فـي إطار التعاون بين المتحف الوطني ومتحف الإرميتاج الروسي


سان بطرسبورج ـ العُمانية: لتوسيع دائرة المعرفة والتعريف بالتاريخ العُماني العريق قام المتحف الوطني أمس الأول بافتتاح المعرض الثاني بعنوان (الإمبراطورية العُمانية: آسيا وإفريقيا) ضمن مبادرة قاعة عُمان في متحف الإرميتاج الحكومي بمدينة سانت بطرسبورج في روسيا الاتحادية، ويستمر حتى 26 يناير 2025م. حضر حفل الافتتاح الأستاذ الدكتور ميخائيل بيتروفسكي، مدير عام متحف الإرميتاج الحكومي وعضو مجلس أمناء المتحف الوطني، وعدد من المسؤولين والمهتمين بالمجال الثقافي.
ويُعدُّ متحف الإرميتاج الحكومي واحدًا من أكبر المتاحف على مستوى العالم، فهو يحوي أكثر من ثلاثة ملايين تحفة فنية، وتأسس في عام (١٧٦٤م) وهو أيضًا واحد من أقدم المتاحف في العالم، ويمتلك المتحف فروعًا دولية له في مدينتي أمستردام وفيرارا، كما يُعدُّ من أهم المعالم السياحية في روسيا.
وقالت صاحبة السُّمو السَّيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس جامعة السُّلطان قابوس للتعاون الدولي، نائبة رئيس مجلس أمناء المتحف الوطني في كلمتها في حفل الافتتاح: إنَّ المتحف يسعى من خلال هذا المعرض إلى إبراز الموروث الحضاري والتاريخي والثقافي والعلمي لعُمان عبر مقتنياته المتنوعة التي تكتسب هذا البهاء وسط الصرح الشامخ متحف الإرميتاج الحكومي الروسي.
وأضافت أنَّ التعاون بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية في مختلف الأنشطة الثقافية والمتحفية وصل إلى التنسيق لحماية آثار إنسانية عالمية آخرها جهود الوساطة التي تبنَّاها المتحف الوطني في سلطنة عُمان مع متحف الإرميتاج الحكومي لاستعادة قطع أثرية سورية من المتحف البريطاني في شهر سبتمبر من العام الجاري.
من جانبه قال سعادة جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني: إنَّ معرض (الإمبراطورية العُمانية: آسيا وإفريقيا) يركز على فترة ليست معروفة كثيرًا عن تاريخنا خارج سلطنة عُمان، حيث قامت عُمان بِدَوْر محوري في ربط صلاتها في شبه الجزيرة العربية وغرب آسيا مع ساحل شرق إفريقيا والمناطق النائية الإفريقية.
وأضاف سعادته أنَّ المعرض يضمُّ مقتنيات منتقاة تمثل فترة اليعاربة والبوسعيد اللتين شكَّلتا إمبراطوريتين بحريتين من القرن السابع عشر ووصلتا إلى ذروتهما في القرن التاسع عشر الميلاديين، مشيرًا إلى أنَّ المقتنيات تُمثِّل جانبًا مُهمًّا من رسالة عُمان التاريخية المتمثلة في تأسيس أمَّة مزدهرة وعالمية متعددة الثقافات ومتسامحة تحت أئمتها وسلاطينها.
ويضم معرض (الإمبراطورية العُمانية: آسيا وإفريقيا) 28 قطعة من اللُقى المتحفية التي تعكس تاريخ الإمبراطورية العُمانية بشقَّيها الآسيوي والإفريقي، وتركز على حقب زمنية مختلفة ومتدرجة لحكام عُمان من الأئمة اليعاربة والأئمة وسلاطين البوسعيد في الفترة بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر الميلاديين، ودَوْرهم كحلقة وصل بين الدول المجاورة بشبه الجزيرة العربية وغرب آسيا مع ساحل شرق إفريقيا.
ويسرد المعرض قصة تاريخ العُمانيين في شرق إفريقيا ودَوْرهم في طرد البرتغاليين من شرق إفريقيا وتأسيس الإمبراطورية العُمانية المترامية الأطراف، وما نتج عنه من مظاهر التأثيرات الحضارية العُمانية في شرق إفريقيا في المجالات الاجتماعية، والدينية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والعمرانية، والتي لا تزال شاهدة على هذا الوجود حتى اليوم.
ويضم المعرض سيف كتارة منحنية يعود إلى دولة البوسعيد ما بين القرنين (11 – 13هـ/‏‏‏17 – 19م)، ويُعتقد أنَّ هذه الكتارة ذات النصل القوقازي القصير والمستوردة من الإمبراطورية الروسية كانت تستخدم للمبارزة على متن واحدة من أساطيل الإمبراطورية العُمانية خلال تلك الفترة، إلى جانب خنجر سعيدي ملك للسُّلطان حمود بن محمد البوسعيدي يعود للقرن 14 هـ/‏‏‏أواخر القرن 19م (سلطنة عُمان وزنجبار).
ومن أبرز اللقى المعروضة سيف منحني الحدِّ (شمشير) يُنسب للإمام سيف بن سلطان اليعربي الأول (قيد الأرض)، يعود لسنة (1086هـ /‏‏‏1675م) ومصحف (وقف فاطمة)، للناسخ سعيد بن ناصر بن خلف المعولي، يعود لـ(4 يونيو 1847م) (سلطنة عُمان وزنجبار)، وكتاب (قاموس الشريعة) المؤلف من (90) مجلدًا يعود للفترة 1297هـ/‏‏‏1880م (سلطنة عُمان زنجبار)، وهو أكبر موسوعة في الفقه الإباضي وكان أول إصدار للمطبعة السُّلطانية في زنجبار.
ويتضمن المعرض أيضًا كرسيًّا يعود إلى القرن 12هـ/‏‏‏18م (سلطنة عُمان وزنجبار) مُعارًا من أُسرة الشيخ السير مبارك بن علي الهناوي، إضافة إلى مجموعة من الحلي والأزياء التي تُنسب إلى السَّيدة سالمة بنت سعيد البوسعيدية التي عاشت في الفترة ما بين (١٢٦٠–١٣٤٢هـ/‏‏‏١٨٤٤–١٩٢٤م)، وقد انفردت السَّيدة سالمة بكتابتها لسِيرتها الذاتية البارزة باللغة الألمانية، بعنوان (مذكّرات أميرة عربية من زنجبار)، كأوَّل سيرة لامرأة عربية في التاريخ، وتقدم مذكّرات السَّيدة سالمة مع المقتنيات المعروضة لمحةً مدهشة عن الحياة في البلاط السُّلطاني في القرن (١٣هـ/‏‏‏١٩م)، وتشهد على جودة وتنوع الأزياء والحلي التي كانت ترتديها نساء البلاط. يذكر أنَّ إقامة هذا المعرض تأتي بعد نجاح النسخة الأولى من مبادرة قاعة عُمان التي افتُتحت في 2 يونيو 2021م في إطار التعاون الثنائي الوثيق والمستمر بين المتحف الوطني ومتحف الإرميتاج الحكومي.