عودة نتنياهو للتسخين ومربَّع النَّار جاء مع تجدُّد العدوان «الإسرائيلي» على قِطاع غزَّة، وعودة استهداف المَدنيِّين، في عودة سريعة لمربَّع النَّار من قِبل نتنياهو ووزارة الحرب المُصغَّرة (وزارة الطوارئ الموازية للوزارة الائتلافيَّة) والَّتي شكَّلها بعد السَّابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وهي الَّتي تضمُّ مع نتنياهو رئيس المعارضة الجنرال بيني جانتس وأعضاء (الكابينت) الوزاري الأساسي المستولَد من رحم الحكومة الأساسيَّة حكومة الائتلاف اليمين الفاشي. والمعنى المباشر في العودة السريعة لمربَّع النَّار والتسخين، أنَّ نتنياهو يسعى للضَّغط على الفلسطينيِّين عَبْرَ قنوات الاتِّصال المعروفة بشأن استكمال عمليَّة التبادل، وتحديدًا على عتبات طرح صفقة التبادل الأكبر والأوسع بَيْنَ أسرى جيش الاحتلال، وخصوصًا أصحاب الرتُب العُليا من فرقة غزَّة التابعة لجيش الاحتلال والَّتي انهارت في السَّاعات الأولى من فجر السَّابع من أكتوبر 2023، مقابل ما تُطالب به فصائل المقاومة الفلسطينيَّة على قاعدة إطلاق كُلِّ أسرَى «الجيش الإسرائيلي» مقابل تبييض السجون في كيان الاحتلال بإطلاق كُلِّ الأسرَى الفلسطينيِّين، وعلى رأسهم مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزيَّة لحركة فتح، وأحمد سعادات الأمين العامُّ للجبهة الشَّعبيَّة لتحرير فلسطين، وإبراهيم حامد القائد في حركة حماس وكتائب القسَّام، والمَرضَى مِثل الأسير وليد دقة، وصاحب الأحكام العُليا والمؤبَّدات نائل البرغوثي وصولًا لجميع الأسرَى. وبالتَّأكيد فإنَّ معادلة: الجميع مقابل الجميع. يراها نتنياهو، بل ويَعدُّها نكوصًا وهزيمةً كاملة لِمَا أراده في كُلِّ ما جرى من عمل عسكري ضدَّ القِطاع، وفشلًا مريعًا له في كسر المقاومة الفلسطينيَّة، وتبخّر ما ذهب إليه في حربه المجنونة وغير المُسبوقة في تاريخ البَشَريَّة الحديث والمعاصر لجهة حجم الدَّمار والكَمِّ الهائل من النيران الَّتي سقطت على القِطاع. مفاوضات القنوات المعروفة بشأن تبادل الأسرَى وإمكان العودة للتهدئة تبقى قائمة، ومن المُمكن أن تَمُرَّ الأمور لعدَّة أيَّام وتَعُودَ «التهدئة» في سياق عمل المكُّوك السِّياسي التفاوضي عَبْرَ القنوات المعروفة. فالحراكات في ميادين شعوب العالَم باتَتْ مصدر رعب حقيقي لكيان الاحتلال وداعميه، وهو ما يجعل استمرار العدوان وسعيره مصدر قلق شديد لصورة «إسرائيل» الَّتي غرقت بدماء الرضع والأطفال والمَدنيِّين، وتمرَّغت في الأوحال. وكما أنَّ التضامن العالَمي من قِبل الغالبيَّة السَّاحقة من شعوب العالَم الَّتي نزلت إلى كُلِّ الميادين، في تضامن لا سابقة له في حراكات الشعوب منذ الحرب العالَميَّة الثَّانية، وقد فاقَتْ كُلَّ الحراكات البَشَريَّة إبَّان حرب الإبادة الأميركيَّة للشَّعب الفيتنامي. إنَّ التضامن إيَّاه أعطى نتائجه، فقَدْ ظهرت ملامحه من خلال تدحرج مواقف واشنطن من مسح القِطاع وتهجير مواطنيه، إلى رفض المساس بتهجير مواطني القِطاع، إلى اعتباره جزءًا من دَولة فلسطينية وفق «حلِّ الدولتَيْنِ». لقَدْ سقطت أهداف العدوان بالقضاء على المُكوِّنات الكفاحيَّة الفلسطينيَّة، ومِنْها كتائب الشهيد عزِّ الدِّين القسَّام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى، وكتائب الجبهة الشَّعبيَّة، وألوية الناصر صلاح الدِّين، وغيرها، كما سقطت مشاريع الاحتلال لتهجير مواطني القِطاع وتطبيق ترانسفير عِرقي بحقِّ الفلسطينيِّين. ولنَا أن نترحمَ على الشهداء، ونُكبِّرَ بالشَّعب الفلسطيني الثَّابت والصَّامد على أرض قِطاع غزَّة، وهو يواجه أعتى الطغاة، ويُقدِّم الضحايا كُلَّ لحظة.




علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]