تكشَّفت النِّيَّات الخبيثة الَّتي يحملها كيان الاحتلال الصهيونيِّ للفلسطينيِّين في قِطاع غزَّة، حيث يسعى هذا الكيان المارق الإرهابيُّ إلى زيادة المعاناة الإنسانيَّة للفلسطينيِّين باستخدام كافَّة أوْجُه القمع والإرهاب والحصار؛ لإجبار سكَّان قِطاع غزَّة على النزوح، لِتُسطِّرَ هذه النَّازيَّة الجديدة مرحلةً جديدة من مراحل التهجير القسريِّ، وتخلُق نكبةً مُتجدِّدةً، تُماثلُ نكبة عام 1948 والَّتي شهدت مذابح وجرائم مسطورةً في صفحات التَّاريخ خلَّفت تهجير أكثر من (750) ألف فلسطينيٍّ، دُونَ أنْ يتمَّ محاسبة كيان الاحتلال الصهيونيِّ على جرائمه ومذابحه، وفي ظلِّ وجود المادَّة (49) من اتفاقيَّة جنيف الرابعة الَّتي تحظُر الإخلاء القسريَّ وتُجرِّمه، ما يؤكِّد أنَّ القوانين وحدها والقرارات لا تستطيع معالجة الأزمة، ولا تستطيع إيقاف العدوان.
وعلى ذات الطريق، وبنَفْسِ المنهجيَّة القذرة، يَسيرُ كيان الاحتلال الصهيونيِّ، ويعمل على إجبار سكَّان قِطاع غزَّة على التهجير القسريِّ، من الشمال إلى الجنوب، في خطَّة وضحت معالمها للعالَم أجمع تهدف إلى الاستيلاء على كامل الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة، وتصفية القضيَّة عَبْرَ نيَّته على إجبار سكَّان قِطاع غزَّة على النزوح نَحْوَ سيناء المصريَّة، ثمَّ اختلاق موقفٍ مُشابهٍ في الضفَّة يقوم هذا الكيان الإرهابيُّ بعدها بشَنِّ عدوان متصاعد على سكَّان الضفَّة، وقَبلهم عرب الـ48، وهو ما يؤكِّد أنَّ مجازر كيان الاحتلال الصهيونيِّ في قِطاع غزَّة، وما ارتكب من جرائم ضدَّ الإنسانيَّة في فلسطين، من قتْلِ أطفالٍ ومَدنيِّين وكبار سِنٍّ، لِيتجاوزَ عدد الشهداء (12) ألف شخص، واستخدام المجاعة والماء والدَّواء سلاحًا للحرب، وعقابًا جماعيًّا ضدَّ شَعب غزَّة، ما هي إلَّا خطَّة مدروسة موضوعة مسبقًا، ولَمْ تكُنْ ردًّا على عمليَّة «طوفان الأقصى» كما يشيع كيان الاحتلال وحلفاؤه.
إنَّ استمرار كيان الاحتلال الصهيونيِّ في مُخطَّطه الخبيث عَبْرَ مواصلة إصدار أوامر إخلاء للمَدنيِّين الفلسطينيِّين في شمال غزَّة ومطالبتهم بالتوجُّه إلى الجنوب، في الوقت الَّذي يواصل فيه هجماته على الجنوب، خصوصًا مُخيَّمي النصيرات والبريج للاجئين، يؤكِّد نيَّات التهجير القسريِّ، الَّذي ـ للأسف الشديد ـ يوجد مَنْ يُروِّج له، ويُمهِّد له الطريق عَبْرَ بوَّابة إقامة مُخيَّمات لجوء ومُدُن طبيَّة، ستكُونُ النواة الأولى لِتحقيقِ أهداف الكيان الصهيونيِّ الخبيثة، الَّتي تتَّضح رويدًا رويدًا، حيث باتَ قِطاع غزَّة مقبرةً تكاد لا تصلُح للسُّكنى جرَّاء التدمير المُمنهَج، في جريمةٍ نازيَّة لَمْ يَعُدْ السُّكوت عَلَيْها مقبولًا، وباتَ أمام أصحاب الضَّمير الحُرِّ في هذا العالَم موقفٌ واحد لا يُمكِن الحياد عَنْه، وهو الوقف الفوريُّ لإطلاق النَّار وحماية المَدنيِّين الفلسطينيِّين، ووقف النَّقل القسريِّ، وتوفير المساعدات الإنسانيَّة على نطاق واسع دُونَ أيَّة عوائق، لإنقاذ أرواح المَدنيِّين ووضعِ حدٍّ لمعاناتهم واسعة النطاق.
ويظلُّ الوقوف أمام هذا المُخطَّط الصهيونيِّ، الفاشل بالضرورة، رهينة صمود الشَّعب الفلسطينيِّ، ورفْضِه إحداث نكبة جديدة للقضيَّة الفلسطينيَّة، وتماسُك كافَّة مُكوِّنات الطَّيف الفلسطينيِّ كَيَدٍ واحدة ضدَّ هذا العدوان الغاشم، وترك الفرصة للمقاومة للتصدِّي لهذا العدوان. فوحدة أبناء فلسطين هي الطريق الوحيد لردع النَّازيَّة الجديدة، لذا نشدُّ على أيادي أبناء فلسطين ونطالِبُهم بالتماسك والصَّبر أمام المُخطَّطات الصهيونيَّة العدوانيَّة الَّتي باتَتْ واضحة، والمدعومة من قِبل حلفاء الكيان وأعوانهم، فما النَّصر إلَّا صبر ساعة، وعلى الجانب المناصِر للقضيَّة الفلسطينيَّة مواصلة مطاردة مُجرِمي الحرب الصهاينة، والعمل على وقف العدوان في أسرع وقتٍ، فالفلسطينيون يدفعون فاتورة الأطماع الصهيونيَّة، الَّتي لَنْ تقفَ بالتأكيد على الحدود التاريخيَّة لدَولة فلسطين، فنحن أمام نظام إرهابيٍّ يسعى للسيطرة من النِّيل إلى الفرات.