بعمل ترميمات ضخمه بالمبنى استغرقت سنتان للتصميم وأخذ التصاريح وسنتان للعمل الفعلي في صيانة المبنى الأثري. وفي العام 2010 تم ادخال وحدات التكييف المركزي عليه، حيث كان يتم تهويته سابقا عبر قباب علوية يتم التحكم بفتحها وغلقها يدويا. وتم فتح الفندق حتى العام 2012م حيث تم توقيع اتفاقية لتشغيل الفندق مع مجموعة جميرا الاماراتية ومقرها دبي.وتواصل المديرة العامة لفندق بيرا بالاس حديثها بأن المالك الجديد للمبنى قرر بيع الفندق لكننا قمنا بتشغيله لمدة عام وحصل الفندق على أرباح عالية. فتهافتت عليه العديد من العروض من شركات عالمية ترغب في تشغيل الفندق الا أن أفضل تلك العروض كانت من مجموعة جميرا التي حازت على عقد التشغيل والتي قامت بعمل تغييرات جيدة في طريقة ادارة الفندق فهم لديهم الخبرة الكافية والتميز في طريقة ادارتهم للفنادق وهم لديهم لمسات فخمة في ادارة الفنادق وهم يقدمون عروضا جيدة خلال العظلات والأعياد وعطلات المدارس، اضافة الى جروبات خاصة للتسوق مع خصم مقداره 15% لحاملي جوازات دول مجلس التعاون. كما تم ادخال العديد من الأطباق التقليدية التركية المحلية للخليجيين ولدينا أطباق رمضانية خاصة للخليجيين، اضافة الى الأطباق الفرنسية التي تحضر يدويا بالطرق التقليدية.غموض اختفاء أجاثا كريستيوتعلق بينار حول قصة الاختفاء المفاجئ للروائية الانجليزية أجاثا كريستي من لندن وعلاقتها بفندق بيرا بالاس في اسطنبول قائلة بأن ذلك حدث في العام 1926 حيث وجدوا سيارتها مرتطمة باحدى الأشجار في لندن ولكن لم يكن للروائية أي أثر. وبعد سنوات أي في حوالي العام 1979م عندما أراد المنتج السينمائي وونر برووس انتاج فيلم عن تلك الأحد عشر يوما الغامضة فقد اتصلوا بكلير رويان في لوس انجلوس وجاءتهم رسالة تشير الى أن حل اللغز الغامض كان في احدى غرف فندق بيرا بالاس في اشارة الى الغرفة رقم 411 التي كانت تقطنها الكاتبة أجاثا كريستي. وكانت تلك بمثابة أخبار صادمة وحصرية تابعتها مختلف وسائل الاعلام العالمية وتصدرت الصحف في مختلف دول العالم. وحضر عشرات الصحفيين الى اسطنبول لمعرفة تفاصيل لغز اختفاء الكاتبة التي اشارت لهم بالذهاب الى الغرفة رقم 411 والبحث عن مفتاح بين عتبة الباب وجدار الغرفة وكان ذلك مفتاح صندوق الأمانات لغرفة أجاثا كريستي التي حفظت فيها مذكراتها عن الاحدى عشر يوما لاختفائها الغامض، مما حدا بصاحب الفندق الى أن يطلب مبلغا تعجيزيا وقدره مليوني دولار لمن يرغب بالحصول على المفتاح ولكن بالطبع لم يتمكن أي أحد من فتح خزانتها الخاصة. ولكن المثير في الأمر هو أن المبنى اشتهر كثيرا بسبب تلك الحادثة. ولا تزال الغرفة موجودة للزبائن ومزودة بكافة كتب المؤلفة الانجليزية الشهيرة. اضافة الى متحف أتاتورك الذي تم انشاؤه بمناسبة الذكرى المئوية لعيد ميلاده.وحول أهم الجوائز العالمية التي حصل عليها الفندق منها ادخاله ضمن قائمة أهم الفنادق العالمية العريقة، وكذلك حصل الفندق في العام الماضي على جائزة المركز الأول لأكثر الفنادق التاريخية فخامة في العالم مما يشكل علامة جديرة بالاحترام للفندق.