عمّان ـ العُمانية: يشتمل معرض (عمان – القدس 70كم)، المقام على جاليري بنك القاهرة عمّان للتشكيلي الأردني هاني حوراني، على أربعين عملاً فنيًّا تجسّد مشاهد ملتقطة لمدينتي القدس وعمّان. ويشير عنوان المعرض الذي يستمر حتى 15 نوفمبر المقبل، إلى تلاصق المدينتين اللتين لا تبعدان عن بعضهما بعضًا إلا سبعين كيلومترًا، لكن الاحتلال الإسرائيلي فصلهما بحدود شائكة وأسيجة ومعابر تفتيش وإجراءات تقييدية مختلفة. ونُفِّذت أعمال المعرض من خلال المزج بين التصوير الفوتوغرافي وألوان الأكريليك والزيت ومواد مختلطة وخشب، وهي التقنية التي عُرف بها الفنان ومارسها في عدد كبير من أعماله الفنية، وبخاصة تلك التي تستلهم معالم المدن المعمارية والحضارية، والملتقَطة لمساكن تنتشر فوق جبال كلّ من القدس وعمّان وتتراكب فوق بعضها بعضًا كما لو أنها قطع من أحجية معمارية مدهشة. وفي أعماله التي تتناول معالم من القدس، يقدم حوراني صورًا التقطها في تسعينيات القرن الماضي لأسوار المدينة القديمة، ومداخلها المهيبة، وأسواقها التاريخية ومنازلها ومدارسها ومساجدها وكنائسها التي تتعانق في فضاء اللوحة وتتآخى، معلنةً عن روح واحدة تنشد الأمن والسلام المفقودَين. كما يصوّر الفنان البيوت المرصوفة على سفوح جبال عمّان، المدينة التي تشبه القدس في معالمها وتضاريسها وعمرانها، مؤكدًا القواسم المشتركة بين المدينتين تاريخيًّا وحضاريًّا، والتوأمة بينهما التي لن تمحى رغم محاولات الاحتلال تهويد القدس وطمس هويتها. وفي عدد من الصور، يكتفي حوراني بوضع لمسات لونية طفيفة على الصورة الفوتوغرافية التي تحتفظ بتفاصيلها التصويرية بشكل واضح، بينما يكثف في لوحات أخرى حضورَ الألوان المضافة على الصورة متلاعبًا مفردتي الظل والضوء فيها إلى أن تختفي ملامحها الفوتوغرافية وتبدو أقرب للرسم الخالص بالألوان. ويلحظ المشاهد لأعمال المعرض العديد من الإشارات التي يتركها الفنان على أسطح لوحاته لتشير إلى تأثير الزمن على المكان، فهو بقدر ما يُضعف البنيان شكليًّا يمنحه سحرًا خاصًّا وعمقًا تاريخيًّا. ومن تلك الإشارات: الجدران المتشققة، وطبقات الطلاء المتآكلة، وتساقط الطوب الأحمر الذي يزين أسطح العمائر، والشبابيك القديمة ذات الأقواس المميزة والتي تغطيها الأسيجة التي يعلو بعضها الصدأ. هذه المقاربة التي يتبعها حوراني منتجًا أعمالًا فوتوغرافية بروح تشكيلية، تقدم تجربة جمالية ثرية في المحتوى الفكري والبصري على حدّ سواء، كي يظل المشاهد في حالة تأرجح ومراوحة بين الصورة الملتقطة بعين الكاميرا وبين اللمسات التشكيلية المدروسة.