خلال ظرف استثنائي بامتياز تُحقِّق كمائن المقاومة لعماليق فلسطين الهدف من اصطياد العدوِّ الَّذي لَمْ يفلحْ مسعاه في طمسِ هُوِيَّة الأراضي المحتلَّة، بعد أن رفعت المقاومة درجة التأهب للخطِّ الأحمر لِتشفيَ غليل قوم لهم ثأر بَشَري ومادِّي نتيجة ضحايا سقطوا على مرِّ التاريخ وهم يدافعون عن أرضهم ووطنهم، وطُردوا من ديارهم. وما يفعله أبطال المقاومة يذكِّرنا بزمن العماليق الَّذين هُمْ أوَّل شَعب وقف في وَجْه «بني إسرائيل» في أوائل القرن الثالث عشر قَبْل الميلاد، واليوم يُجبر عماليق فلسطين رئيس وزراء العدوِّ الصهيوني على ممارسة لعبة الموت الأخيرة، وهي لعبة لا رهان فيها من أجْل النجاة، بعد أن أُصيبت مُدُن العدوِّ الصهيوني بالشَّلل وتوقَّفت الحياة فيها وتحوَّلت من دَولة جاذبة ليَهودِ العالَم إلى طاردة نتيجة الخوف فتوقَّف مطارها «بن جوريون» عن الاستقبال للقادمين والعمل على حمل حقائب المغادرين، بفضل بسالة العمالقة الجُدد أبطال المقاومة الفلسطينيَّة الَّذين أجبروا اليهود على العيش أكثر أوقاتهم في الملاجئ، وحين يخرجون يشاهدون الدخان المتصاعد من البنايات المستهدفة، وبطبيعة الحال، تأثُّر كبير للاقتصاد. إنَّ تطوُّر أسلوب المقاومة منذ الطوفان الَّذي أدهش العدوَّ قَبْل الصَّديق جعل الصَّدمة الإسرائيليَّة عالَميَّة، والفضيحة عالَميَّة، والخسائر عالَميَّة، والمتحالفين مع «إسرائيل» أصبحوا بارزين تكسوهم البجاحة وتعلو وجوههم الحقيقة الَّتي تُعبِّر عن عنصريَّتهم، وأنَّ الديمقراطيَّة وحقوق الإنسان الَّتي يتحدَّثون عَنْها مجرَّد شعارات رغم المواقف الَّتي نشاهدها من شعوب تلك القادة ضدَّ سلوك الزعماء ليصبحوا موزَّعين بَيْنَ الخائفين والمتخفين من المواجهة بعد أن تكسَّرت براءتهم المزعومة وأحلامهم التحالفيَّة أمام عنصريَّتهم رغم مشهد الموت والبشاعة وخرافة القدرة «الإسرائيليَّة». والجانب الآخر من المعادلة والَّذي يهمُّنا هو غزَّة الصَّامدة الباهرة المُبهرة برجالها وصمودها تتلقَّى هي الأخرى ضربات أشدُّ إيلامًا تزيدها أكثر صمودًا وتودِّع الشهداء الواحد وراء الآخر وأحيانًا تكُونُ أُسرة كاملة يزفُّها أهلها فرحًا بالشهادة.وحتَّى لا يقالَ إنَّنا منحازون لأهالينا في غزَّة بعد خروجنا من الصَّدمة المُبْهرة لبراعة العماليق الجُدد في تنفيذ خطط طوفان الأقصى ببراعة نادرة حدَثَت وتحدُث وستستمرُ إلى النصر بإذن الله بعد أن طوَّرت الأساليب، فآثرنا السماع لشهادة الطرف الآخر المعتدي، وهو مرعوب من الدخول البَرِّي ويستجدي العالَم بالتدخُّل للإفراج عن الأسرى. إنَّ كُلَّ الدلائل تقول إنَّ العماليق الجُدد من رجال المقاومة الفلسطينيَّة جعلوا العدوَّ «الإسرائيلي» يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يغرق في طوفان الأقصى على حدود غزَّة. إنَّ عماليق فلسطين جعلوا قادة العدوِّ الصهيوني يدركون جيِّدًا أنَّ فلسطين ليست أرضًا بلا شَعب، بل لشَعب يملك كُلَّ الحقوق، ورغم قلَّة الإمكانات ومواقف الخذلان من البعض يعرف كيف يدافع عن تلك الحقوق، ولَمْ يخَف من الترسانة العسكريَّة الهائلة للعدوِّ ومساعدة الغرب له بقوَّة لَمْ يسبق لها مَثيل، ولَمْ تفلح الإغراءات بإطلاق الغانيات وبنات الهوى والمخدرات، من أجْل نسيان الوطن والأرض، والتخفِّي وراء الجدران والأسلاك والحصار لسنين طويلة والَّذي أقلُّ ما يقال عَنْه إنَّه أكلَ الأخضر واليابس، لِيفاجئَ العماليق الجُدد العالَم وهُمْ يصنعون صواريخ ومعدَّات حربيَّة يضربون بها العدوَّ مع خطط حربيَّة أربكته وشلَّت حركته وأفقدته الكثير من الجنود والعتاد، بعد أن أتَوا إليهم من فوق الأرض وتحتها عَبْرَ الأنفاق، لِيُدخلوا الرعب إلى كُلِّ بيت في «إسرائيل»، عَبْرَ بثِّ التهديد والوعيد، لِيثبتَ أبطال المقاومة أنَّ أرض فلسطين أرض الجبَّارين أنجبت عماليق يفجِّرون الأرض تحت أقدامهم ويجعلون للطوفان معنى تتوقف عِنده الأنفاس. إنَّها أرض باركها الله وأسرى بعبده فيها ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وأيًّا كانت النتائج الَّتي ستحدُث بعد كتابة هذا المقال، فهنيئًا لشهداء الجنَّة ورمز الكرامة فقَدْ أعادوا القرار إلى أيديهم وهُمْ يصطادون العدوَّ كما الصَّائد الماهر في اصطياد الغربان. جودة مرسي[email protected]من أسرة تحرير «الوطن»