تكشف قمَّة القاهرة للسَّلام والتي جمعت قادة ورؤساء حكومات ومبعوثي عددٍ من الدوَل الإقليميَّة والدوليَّة، للتشاور والنظر في سُبل الدفع بجهود احتواء الأزمة المتفاقمَّة في قِطاع غزَّة، وخفض التصعيد العسكري، عن قصور دولي تراكَمَ على مدار سنوات في التعامل مع القضيَّة الفلسطينيَّة، حيث يبدو أنَّ هذا القصور نابع من تغافل عن صلب القضيَّة المتمثل في وجود شَعب يرزح تحت الاحتلال له الحقُّ المشروع في المقاومة ووجود محتلٍّ رافض لتحمُّل مسؤوليَّات وتبعات الاحتلال ورافض أيضًا لتطبيق كافَّة القوانين والقرارات الأُمميَّة.
وكانت مساعي القاهرة من عقد هذه القمَّة تتضمن بالمقام الأوَّل الوقوف أمام مخطَّط لتصفية القضيَّة من خلال التهجير الجبري للفلسطينيِّين في قِطاع غزَّة ما يخلق نكبة جديدة، بالإضافة إلى مساعٍ أخرى عَبَّر عَنْها البيان الرئاسي المصري مثَّل بناء توافق دولي عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السِّياسيَّة… محوره قِيَم الإنسانيَّة وضميرها الجمعي ينبذ العنف والإرهاب وقتل النَّفْس بغير حقٍّ.
ومن ضِمْن المساعي أيضًا إطلاق نداء عالَمي للسَّلام، وإعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضيَّة الفلسطينيَّة على مدار العقود الماضية. وبحيث يتمُّ الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسيَّة جديدة تُمهِّد الطريق لإطلاق عمليَّة سلام حقيقيَّة وجادَّة بحيث أن يفضيَ ذلك خلال أمَدٍ قريب ومنظور إلى إقامة الدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقيَّة.
بل إنَّ البيان عبَّر صراحة عن أنَّ الموقف الدولي سعى ـ على مدار عقود ـ لإدارةِ الصراع وليس إنهاءه بشكلٍ دائم، «كما اكتفى بطرح حلول مؤقَّتة ومُسكِّنات لا ترقى لأدنى تطلُّعات شَعبٍ عانَى على مَرِّ أكثر من (80) عامًا من الاحتلال الأجنبيِّ ومحاولات طمْسِ الهُوِيَّة وفقدان الأمل».
أمَّا أهمُّ ما يُعبِّر عن القصور الدولي في التعامل مع القضيَّة الفلسطينيَّة والذي برز جليًّا في هذه القمَّة فهو عدم خروجها ببيان ختامي حيث «رغب ممثِّلو الغرب في أن يتضمَّنَ البيان فقط إدانة لحركة حماس، مع الرفض القاطع لإدانة «إسرائيل» على الرغم ممَّا ارتكبته من مجازر خلال عدوانها الشامل والمستمر، كما امتنع الغرب أيضًا عن المطالبة بوقفٍ عاجل لإطلاق النَّار ودخول المساعدات الإنسانيَّة إلى القِطاع المحاصر».
كما أنَّها وفقًا لتسريبات إعلاميَّة فإنَّ الدوَل الأوروبيَّة الكبرى لَمْ تكُنْ راغبةً في صدور أيِّ بيان بغَضِّ النظر عن صياغته، حيث تقول مصادر إعلاميَّة إنَّ ممثِّلي الدوَل الأوروبيَّة «تحجَّجوا بأسبابٍ واهية، وكُلَّما طُرحت حلول وسط لَمْ يوافقوا عَلَيْها لأنَّهم غير راغبين في صدور بيان». إنَّ حرص الغرب على إدارة الصراع دُونَ حلٍّ لَمْ يفضِ على مدار عقود إلَّا للمزيد من الدِّماء، ويبقى الحلُّ الجذري هو امتثال الاحتلال للقرارات الدوليَّة.


هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]