مع بشاعة المجازر الَّتي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على الشَّعب الفلسطيني في قِطاع غزَّة والَّذي تجدَّد بعد انهيار هدنة دامت أسبوعًا.. فإنَّ الخطر الأكبر على الوجود الفلسطيني يتمثل في شروع الاحتلال في إجراءات جديدة لتنفيذ مخطَّطه الرامي لتهجير الفلسطينيِّين فيما باتَ يُعرف بـ(نكبة القرن). وممَّا يزيد من هذا الخطر في الأيَّام الأخيرة قيام الاحتلال بنشر خريطة تقسيم قِطاع غزَّة إلى نَحْوِ 2300 مربَّع سكني، زاعمًا أنَّ الهدف من ذلك هو تمكين الفلسطينيِّين من التعرف على أماكن الإخلاء بموجب هذا التقسيم.
لكن هذا المخطَّط يقود إلى إفراغ شمال غزَّة من السكَّان والدَّفع بهم نَحْوَ جنوب غزَّة من خلال المنشورات والتحديثات الَّتي ينشرها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدار السَّاعة، موضِّحين أنَّ المخطَّط يهدف أيضًا لقضم إسرائيل لجزء من شمال غزَّة لإنشاء ما يُعرف بـ»منطقة عازلة» قَدْ تمتدُّ بعمق 1 كم.
ولعلَّ تكثيف الاحتلال عمليَّاته البَرِّيَّة في شمال القِطاع واتِّخاذه عددًا من التمركزات عِند السَّاحل أو منطقة صلاح الدّين يدخل ضِمْن الإجراءات التنفيذيَّة لهذا المخطَّط لِيتمَّ استكمال المخطَّط ببعض العمليَّات جنوبًا مع سياسة حصار وتجويع بهدف دفع الفلسطينيِّين للتخلِّي عن منازلهم والنزوح قسريًّا خارج القِطاع جزء كبير من القِطاع أو من غزَّة بكاملها، خصوصًا مع ما كشفته وسائل إعلام إسرائيليَّة عن انتهاء رئاسة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي من وضع خطَّة لقيام الاحتلال بعمليَّة بَرِّيَّة تستهدف جنوب غزَّة خلال الأيَّام المقبلة.
ويجد هذا المخطَّط دعمًا سياسيًّا من دوائر غربيَّة، وهو ما برز من خلال ما كشفته صحيفة «يسرائيل هيوم» الإسرائيليَّة، عن توطين سكَّان غزَّة خارج القِطاع «طواعية» ونقلهم إلى (4) دوَل في خطَّة نالت مباركة مسؤولين كبار من الحزبَيْنِ الديمقراطي والجمهوري في مجلسَي النواب والشيوخ الأميركيَّيْنِ وتشمل (4) مبادرات اقتصاديَّة لـ(4) دوَل بالمنطقة وهي مصر والعراق واليمن وتركيا حتَّى أنَّ الخطَّة تقترح اشتراط استمرار المساعدات الاقتصاديَّة الأميركيَّة لمصر وتركيا واليمن بشرط خروج السكَّان من غزَّة واستقرارهم في أراضي هذه الدوَل.
وهذه الخطَّة تتحايل على التصريحات الأميركيَّة الَّتي تعَبِّر عن رفض التهجير القسري بإخراج الأمْرِ وكأنَّه تهجير بشكلٍ طوعي، وهو ما يجِبُ أن تتصدَّى له البُلدان المستهدفة بهذا التهجير والَّذي حذَّرت مِنْه مصر منذ الأيَّام الأولى للعدوان، كما أنَّه ينبغي أن يكُونَ مرفوضًا فلسطينيًّا بالمقام الأوَّل، حيث إنَّ هذه الهجرة تعني أنَّه لا عودة كما أنَّه لَنْ تقومَ للدَّولة الفلسطينيَّة قائمة.


هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]