يمثل قطاع الإسكان أحد الأولويات المهمة التي رعتها الدولة، ووفرت البيئة المناسبة التي تضمن نجاحها سواء فيما يتعلق بالتشريعات، أو البنى التحتية التي تؤسس لمناطق ومدن سكنية تلبي احتياجات الفرد والمجتمع من السكن والمكان الصحي المناسب عبر مجموعة من المبادرات المتعلقة بتوزيع الأراضي، والمساعدات السكنية، أو القروض.
قبل يومين استضافت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني معالي وزير الإسكان والمرافق والمجمعات العمرانية المصري الذي تحدث عن تجربة جمهورية مصر العربية في إقامة المدن السكنية الحديثة الذكية والمستدامة، هذه التجربة الفريدة التي قطعت فيها مصر وخلال مدة زمنية قصيرة مراحل متقدمة لتتمكن وخلال ما يربو من 8 سنوات من إنشاء مليوني وحدة سكنية هذا إلى جانب إعادة هيكلة العديد من المناطق السكنية المتهالكة، أو تلك المناطق التي تم إعادة تخطيطها وبنائها للتحول لمدن ومزارات سياحية تمتلك كل مقومات الحداثة والعصرنة، فبدت التجربة المصرية العمرانية والتخطيطية أنموذجا من حيث الرؤية، والفكرة، والأهداف، والتوجهات، وكيف تمكنت مصر من توظيف كل الفرص واستثمارها بالشكل الذي يحقق التطلعات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية، وفق خيارات وبدائل عديدة تم توفيرها للمستحقين لوحدات سكنية نموذجية في مساحتها وتصاميمها وإمكانياتها.
ومع ما تبذله وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في سلطنة عمان من جهود للاستثمار في مدن سكنية نوعية وجاذبة، وحديثة من حيث مواصفاتها وإمكانياتها وتنوعها ومنها مشروع « صروح» إلا أن العمل على هذه المدن الحديثة يتطلب جهدا وتخطيطا أكبر يراعي خصوصية البيئة والمجتمع، ويقوم على مرتكزات واضحة في إنشاء مدن ومزارات تلبي حاجة الأجيال القادمة من المساكن، والمرافق، والخدمات.. مدن تؤسس لرؤية واضحة في مضامينها وتوجهاتها الحالية والمستقبلية، ويتم البناء عليها والنهوض بها، وتمكينها لتواكب ذلك التحول الكبير الذي يشهده هذا القطاع في العديد من الدول خاصة منطقتنا الخليجية.
إذا أردنا بالفعل أن نذهب بعيدا في مسألة إقناع المجتمع اليوم بالتنازل عن طلب الأرض أو انتظار دوره في الحصول على قطعة أرض سكنية في منطقة قد تكون بحاجة لسنوات حتى تصلها الخدمات الأساسية، فعلينا في المقابل العمل على توفير وحدات ومدن سكنية ذكية ومستدامة ذات مستويات عالية في المواصفات والمقاييس والإمكانيات، والتي يمكن بالفعل أن تمثل خيارا رئيسيا للجيل الباحث عن الاستقرار والأمان السكني، خيارات وبدائل من حيث المساحات ، والمكان، والخدمات، والمهم أن تكون في متناول الجميع ، ووفق برامج وتسهيلات إقراضية مرنة وجذابة.
هي مرحلة مهمة تعمل عليها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، لكنها بحاجة لتكامل كافة الجهود من مؤسسات حكومية وخاصة، مرحلة تدفع برؤية عمان 2040 نحو مزيد من التميز والتنوع بالاستثمار بمدن إسكانية تمتاز بالحداثة وتتفاعل مع متطلبات المجتمع وحاجته من المنتج العقاري والسياحي النوعي، من المهم إعادة النظر في العديد من البرامج الإسكانية، بالنسبة للمساعدات السكنية، أو القروض السكنية، أو طبيعة وخصوصية الوحدات السكنية في مشاريع التطوير العقارية، والعمل على تسريع فترات الانتظار التي تمتد لما يزيد عن ٥ سنوات، بالنسبة للقروض الإسكانية من بنك الإسكان العماني أو المساعدات الإسكانية من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني.
الجميع يترقب حضورا بارزا لمدن ومرافق عمرانية مختلفة ومتنوعة يكون لرأس المال العماني اللاعب الرئيسي فيها، وقد تكون البداية مع مدينة السلطان هيثم، المشروع المرتقب والذي يمكن أن يمثل نقلة نوعية في توجهات الدولة ودافع لولادة مدن جديدة متكاملة في محافظات سلطنة عمان المختلفة عبر برامج الاستراتيجية العمرانية التي أطلقتها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني.



مصطفى المعمري
كاتب عماني