تزداد التوتُّرات على مستوى الكرة الأرضيَّة، والحروب والصراعات والأزمات المتلاحقة ماليَّة واقتصاديَّة وصحيَّة، ولَمْ تبقَ دَولة إلَّا ولَهَا تحرُّكات لوقف جماح هذه الإشكاليَّات بأيِّ طريقة كانت من خلال منتديات أو مؤتمرات. وبالأمس عُقد «حوار المنامة 2023» الاستراتيجي في دَوْرته التاسعة عشرة والَّذي يُعدُّ من المؤتمرات والفعاليَّات المُهمَّة في المنطقة والعالَم ومنبرًا للسَّلام والتسامح والتعايش السِّلمي، حيث ناقش مواضيع سياسيَّة واقتصاديَّة، وكذلك المستجدَّات على السَّاحة الإقليميَّة والدوليَّة برعاية الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء البحريني. منتدى عالمي سنوي تستضيفه لؤلؤة الخليج، ويحضره العشرات من كبار المسؤولين وأصحاب السُّمو والمعالي والسَّعادة ووفود رفيعة المستوى وقادة عسكريون وأكاديميون من مختلف دوَل العالَم؛ لِمَا له من أهمِّية للتباحث في العديد من المواضيع الاستراتيجيَّة، ومِنْها حرب «إسرائيل» على قِطاع غزَّة. وقَدْ أكَّد وليُّ العهد البحريني في كلمة الافتتاحيَّة حَوْلَ حرب غزَّة أنَّه «وضْع لا يُحتمل ويجِبُ أن نفعلَ كُلَّ ما نستطيع من أجْلِ إيقافه، مشيرًا إلى أنَّ القرآن الكريم والتوراة وجميع الكُتب السَّماويَّة حرَّمت قتْلَ المَدنيِّين والأبرياء». وأنَّه لا بُدَّ من فتح ممرَّات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانيَّة لأهالي قِطاع غزَّة وفقًا للقانون الدولي، ودعم كافَّة الجهود القائمة لِتَحقيقِ ذلك. وسيطر العدوان الإسرائيلي على غزَّة على فعاليَّات وجلسات الحوار لهذا العام لِتزامنِه مع ظروف وتطوُّرات خطيرة تمرُّ بها المنطقة، خصوصًا وأنَّ «حوار المنامة» يُعدُّ فرصة سانحة لطرح الحلول البنَّاءة، والرؤى للعديد من مشكلات المنطقة والعالَم بشكلٍ عامٍّ سنويًّا.
فهو منصَّة استراتيجيَّة تجمع أصحاب الاختصاص والخبراء والمفكِّرين والعلماء من مَدنيِّين وعسكريِّين واقتصاديِّين على طول دَوْراته السَّابقة، ويحظى بالاهتمام العالَمي من كبرى مؤسَّسات اتِّخاذ القرار. وبالأمس شهدت المنامة مناقشات ولقاءات مُهمَّة وحيويَّة من كبار المسؤولين الدوليِّين للتباحث في مستقبل المنطقة والعالَم، وتخفيف حدَّة التوتُّرات الإقليميَّة والدوليَّة وخلق مبادرات جديدة للسَّلام الإقليمي وغيرها. لذا كانت المنامة، محطَّة أنظار العالَم وكبار السَّاسة؛ لِمَا يُمثِّله المنتدى من أهمِّية من خلال مناقشة محاور في غاية الأهمِّية في هذه الدَّوْرة الَّتي حظيت بمشاركة حوالي (450) شخصيَّة مسؤولة يُمثِّلون (40) دَولة وهُمْ من صنَّاع السِّياسة في العالَم والمفكِّرين الاستراتيجيِّين والاقتصاديِّين والعسكريِّين. فحوار المنامة يُعدُّ قمَّة شاملة متخصِّصة في المنطقة والعالَم، لذا فمملكة البحرين استطاعت الوصول إلى رؤية مشتركة وموحَّدة للأمن في المنطقة من خلال ما تمخَّض عَنْه منتداها السَّنوي من مخرجات للتحدِّيات السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والأمنيَّة الَّتي تعيشها منطقة الشَّرق الأوسط وكافَّة دوَل العالَم، وكذلك في مجال الطَّاقة، لذا اختتم «حوار المنامة» بعد نقاشات متعمِّقة وأطروحات عديدة، تتعلق بمستقبل الشَّرق الأوسط، وكُلِّ الاجتماعات والمؤتمرات والمنتديات الَّتي تُعقد هنا وهناك، هدفها إيجاد حلول لأزمات المنطقة والعالَم في المقام الأوَّل مع ضرورة تعزيز التعاون الدولي بَيْنَ الدوَل وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار من خلال مقاربتها للأحداث الرئيسة في المنطقة والعالَم بشكلٍ عامٍّ. وكما قال ولي العهد البحريني «يجِبُ أن تنتصرَ الدبلوماسيَّة والقانون الدولي في حلِّ الأزمات والحروب في غزَّة، وفي أيِّ صراع في أيِّ منطقة جغرافيَّة أخرى في العالَم».. والله من وراء القصد.
د. أحمد بن سالم باتميرا
[email protected]