أهمُّ ما يميِّز سلطنة عُمان من وجهة نظري الشخصيَّة البسيطة، هو هذا التلاحم والتضافر الملحوظ بَيْنَ القيادة والشَّعب، وهو تلاحم قائم على الثِّقة المتبادلة القائمة على أُسُس راسخة ممتدَّة طوال التاريخ العُماني التليد. فكافَّة مُكوِّنات الطَّيف العُماني، حكمًا ومحكومين، يضعون في الأساس مصلحة بلدهم، ويعملون بشكلٍ جماعي وعقلٍ جمعي على رفعة وطنهم، فهناك حالة عُمانيَّة متفرِّدة قلَّما تجدها، قائمة على ترابط منسوج بعناية، يحاول الوصول نَحْوَ أهدافه الرئيسة بثقة كبيرة، وينطلق من رؤية شاملة لمفهوم الترابط بَيْنَ الوطن والمواطن، رؤية عميقة ترتكن على كافَّة الأسباب الممكنة لِتعززَ روح الولاء، وترسِّخَ تفاعل القيادة مع شَعبها الوفي، ما يُسهم في تعميق مبدأ وثقافة الانتماء.
هذه الرؤية الَّتي آمَنَ بها المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ كانت بوَّابة النَّجاح لِمَا تَحقَّق من إنجازات نهضويَّة كبيرة طوال مدَّة حُكمه، وهي رؤية طوَّرها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ وعمل على تنميتها بشكلٍ ملحوظ، وجعلها بوَّابة العمل الوطني، حيث عمَّق هذا الترابط عَبْرَ بوَّابة المشاركة الشَّعبيَّة في التخطيط والتنفيذ معًا، وكانت رؤية «عُمان 2040» الطموحة خير مُعبِّر عن تلك الرؤية السَّامية لِمُجدِّد نهضة عُمان المباركة، والَّتي تعمل على بناء منظومة وطنيَّة شاملة تنصهر لِتؤسِّسَ دَوْرًا مجتمعيًّا بارزًا في بناء الولاء والتلاحم والانتماء الوطني، حيث يدرك جلالته أهمِّية هذا الدَّوْر الوطني في تحقيق جلِّ الأهداف الوطنيَّة المنشودة.
ويأتي تأكيد جلالة السُّلطان المُعظَّم على هذا الدَّوْر الشَّعبي الملحوظ والمتنامي منذ تولِّي جلالته مقاليد الحُكم، حيث أشار جلالة القائد أثناء خِطابه الأخير أثناء افتتاح دَوْر الانعقاد السَّنوي الأوَّل للدَّوْرة الثَّامنة لمجلس عُمان، إلى دَوْر أبناء عُمان الأساسي فيما تَحقَّق خلال الأعوام الأربعة الماضية من إنجازات متواصلة في مسار التنمية الشاملة، حيث حرص جلالته دائمًا على المُضي قُدُمًا نَحْوَ ترسيخ مبدأ المشاركة الشَّعبيَّة. فسلطنة عُمان باتَتْ محمَّلةً بطموحات شَعبيَّة ووطنيَّة كبيرة، وباتَتْ تستشرف مستقبلًا جديدًا قائمًا على طموحات وآمال وتطلُّعات شَعبيَّة مُتجدِّدة، قائمة على ما تَحقَّق من منجز رغم عِظَمِ التحدِّيات والأزمات الَّتي واجهتها في السَّنوات القليلة الماضية، فخطط الإنقاذ قَدْ حقَّقت المنشود، وبَقيَ المُضي قُدُمًا في الطريق المرسوم برؤى سامية ثاقبة وحكيمة، تدرك المتغيِّرات في عالَمنا المعاصر.
إنَّ التَّوجيهات السَّامية لِتَعظيمِ المشاركة الشَّعبيَّة والعمل على تنمية دَوْر الشَّباب العُماني، وتأهيله لكَيْ يتقدَّمَ مَسيرة البناء والأمل في التوجُّه نَحْوَ إحداث التنمية الشَّاملة المستدامة المنشودة، خصوصًا مع مساعي تجديد عهد النَّهضة المباركة، الَّتي سيكُونُ للشَّباب العُماني دَوْر كبير؛ كونه باتَ يُشكِّلُ ديموغرافيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا، متحوِّلًا رئيسًا، في جُملة من المتغيِّرات الَّتي تعيشها سلطنة عُمان، في طريقها نَحْوَ المستقبل، الَّذي باتَ يعتمد على مبدأ اللامركزيَّة، سواءً في التخطيط أو التنفيذ، وهو نهج يسعى إلى تمكين المُجتمع المحلِّي مِن إدارة شُؤونه والإسهام في بناء وطنِه.
إبراهيم بدوي
[email protected]