يأتي استئناف كيان الاحتلال الصهيونيِّ لعدوانه الغاشم، وحرب الإبادة الَّتي يشنُّها على كامل الأراضي الفلسطينيَّة، خصوصًا في قِطاع غزَّة المحاصَر المُدمَّر، لِتؤكِّدَ عدم رغبة هذا الكيان المارق وداعميه في عودة الاستقرار للشَّرق الأوسط. كما تُظهر الهجمات الشَّرسة، الَّتي يشنُّها والَّتي خلَّفت عشرات الشهداء في سويعات قليلة، أنَّ الهدنة المؤقَّتة لَمْ تكُنْ إلَّا محاولة صهيونيَّة لجمع معلومات استخباراتيَّة؛ لِشَنِّ مزيدٍ من الهجمات ضدَّ أبناء الشَّعب الفلسطينيِّ الأعزل، حيث يسعى الكيان الصهيونيُّ لتنفيذ التهجير القسريِّ، حيث تزامن العدوان الهمجيُّ مع الإعلان عن منْعِ دخول المساعدات الإنسانيَّة، وإبلاغ المنظَّمات والجهات العاملة في معبر رفح البَرِّيِّ كافَّة، بمنْعِ دخول شاحنات المساعدات من الجانب المصريِّ إلى قِطاع غزَّة حتَّى إشعار آخر.
إنَّ استمرار هذا العدوان الغاشم بصورةٍ دَوْريَّة يُشكِّل عارًا في جبين الإنسانيَّة، بما يُمثِّله من خطورة كبيرة على حياة المَدنيِّين الفلسطينيِّين، وما يُحدثه من تعميق الكارثة الإنسانيَّة في قِطاع غزَّة، الَّتي تُسهم في تحقيق جريمة النزوح القسريِّ الَّتي تفرضها قوَّات الاحتلال على أبناء فلسطين في القِطاع المحاصَر، خصوصًا وأنَّ أكثر من مليونَيْ فلسطينيٍّ يعيشون في جنوب القِطاع تحت القصف ولا مكان آخر أمامهم يلجؤون إليه في ظلِّ انعدام وشحِّ توافر احتياجاتهم الإنسانيَّة الأساسيَّة، من ماء وغذاء وكهرباء، حيث تؤكِّد الأنباء المتواترة أنَّ قصف الاحتلال المتواصل الَّذي يطول المَدنيِّين الفلسطينيِّين، ما زال غير ملتزم وينتهك القانون الدوليَّ وقواعده في حماية المَدنيِّين، ما يستلزم تدخلًا دوليًّا عاجلًا لوقف العدوان فورًا. ولعلَّ استئناف العدوان الصهيونيِّ على الشَّعب الفلسطينيِّ في قِطاع غزَّة، وتصاعد جرائم قوَّات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيِّين بالضفَّة الغربيَّة، والقصف الَّذي طال كُلًّا من سوريا ولبنان منذ انتهاء الهدنة، يؤكِّد أنَّ كيان الاحتلال الإرهابيِّ لَنْ يكتفيَ بما يرتكبه من جرائم في قِطاع غزَّة، أو حتَّى في باقي الأراضي الفلسطينيَّة، لكنَّه يسعى إلى توسيع العدوان لِيصبحَ حربًا شاملة، تشمل المنطقة بأكملها، كما أنَّها تُشكِّل استمرارًا لجريمة التطهير العِرقيِّ والإبادة الجماعيَّة، ومحاولات التهجير وتصفية الحقوق العربيَّة والفلسطينيَّة، وهي جرائم لَنْ تجلبَ الأمن، ولَنْ تُحققَ السَّلام لأحَدٍ في المنطقة، ويجِبُ على مَنْ يدعمون كيان الاحتلال الصهيونيِّ إجباره على إيقاف تلك الأفعال العدوانيَّة، فعودة حلقة التدمير والعدوان وازدواجيَّة المعايير الأميركيَّة لَنْ تجلبَ الأمن والسَّلام لأحَدٍ. فالدوَل العظمى ـ وعلى رأسها الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة ـ مطالَبةٌ الآن أكثر من أيِّ وقت مضَى بالضغط على الحكومة القابعة في تل أبيب والَّتي تسعى إلى التهرُّب من الإخفاقات المتتالية برفع وتيرة العدوان تجاه المَدنيِّين العُزَّل، وإجبارها على تحمُّل المسؤوليَّة الكاملة عمَّا ترتكبه من جرائم لها تبعاتها الكارثيَّة على المنطقة والعالَم أجمع، فالمطلوب الآن إعلان الوقف الفوريِّ لهذا العدوان، ومضاعفة إدخال المساعدات الإنسانيَّة وتوفير الخدمات الأساسيَّة، والاستماع إلى صوت الغالبيَّة العظمى من دوَل العالَم وشعوبها الَّتي تقف إلى جانب الشَّعب الفلسطينيِّ وترفض جرائم الإبادة والعقوبات الجماعيَّة بحقِّه، وتطالب بزوال هذا الاحتلال.